سلّطت مجلة "الشرطة"، في عددها الأخير، الضّوء على جهود الدولة في رهان مواجهة حرب المخدّرات، حيث تطرّقت في ملف خاص، إلى السياسة العامة للدولة في مكافحة هذه الآفة من خلال ترسانة من النصوص القانونية التنظيمية، أخذت بعين الاعتبار مجالات الوقاية، العلاج والردع، كركائز للحد من انتشارها. وضعت قيادة البلاد نصب أعينها مجابهة حرب المخدرات والاتجار غير المشروع بها وتعاطيها، خاصة بعد أن عرفت تفاقما مخيفا، ولما لها من تأثيرات سلبية على حياة الأفراد خاصة، والمجتمع عامة، وما تشكّله من تهديد لأكبر شريحة في المجتمع، وهي فئة الشباب، حيث حرصت على تثمين التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والهيئات في مكافحة هذه الآفة. ضمن هذا التوجه، لعب جهاز الشرطة دورا محوريا لصد عدوان مروّجي المخدرات، من خلال انتهاج استراتيجية أمنية تستهدف بؤر الإجرام، حيث تطرّقت المجلة الى تفاصيل محاولة إغراق الجزائر بالأقراص المهلوسة، والتي تمكّنت المصلحة المركزية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات للمديرية العامة للأمن الوطني من إحباطها، وحجز شحنات هائلة من المهلوسات قدّرت بمليون وستمائة ألف قرص مهلوس، كان قد برمج ترويجها وسط أبناء بلدنا في الجهات الأربع للوطن على غرار العاصمة، وهران، عنابة وورقلة. وفي ملف موسوم بعنوان: "الجزائر في رهان مواجهة حرب المخدرات"، تطرّقت مجلة "الشرطة" إلى إحباط أكبر شحنة من الأقراص المهلوسة، في عملية مدروسة بدقة، تمّ تصنيفها كأكثر القضايا غرابة، إذ تجمعت في نسيج خيوطها أدهى الخدع وسبل التمويه، ابتداء من تحديد توقيت تنفيذها الذي تزامن وانشغال الشعب الجزائري بالتحضير للشهر الفضيل، بينما تحدّد توزيع الأدوار واختبار الشخصيات لتنفيذ المهمة بحذافيرها، للحيلولة دون اكتشاف هوية عناصر الشبكة التي يتولى الرأس المدبر التنسيق فيما بين عناصرها. وقالت مجلة "الشرطة" إنّ المتآمرين اختاروا شيخا ستينيا، تصرف هيئته النظر عن خبث أعماله كي يقود الشاحنة المعبأة بالمؤثرات العقلية، أما الكاشف الذي أولت إليه مهمة السير قبل الشاحنة ورصد أمان الطريق، فهو شاب ثلاثيني تتقاسم معه مشوار الطريق زوجته كشريكة في العملية لرسم صورة مضلّلة لزوجين مسافرين لا علاقة لهما بعالم الإجرام، وهو ذرّ رماد في العيون عن واقع يمثّل طامة كبرى، ويفضي إلى أموال طائلة تصل إلى 100 مليار سنتيم بعد توزيع المؤثرات العقلية في السوق السوداء. أولى مؤشرات هذا المخطط تراءت مطلع سنة 2023، حيث رصدت عناصر الأمن الوطني التابعة الى المصلحة المركزية لمكافحة الاتجار غير المشروع بوادي السمار بالجزائر العاصمة، معلومة مفادها توجيه شحنة مليونية إلى عاصمة البلاد، قادمة من دولة الجوار، مرورا بولاية تمنراست، وعلى ضوء المعلومة انطلقت التحقيقات المعمقة والتحركات العملياتية الميدانية لعناصر المصلحة، التي استغلت كل جزء من البيانات الواردة للتوصل الى طرف الخيط في القضية. عملية نوعية ثمّنها الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، في رسالة تناولت المجلة مضمونها، أكّد من خلالها أن المؤسسة الأمنية ستظل الحصن المنيع في وجه الإجرام، وكل مساعي ومحاولات المساس بالنظام العام والقيم المجتمعية لبلادنا، مشيدا بكل الجهود الحثيثة للشرطة الجزائرية التي استطاعت أن توجه ضربات قاصمة ضد مروجي المخدرات من خلال عمليات نوعية. وتطرّق الملف الخاص بالمخدرات إلى عدة محاور، على غرار منظور التشريع الجزائري لجريمة الاتجار غير المشروع بالمخدرات، السياسة العامة للدولة في إثبات الدليل العلمي الجنائي، إسهام الفرق العملياتية للجمارك في مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، تعزيز منظومة الأمن الاجتماعي لمكافحة تعاطي المخدرات، الأضرار الجسدية والنفسية المترتبة عن تعاطي المخدرات والأقراص المهلوسة. من جهة أخرى، تضمّن العدد مجريات الندوة الإعلامية بالمدرسة العليا للشرطة "علي تونسي"، حول "الإعلام الأمني ودوره في مجابهة التحديات الجيوسياسية بالجزائر"، تزامنا مع إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة، ومقالات تاريخية من شأنها الإسهام في صون الذاكرة الوطنية. كما خصّص العدد حيزا هاما لملفات ذات طابع أمني واجتماعي على غرار حوادث المرور مكافحة الجريمة، مشيدة بالدور الفعال الذي يقوم به المواطن في إطار محاربة الجريمة بفضل وعيه، وإيمانا منه بأنه شريك في معادلة الحفاظ على الأمن من خلال عمليات التبليغ التي يقوم بها، والتي تتم على إثرها مباشرة جملة من التحقيقات تنتهي بوضع حد لعدد من المجرمين.