يحضر الرئيس الصحراوي، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي، أشغال قمة "بريكس 2023"، التي تستضيفها جنوب أفريقيا وذلك بعد أن لقي دعوة من الرئيس سيريل رامافوزا أسوة بباقي رؤساء دول القارة الافريقية التي تشكّل الصحراء الغربية واحدة منها. مشاركة الرئيس الصحراوي في هذا الاجتماع تكتسي أهمّية بالغة لعدّة اعتبارات، أوّلها المكانة التي تحظى بها مجموعة البريكس في عالم اليوم، كونها أصبحت تشكل قطبا اقتصاديا عالميا جديدا تتدافع أمام أبوابه العديد من دول الجنوب. كما يتوقّع لهذه المجموعة أن تصبح أكبر قوة اقتصادية في العالم في منظور قريب لأنها تجاوزت في وزنها الديموغرافي والمالي والتجاري كل القوى والتجمعات الأخرى ومنها مجموعة السبع الأكثر تصنيعا. لهذا فحضور الجمهورية الصحراوية اجتماع هذا التكتّل الاقتصادي الهام، ستكون له بكلّ تأكيد انعكاساته الداعمة لتسوية آخر قضية تصفية استعمار في القارة السمراء، وهو بكلّ تأكيد السبب الأساسي الذي جعل المغرب يختار مقاطعة اجتماع هذه المجموعة، ما يسجّل انتصارا جديدا للصحراويين وهزيمة دبلوماسية مدوّية للمخزن الذي يفضّل دائما سياسة الكرسي الشاغر للفرار من المواجهة. الضغط القوي الممزوج بالتوسل تارة والتهديد والابتزاز تارات أخرى الذي قامت به الرباط مباشرة في عواصم مجموعة البريكس وحتى على وفودها المكلفة بتحضير القمة، أسفر عن نتيجة عكسية لما عملت عليه الرباط والمتمثل في استثناء الدولة الصحراوية من المشاركة في القمة. فقد فشل المحتل المغربي في الحصول على هدفه، ما يثبت حقيقة لا بد للمغرب أن يعترف بها، في مرحلة قادمة، وهي أن القفز على وجود الدولة الصحراوية أو قطع الطريق أمام مسيرتها نحو تبوء مقعدها بين الشعوب والأمم يعد أمرا من المستحيلات السبعة. انسحاب الرباط المعلن من قمة جوهانسبورغ، المدينة الواقعة في أقصى جنوب القارة، مثل انسحابه من قمة تونس، المدينة الواقعة في أقصى شمالها، يجسدان ورطة محتل متهور معزول في محيطه لن يعترف له الشعب الصحراوي ولا العالم بأية سيادة على الصحراء الغربية. الغياب المغربي المنتظر أو المعلن يعري حقيقة أخرى هي أن أهم ما تصدر المملكة المغربية هو القنب الهندي والحشيش واحسن ما تنتج هو الفساد في جميع تجلياته واشكاله. واقصائه لنفسه من المساهمة في رسم سياسات المستقبل تثبت من جهة أن نظامه يفتقد للمصداقية وليست له سياسة ولا اجندة غير الهوس والورطة في مسألة واحدة هي الإحتلال الإستيطاني. ومن جهة ثانية فإن انسحابه من مثل هذه القمم يعد في الحقيقة هروبا من الإدانة وخوفا من تقديم تبريرات وحجج لا يمتلكها فيما يخص مواصلة عدوانه ضد الدولة الصحراوية. أهمية هذه المحطة من المعركة الديبلوماسية بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية تكمن في تزامنها مع مسألة سباق التموقع في عالم يشهد تطورات متسارعة وتحولات عميقة منها خاصة تشكل جديد للاقتصاد العالمي ومراجعة باتت ضرورية لأسس العلاقات الدولية وتباعا لذلك التسليم بحتمية وجود توازنات تسمح باعتماد التعددية القطبية.