«دقلة نور» المفضلة بأسواق الخليج وأوروبا اقتحمت التمور الجزائرية، منذ مطلع سنة 2023، أسواقا دولية جديدة شملت مختلف القارات بفضل مصدري ولاية بسكرة، وفق مدير غرفة التجارة والصناعة «الزيبان». واستطاع هذا المنتوج الوطني أن يصل، ولأول مرة، إلى فضاءات تجارية دولية جديدة، على غرار أستراليا وأندونيسيا وبنغلاديش وأذربيجان وكذا الكونغو وأنغولا والسينغال وغانا، وهذا إلى جانب الأسواق التقليدية كفرنسا وبلجيكا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وكندا وموريتانيا والإمارات العربية المتحدة، حسب طارق بن عبد الرحمان، الذي أشار إلى أن ما لا يقل عن 314 عملية تصدير أنجزت على مستوى غرفة التجارة والصناعة «الزيبان» وذلك بصرف النظر عن عمليات مماثلة سجلت لدى الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، لاسيما نحو دول عربية. ووصف بن عبد الرحمان حصة التمور المصدرة خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2023 (أكثر من 30 ألف قنطار) ب»المعتبرة»، ومن المرتقب - حسبه - أن تتضاعف في نهاية السنة الجارية، على اعتبار أن منحنى الكميات المصدرة من التمور يتصاعد سنويا، نظرا للطلب المتزايد عليها حيث أن الكميات المصدرة بلغت 52 ألف قنطار سنة 2022 وقبل ذلك 36 ألف قنطار سنة 2021. وأبرز مدير غرفة التجارة والصناعة «الزيبان» أن عدد مصدري التمور، على سبيل الذكر، نحو دولة موريتانيا سجل ارتفاعا، حيث انتقل من مصدر واحد إلى 17 مصدرا في غضون السنة الجارية. بدوره، أكد عزالدين غزال صاحب مؤسسة «غزال» لتوضيب وتصدير التمور المتواجدة ببلدية أورلال، أن التمور الجزائرية، خاصة منها دقلة نور التي يتم توضيبها بمؤسسته، استطاعت أن تقتحم أسواق أمريكا اللاتينية، على غرار الأرجنتين والبرازيل، كما تم تصدير التمور الجزائرية- حسبه- إلى شرق آسيا وأذربيجان عبر موردي التوابل الذين قاموا في خطوة عكسية بتصدير التمور إلى هذه الأسواق. وذكر غزال أن مؤسسته التي تصدر التمور بشكل مباشر أو عبر متعاملين آخرين، صدرت هذا الموسم كميات تجاوزت الألفي قنطار من مختلف الأصناف وجهت نحو فرنسا وألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية وكندا فيما وصلت هذه المنتجات عبر وسطاء ومصدرين اشتروا منتجات المؤسسة إلى دول أخرى بقارة آسيا كماليزيا وأذربيجان وإندونيسيا ودول إفريقية كالسينغال وكوت ديفوار وموريتانيا. من جهته، أفاد صاحب مجمع «البركة» لتوضيب وتصدير التمور وصناعة مواد التغليف بطولقة، علي مانع، أن تصدير التمور نحو أسواق جديدة يعد بمثابة «خطوة عملاقة تترجم إرادة المصدر الجزائري في تسويق المنتجات الوطنية إلى أبعد المناطق»، مبرزا أن مؤسسته تمكنت هذا الموسم من دخول السوق الماليزية بحصة 40 طنا، فضلا عن تصدير نحو 1.800 طن سنويا من التمور ومشتقاتها نحو فرنسا وألمانيا والسويد وإيطاليا. بنية تحتية قوية للمحافظة على فضاءات التصدير الجديدة يشكل تموقع التمور الجزائرية في الأسواق العالمية الهدف الأساسي الذي يتطلع إليه مختلف الفاعلين في المجال، حيث يتيح ذلك تسويق المنتوج الوطني بقيمته الحقيقية وضمان عدم كساده، فضلا عن تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وضمان مداخيل إضافية خارج قطاع المحروقات، على حد قول مدير غرفة الصناعة والتجارة «الزيبان». وقد ساهم وجود بنية تحتية قوية بإقليم ولاية بسكرة، متمثلة خاصة في محطة شحن بالمطار وكذا المئات من غرف التبريد وعشرات المؤسسات المتخصصة في توضيب وتكييف ومعالجة التمور والصناعة التحويلية التي تعتمد بعض الأنواع كمادة أولية، ساهم «في الانطلاقة الحقيقية لتحقيق مسعى تصدير المنتوج الوطني دون الإخلال بمواصفات الجودة والنوعية»، وفقا للسيد بن عبد الرحمان، الذي أكد في ذات الصدد أن التمور الجزائرية حافظت على الوتيرة التي تمكنها من التواجد كل موسم بالكمية والنوعية المطلوبة والاستجابة للطلبيات دون تسجيل اختلالات تجعلها غير قابلة للتسويق. في سياق متصل، أشار أن هذه البنية التحتية التي توفر سلعا جاهزة للتصدير ترافقها إرادة قوية من المهنيين، خاصة على المستوى المحلي من الذين انخرطوا في عمليات التصدير وساهموا إلى جانب السلطات المعنية في تشخيص العوائق وتذليلها لترقية التصدير من خلال معالجة الانشغالات المطروحة ولاسيما في مجال النقل البري نحو الأسواق الإفريقية. للإشارة، فإن التمور الجزائرية التي تتميز بنوعية رفيعة وقدرة تنافسية عالية وعدم تأثر تسويقها بالظروف العالمية بإمكانها الحفاظ على الأسواق الجديدة التي اقتحمتها بتضافر جهود كل المتعاملين ولاسيما المصدرين الذين لديهم ميزات خاصة، منها التي تتعلق بالقدرات المالية والشهادات النوعية لمواجهة المنافسة، وفقا لمدير غرفة التجارة والصناعة ببسكرة. تثمين المنتوج وتكثيف الصادرات بغرداية تشهد شعبة التمور بولاية غرداية تطورا «ملحوظا»، حيث يزداد الاهتمام بها من قبل الفلاحين الذين يجتهدون من أجل تثمين هذا المنتوج الفلاحي الجزائري لضمان مردودية أفضل بما يسمح بترقية قيمة تنافسيتها وبالتالي تكثيف الصادرات نحو الأسواق الخارجية. وتسجل قدرات هذه الثروة الفلاحية زيادة هامة لتوفر عدة عوامل، سيما منها استحداث محيطات فلاحية جديدة عبر أراض قابلة للحرث بالولاية وإنجاز السلطات العمومية أشغال حشد وتخزين الموارد المائية الباطنية، مثلما أوضح مسؤول الإحصائيات بمديرية القطاع، المهندس الرئيسي خالد جبريط. وقد قفز تعداد النخيل المنتجة للتمور من 695.000 نخلة في 2002 إلى نحو 1.300.000 نخلة في 2022 وذلك بفضل تجسيد عديد برامج التنمية الفلاحية التي بادرت بها السلطات العمومية وأيضا لأنشطة التحسيس الوقائية لفائدة مزارعي النخيل حول الرهانات المرتبطة بإنتاج التمور ذات النوعية والتي يكثر عليها الطلب، لاسيما في الأسواق الخارجية، يضيف ذات المتحدث. وأضاف، أنه يتم غرس في كل سنة نحو 200 هكتار من النخيل عبر ولاية غرداية باستعمال فسائل النخيل التي تنتج التمور ذات النوعية ذات القيمة التجارية العالية والتي يرتفع عليها الطلب وطنيا وعالميا، على غرار أصناف «دقلة نور» و»بنت قبالة» و»العدالة» و»تيمجوهرت». وباعتبار أن ولاية غرداية تعد واحدة من المناطق الهامة المنتجة للتمور بالجزائر بنحو 1.300.000 نخلة منتشرة على مساحة 13.000 هكتار من ضمنها 1.148.260 نخلة منتجة، فإنها تحصي 145 صنفا وراثيا للتمور عالية الجودة وذات قيمة تجارية هامة، لكونها تتميز بمذاق عسلي وبحجم متناسق للثمرة. علما أن عديد الأصناف قد أنتجت من قبل الفلاحين بعد القيام بعمليات تهجين لنوى التمور، مثلما أوضح من جهته الخبير في التمور محمد بلقدج. وبالفعل، فإن هذه الشجرة التي تحصي حاليا زهاء 20 مليون نخلة من ضمنها أكثر من 12 مليون نخلة منتجة للتمور بالجنوب الجزائري، توفر نطاقا واسعا من الأصناف ذات الاستعمالات المتعددة وفي مقدمتها التمور، وهي فاكهة النخلة التي تشكل المادة الغذائية الأساسية لسكان مناطق الجنوب، التي تحتضن مخزونا وراثيا في غاية الأهمية المقدر بأكثر من ألف صنفا من التمور والتي من أشهرها «دقلة نور» و»الغرس» و»تيمجوهرت» و»بنت قبالة» و»الدقلة البيضاء»، حيث تعد الكمية المنتجة في الجزائر من أفضل الكميات المنتجة من التمور في العالم، سيما منها صنف «دقلة نور»، كما أشير إليه. ويتميز نوع «دقلة نور» الجزائرية بلونها الذهبي الفاتح والشبه شفاف الذي يكشف نضارته من خلال جوهره ومذاقه العسلي، ويعد من التمور المفضلة للتصدير، سيما نحو الأسواق الأوروبية وكندا وبلدان الخليج. كما تستغل مشتقات النخيل المنتج للتمور أيضا من قبل السكان بالمناطق الواحاتية في عديد الأنشطة، سيما منها بناء السكنات والصناعة التقليدية، سيما في الأثاث والمقتنيات الزخرفية وأيضا في إعداد الأدوات المستعملة في الفلاحة، وعلى شكل مصدات في مكافحة ظاهرة زحف الرمال. تدابير مكثفة لدعم الشعبة وبغرض الزيادة في الإنتاج والحماية من الأمراض التي تهدد النخيل، فقد أقرت السلطات العمومية تدابير وإجراءات مكثفة لدعم شعبة التمور والتي تتمثل بالخصوص في عمليات إعادة الإعتبار لواحات النخيل وتوسيع المساحات القابلة للزراعة وغرس فسائل جديدة للنخيل والحماية الصحية للنباتات. ويطمح فلاحو هذه المنطقة إلى المساهمة في تنمية هذه الثروة الفلاحية التي تعد مفخرة ومصدرا لمداخيل العديد من سكان المناطق الواحاتية بالجنوب الجزائري، من خلال إدخال أصناف من هذه الفاكهة ذات القيمة التجارية العالية والمذاق السحري. وبهدف تثمين هذا الصنف من التمور العالية الجودة، يبذل عديد الفلاحين جهودا مضنية لاختيار براعم النخيل المنتج للتمور، واستخدام النباتات المختبرية وتنظيف خصلات النخيل بهدف تحسين الإنتاجية ونوعية التمور، مع الحرص على حماية المصادر الوراثية لكل واحدة، مثلما جرى شرحه. وعلى الرغم من النجاعة التي حققتها شعبة التمور بولاية غرداية، إلا أنها مازالت تجابه عدة تحديات، سيما منها ما تعلق بالنوعية والإنتاجية وقلة اليد العاملة المؤهلة لصيانة النخيل وعمليات جني التمور، وفق ما تم توضيحه. ورغم تلك التحديات، فإن عديد الفلاحين بولاية غرداية قد تمكنوا من تطوير استراتيجية لتنمية مستدامة، وقاموا بتطبيق ممارسات ومقاربات سمحت لهم بالحياة وترقية شعبة التمور من خلال استحداث وحدات عائلية لتوظيب التمور، واعتمادهم نظاما لزراعة مكثفة ومتنوعة مشتركة، سيما منها تربية المواشي والصناعة التقليدية.