تسعى الجزائر وهي تسابق الزمن لتحقيق إقلاع اقتصادي قوي، وهذا ما يتطلب توفير العقار الصناعي الكفيل بتحقيق هذا الانبعاث وبلوغ التنمية الاقتصادية، وهاهي اليوم الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تبحث عن حلول واقعية لتطهير العقار الصناعي والحفاظ عليه من خلال جعل الدولة هي الوصية الأولى والأخيرة عليه، وذلك بسن جملة من القوانين ذات الصلة أو التي هي قيد الإعداد، تتضمن مواد تجبر فيها المستثمر المحلي أو الأجنبي مستقبلا، على احترام قوانين الدولة وحماية العقار من الاستيلاء عليه عن طريق ما يسمى بعقود الامتياز، وفق تصريح أستاذ الاقتصاد بجامعة تبسة الدكتور أحمد طرطار. أكد الخبير الاقتصادي طرطار في تصريح ل «الشعب»، أن الجزائر في عشريات سابقة وواجهت صعوبات بعث الاستثمار ودفع عجلته، وبالتالي تحقيق الرقي الاقتصادي والاجتماعي، من خلال فكرة الإقلاع الاقتصادي وما يتبعه من تنويع اقتصادي في كل المجالات، مبرزا أنها واجهت بعض العراقيل في توفير العقار الصناعي الكفيل بتحقيق هذا الانبعاث والتنمية، بما توفر لديها من إمكانات مادية جراء عوامل ارتفاع قيمة إيرادات المحروقات بصفة عامة، ومن خلال وجود قوانين استثمارية على غرار قانون 2022، والتي من شأنها أن تفعل الاستثمار، وتسمح بإنشاء مؤسسات قائمة بذاتها وتدوير الفعل الاقتصادي من خلال الرغبة في هذا التقدم، ومن ثم بعث نشاط اقتصادي متميز ومن خلاله إعادة تحريك دواليب الاقتصاد برمته. بعث عقار صناعي جديد وأشار طرطار إلى أن كل تلك الأسباب دفعت الجزائر إلى التفكير في سن قوانين مختلفة على رأسها قانون العقار الاقتصادي، مبرزا أن القانون الجديد الذي يحدد شروط وكيفيات منح قانون العقار الاقتصادي التابع لأملاك الدولة والموجه لإنجاز مشاريع استثمارية، سيدرس الوضعية بشكل مستفيض مما يؤدي لمحاكاة صحيحة لواقع الأمر ويمكن أن يعيد التفكير في الهياكل القائمة التي تم الاستحواذ عليها ونقل ملكيتها عن طريق عقود إدارية وغيرها، وبالتالي لا يمكن بأي شكل من الأشكال استرجاع هذا العقار، وفق تقديرات الخبير. وبالتالي على الدولة أن تعيد النظر في بعث عقار صناعي جديد يكون غير قابل للتنازل من طرف الدولة للمستثمرين يقول طرطار الذي أكد على ضرورة أن يكون مرتبطا بعقود الامتياز، وعندئذ يمكن استرجاعه في أية لحظة وفي ذات الحين، ليوضح أنه «إذا كان النشاط قد مر عليه فترة زمنية معينة في حدود خمس سنوات إلى ست سنوات ولم يتم تفعيله، فإنه يعاد استرجاعه مباشرة، وهذا ما يجب أن يراعى في هذه القوانين الجديدة، مما يؤدي إلى حسن إدارة الموارد الترابية الموجودة لدينا، وموارد جمة ممتدة في آفاق كبيرة باعتبار أن الجزائر قارة وتحتل المرتبة التاسعة دوليا من حيث المساحة». محاربة نهب العقار الصناعي وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة تبسة، أن الامتداد الجغرافي للجزائر يجب استغلاله استغلالا جيدا، من خلال سن قوانين من شأنها أن تؤطر هذه الاستثمارات تأطيرا جيدا، حتى لا يمكن استغلالها وتدويرها من طرف المستثمرين، ولا يتم الاستحواذ على العقار الاقتصادي من طرف البعض، حيث تبقى الدولة الراعي الأول والأخير لهذه العقارات وهي تتصرف فيها كلما اقتضت الضرورة لذلك، حيث تكون هذه العقارات قابلة للاسترجاع من طرف الدولة، ومن هنا يمكن الحديث عن عملية ترشيد استخدام العقار الفلاحي والصناعي والسياحي، وبقية العقارات الأخرى، بما يمكن أن يتم تجسيده عبر هذه القوانين التي هي قيد الإعداد، يقول محدثنا، في إشارة منه للقانون الجديد للعقار المتواجد على مستوى البرلمان. واعتبر الخبير الاقتصادي، أن العقار الصناعي له دور فاعل في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يؤدي إلى تحريك دواليب الاقتصاد وتوفير الأدوات والآليات المختلفة التي تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مذكرا ببعض المناطق الصناعية عبر مختلف ولايات الوطن، على غرار قسنطينة، سيدي بلعباس، سكيكدة تيزي وزو، ليؤكد أن مثل هذه العقارات من شأنها أن تدر نفعا وتحدث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفر وسائلَ لتحقيق هذه التنمية، من باب أن العقار الصناعي له دور مهم يؤدي إلى تدوير بقية العقارات، سواء كانت فلاحية، سياحية أو غيرها. الاستحواذ الكلي على العقار الصناعي وقدم الخبير عرضا كرونولوجيا لمسار العقار الصناعي قبل وبعد عقد التسعينيات وذكر أنه قبل مطلع تسعينيات القرن الماضي، كانت هذه المنشآت تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، لكن مع مجيئ فترة التسعينيات التي وصفها بالمظلمة، قال إنه تخللتها فترة العشرية السوداء لتليها فترة فساد، أين تم الاستحواذ الكلي على العقار الصناعي وتحويله الى غير وجهته، حيث هناك ما تحول منه إلى مواقعَ للترقية العقارية، وهناك ما شيدت عليه فيلات وقصور، وهناك ما تحول إلى مجالات أخرى، وبالتالي تم الاستحواذ المطلق على بعض المناطق الصناعية التي كانت متواجدة في الولايات، أو في مناطق النشاط التي كانت موجودة في هذه الولايات وبعض المدن الكبرى التي تستقطب ساكنة كثيرة وتمارس فيها نشاطا معتبرا. وحرص طرطار على التأكيد على أن الملف ذاته، وفي إطار الإقلاع الاقتصادي اليوم، هاهو يعرف وتيرة متسارعة لضبط وحماية العقار الصناعي، من خلال سن قوانين مختلفة تصب قي خانة الحفاظ على المصالح العليا للدولة والمجتمع ككل.