تقع على عاتق البرلمان مهمة ماراطونية لحسم موقفه من عدة مشاريع قوانين في غاية الأهمية لتجسيد رفع التجريم عن فعل التسيير، ومواصلة مسار استعادة هيبة الدولة والإصلاح الاقتصادي والقضائي. كل ذلك مرهون بعامل الزمن، إذ لم يتبق الكثير لاختتام الدورة التشريعية، ما يقوي احتمال طلب الحكومة لتمديدها بأيام إضافية. بين عمل اللجان الدائمة وبرمجة جلسات المناقشة، يسابق البرلمان بغرفتيه والجهاز التنفيذي، الزمن لتمرير حزمة قوانين جديدة، قبل نهاية الفترة التشريعية الحالية المقررة دستوريا في «آخر يوم عمل من شهر (جوان)». نوعية النصوص التي وصلت المجلس الشعبي وأهميتها، لا تقبل مزيدا من التأجيل، وعلى رأسها مشروع القانون المتعلق بمنح العقار الاقتصادي التابع للأملاك الخاصة للدولة، الذي يعتبر حجر الأساس في ترجمة مضمون قانون الاستثمار المصادق عليه الصيف الماضي. هذا القانون عرضه وزير المالية، لعزيز فايد، أمام لجنة المالية والميزانية، أمس الأول، رفقة مشروع القانون المحدد للقواعد العامة للصفقات العمومية، الذي يرمي هو الآخر إلى تحقيق شفافية أكبر في تسيير المالية العمومية وبناء اقتصاد تنافسي، ووضع مشاريع الطلب العمومية على السكة التنموية الصحيحة. وبتمرير هذين النصين، بعد إثراء ومناقشة النواب، تأمل الحكومة، أن تسجل دخولا اجتماعيا، مجسدا للفعل الاستثماري، من خلال ترجمة المشاريع المسجلة على مستوى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار وقيمتها 6 ملايير دولار، إلى واقع ملموس، من خلال تحرير العقار الصناعي وفرض القواعد الصارمة لتجسيد المشاريع. ترتبط التدابير الجديدة التي جاء بها النصين، بمشاريع قوانين أخرى، قدمتها وزارة العدل، وتتكفل بتعليمات رئيس الجمهورية، القاضية برفع التجريم عن فعل التسيير وحماية المسيرين المحليين مع التفريق بين الخطإ الإداري وسوء التسيير. وترجم ذلك في مشروعي قانوني العقوبات والإجراءات الجزائية، وإلى جانب حماية المسير، ينص قانون العقوبات على حماية الاستثمار من خلال فرض عقوبات تصل حد السجن لمدة 12 سنة إذا «ارتكبت الجريمة بغرض المساس بالاقتصاد الوطني وسهلت وظيفة الفاعل الذي ارتكبها». فيما أدرج في الإجراءات الجزائية الجديدة، إلغاء الاعتماد على الرسائل المجهولة لمباشرة التحريات، واستطلاع رأي السلطة الوصية للمسؤول المحلي في حالة ارتكابه فعلا يحتمل ارتباطه بفعل التسيير. وسبق لوزير العدل حافظ الأختام أن عرض أمام لجنة الشؤون القانونية، مشروع القانون المتعلق بحماية أراضي الدولة والمحافظة عليها، والمتضمن تجريم الاعتداء على هذه الأراضي وفرض عقوبات بالسجن تصل ل 15 سنة، مع تحديد دقيق لآجال وكيفية هدم البنايات والمنشآت المشيدة بطريقة غير شرعية. يذكر أن لجنة الثقافة والاتصال والسياحة، أنهت في الأيام القليلة الماضية، إعداد التقارير المتعلقة بمشروعي قانوني الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية والنشاط السمعي البصري، كما سيعرض القانون الخاص بمهنة المحضر القضائي للمناقشة بحر الأسبوع الجاري. هذه النصوص وأخرى، ينتظر أن تعرض للمناقشة والمصادقة العلنية، خلال ما تبقى من الدورة التشريعية التي تنتهي في آخر الشهر الجاري مثلما تنص عليه المادة 138 من الدستور، لكن كثافة العمل وأهمية القوانين ترجح بقوة فرضية تمديد عمر الدورة بطلب من الحكومة. وتنص الفقرة الثانية من ذات المادة على أنه «يمكن للوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة، طلب تمديد الدورة العادية لأيام معدودة لغرض الانتهاء من دراسة نقطة في جدول الأعمال». والأيام المعدودة قد تصل إلى أسبوعين، أي حتى النصف الأول من شهر جويلية المقبل، قبل انطلاق العطلة التشريعية، على ان تستأنف مطلع سبتمبر المقبل، وترغب الحكومة في استكمال حلقة الإصلاح القانوني لمختلف القطاعات قبل الدخول الاجتماعي، قصد الانطلاق في العمل الميداني على أسس قانونية جديدة.