من يُقبض عليه مضارباً سيندم ندماً شديداً وتسليط 30 سنة سجناً ضدهم ليست بالكثيرة أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال لقائه الإعلامي الأخير، أنه بالرغم من تنبؤ بعض الأطراف بانفجار الوضع في الجزائر، إلاّ أن الأوضاع في الجزائر بقيت مستقرة، نظرا لأخذ الجزائر مشاكلها بعين الاعتبار وحلها بإمكاناتها الخاصة، قائلا في هذا الصدد "نحن لا نخبئ الغبار تحت السجاد". وعدد الرئيس الإجراءات التي اتخذت لتدعيم القدرة الشرائية، والتي تنوعت بين رفع القدرة الاستدلالية ورفع منحة التقاعد والبطالة، مؤكدا أن سلسلة الرفع في الأجور ستستمر في 2024 حتى تتراوح نسبة الزيادات بين 47٪ و50٪. كان رئيس الجمهورية قد أقر، في وقت سابق، زيادات في الأجور والمنح والمعاشات، أدرجت مخصصاتها المالية في قانون المالية لسنة 2023، والتي انعكست في ميزانية التسيير، وكذا في موازنة قطاع العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي التي ارتفعت بنحو 7.2 ملايير دولار، وعلى إثر ذلك استفاد أكثر من مليون و800 ألف بطال من رفع منحة البطالة، من 13 ألفا إلى 15 ألف دينار صافية، من كل الرسوم، علاوة على تكفل الدولة بأعباء التغطية الصحية للبطّالين خلال فترة استفادتهم من المنحة. بينما تم رفع منح المتقاعدين بنسبة تتفاوت بين 2% و5% والتي مست أكثر من 3 ملايين متقاعد، وهذا بعد تعديل قانون التقاعد لتكييفه مع الزيادات الاستثنائية في المنح والمعاشات، التي أقرها الرئيس في جانفي 2023، مجددا بذلك التزامه بمواصلة استراتيجية تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، ومنهم المتقاعدون كفئة قدّمت الكثير للجزائر خلال سنوات الخدمة. وتم رفع الحد الأدنى لمنح التقاعد في الجزائر إلى 15000 دج، لمن كان يتقاضى أقل من 10000 دج وإلى 20 ألف دينار لمن كان يتقاضى 15000 دج، لينسجم مع الحد الأدنى للأجور الذي عرف بدوره، زيادة من 18000 ألف إلى 20000 ألف دينار منذ العام 2021. كما أقر الرئيس تبون في مرحلة أولى رفع منحة التضامن إلى 12 ألف دينار لمن يتقاضى 10 آلاف دينار وإلى 7 آلاف دينار لمن يتقاضى حاليا 3 آلاف دينار، حيث ستشمل المراجعة قرابة مليون مستفيد. من جانب آخر، استفاد أكثر من 2 مليوني موظف بالقطاع العمومي، من زيادات في الأجور، وهي إحدى التزامات الرئيس عبد المجيد تبون، الرامية أساساً إلى تعزيز المكاسب الاجتماعية والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة ودعم القدرة الشرائية للمواطن وتمكينه من حياة أفضل، في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية، نظير ما يشهده العالم من صراعات. وسبق لرئيس الجمهورية أن أسدى أوامر بزيادة الرواتب، على مدار السنتين 2023 2024 ليتراوح مستواها سنويا ما بين 4500 دينار إلى 8500 دينار حسب الرتب، وهذا ما يجعل الزيادات التي تُقر خلال السنوات الثلاث 2022، 2023، 2024، تصل إلى نسبة 47٪. لا رحمة ولا شفقة مع السماسرة بالموازاة مع ذلك، أشار الرئيس في لقائه الصحفي الأخير، إلى حرصه الشخصي على مواصلة مساعي التحكم في الأسعار دعماً للطبقة الوسطى التي ناضل من أجلها، منذ الأيام الأولى لتوليه منصب في أول حكومة شارك فيها، من خلال محاربة المضاربة وتسليط عقوبات غير رحيمة بتاتاً على كل من تسول له نفسه المساس بقوت البسطاء. وقال الرئيس في هذا الشأن، إن من يقبض عليه مضارباً سيندم ندماً شديداً، كما أن تسليط عقوبة 30 سنة سجناً ليست بالكثيرة في حق هؤلاء الذين لم يستبعد أن تكون العصابة هي من تغذيهم بأموالها الطائلة في محاولة لخلق البلبلة، ولعل آخر محاولة كانت من خلال المضاربة بأسعار البقوليات والأرز، داعيا في نفس الوقت الجزائريين إلى النظر إلى الجزائر كأم حنون، وعدم المشاركة فيما يضرهم ويضر بلادهم. وعلى هذا الأساس تسعى الدولة إلى ضبط الآليات والعناصر القاعدية في مواجهة ارتفاع الأسعار، من خلال المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن، وهو مدخل أساسي ضمن الاستراتيجية العامة للدولة الجزائرية التي باتت تعتمد الاستشراف والاستباقية في مواجهة التحديات والأزمات، من خلال إعدادها لترسانة قانونية تضرب بيد من حديد من تسول له نفسه المساس بقوت الجزائريين، وعلى رأسها القانون 21-15 الصادر في 28 ديسمبر 2021، المتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة، الذي كان له دور جوهري في عملية ضبط وإيقاف الممارسات غير القانونية التي اختلقت وافتعلت الندرة في عدة مواد استهلاكية الأشهر الماضية، حيث ينص في مواده 24 على التدرج في فرض العقوبات، والتي تبدأ بحسب المادة 12 من 3 إلى 10 سنوات سجنا مع عقوبات مالية تتراوح بين 10 آلاف دينار إلى 20 ألف دينار، وتنتقل في المادة 13 من 10 سنوات سجنا إلى 20 سنة مع غرامة مالية تتراوح بين 20 ألف دينار و100 ألف دينار، فيما ترفع المادة 14 العقوبات من 20 سنة إلى 30 سنة في حال مورست أفعال المضاربة غير المشروعة في ظروف استثنائية، مثل ما حصل في الأزمة الصحية. أما إذا ارتكبت أفعال المضاربة المجرمة من طرف جماعة إجرامية أو عصابة منظمة فترتفع العقوبة إلى السجن المؤبد.