إذا كان السجن خلوة الأسير الروحانية على مدار العام، فشهر رمضان زاد الصبر للأسرى واكتساب المزيد من طاقة تحمل الألم والمعاناة، والصمود والتحدي للسجان وسياساته وانتهاكاته، في رمضان تتضاعف العزيمة والإرادة رغم أنف السجان، في هذا الشهر الفضيل يتسامح الأسرى ويتصالح، وتكثر فيه المنافسة فى مجال التعليم والثقافة والمطالعة والمسابقات الدينية والعلمية. في رمضان تتحول الزنازين إلى مساجد رغم عدم وجود مصلى عام أو تراويح جماعية، يتدارس فيها الاسرى التفاسير ويهتموا بالقرآن الكريم وتلاوته، وشرح الأحاديث والسنن النبوية، ومطالعة كتب التفاسير للعلماء والصالحين، وتكثر التسابيح وتتحول الأقسام إلى زوايا وتكايا للعبادة وحلق الذكر والمنافسة في الحفظ والتلاوة والتثبيت. في رمضان أتذكر سحور رمضان المتواضع والمتكرر مرة سحور بالفول وثانية بالبيض وبعض الملاعق من اللبنة، ولكن بلا «قمر دين أو حلاوة بالمكسرات» سُفرة الطعام القليلة بكمها ونوعها، ومن الأسرى من يفطر على وجبات من أيدى الأسرى الجنائيين الذين لا يتوانون أحياناً بوضع الأوساخ عمداً في الطعام، وإن حافظوا فطريقة الطهي مختلفة وغير محبذة، بلا شوربة خضروات أو حبات تمر أو حلويات كالقطايف والسهر بلا فواكه أو مكسرات. وفي رمضان رغم المحاولات بتدمير بنية الأسير فيهتم الأسرى بصحتهم البدنية، ويهتم الأسرى بالأنشطة الرياضة اليومية في الساحات والغرف، ويستعلي الأسرى على جراحهم وإظهار السعادة على محياهم واخفاء مظاهر الألم والحزن رغم عوائق السجان ومنغصاته.