دون مواجهة نفس درجة السخط والانتقاد والتّهديد التي طالت المجلس العسكري الذي أطاح برئيس النيجر بازوم في 26 جويلية المالي، تبدو الطريق معبّدة أمام العسكريين الذين أطاحو بالرئيس علي بانغو في الغابون الأربعاء، فحتى الآن، لا تظهر المجموعة الدولية ردّا قاسيا على الانقلابيين مثلما حصل في نيامي، حتى إن قيادات الجيش في ليبرفيل حدّدت هذا الاثنين موعدا لتنصيب الجنرال بريس أوليغي نغيما رئيسا رسميا للمرحة الانتقالية. غداة الإطاحة بالرئيس الغابوني علي بونغو أونديمبا، تعتزم قيادات الجيش إقامة مراسم تنصيب رسمية للجنرال المعين رئيسا للمرحة الانتقالية، بريس أوليغي نغيما هذا الاثنين. في الأثناء، أعلن الاتحاد الإفريقي أنه قرر تعليق عضوية الغابون بشكل فوري. ومن جهة أخرى، حضّت المعارضة العسكريين على إنهاء فرز بطاقات الاقتراع في الانتخابات التي شهدتها البلاد للاعتراف بفوز مرشحها. وينتظر سكان الغابون والمجتمع الدولي معرفة المدة التي ستبقى فيها البلاد تحت الحكم العسكري، والكيفية التي ستعاد من خلالها السلطة إلى المدنيين. وقد أعلن أولريك مانفومبي مانفومبي، الناطق باسم "لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات" التي تضم قيادات الجيش في الغابون، أن مراسم تنصيب الجنرال بريس أوليغي نغيما رئيسا انتقاليا ستقام في الرابع من سبتمبر أمام المحكمة الدستورية. وأضاف أن أوليغي قرر أيضا إنشاء مؤسسات انتقالية على مراحل، واعدا بأن تحترم البلاد كل التزاماتها الخارجية والداخلية وطلب من جميع الأمناء العامين ومكاتب الوزارات والمديرين العامين، ومن جميع المسؤولين في جهاز الدولة أن يؤمنوا فورا الاستئناف الفعلي للعمل واستمرار تشغيل كل الخدمات العامة. تعليق العضوية في الاتحاد الإفريقي وردّا على الانقلاب، أعلن مجلس السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي، الخميس، أنه قرر "تعليقا فوريا" لعضوية الغابون في الاتحاد. وأعرب المجلس عبر منصة إكس عن "تنديده الشديد باستيلاء عسكريين على الحكم في جمهورية الغابون وإطاحة الرئيس علي بونغو في 30 أوت 2023"، مضيفا أنه "قرر أن يعلق فورا مشاركة الغابون في كل أنشطة الاتحاد الإفريقي وهيئاته ومؤسساته". المعارضة تحض على الاعتراف بفوز مرشّحها من جهتها، حضت المعارضة في الغابون، الخميس، العسكريين على إنهاء فرز بطاقات الاقتراع في الانتخابات التي شهدتها البلاد للاعتراف ب "فوز" مرشحها. كذلك، دعت المعارضة "قوات الدفاع والأمن إلى مباحثات بهدف تقييم الوضع في إطار وطني ومسؤول، وإيجاد الحل الأفضل بين (المواطنين) الغابونيين للسماح للبلاد بالخروج من هذا الوضع". زمن بونغو انتهى.. وقد أعربت دول عديدة عن إدانتها وقلقها بشأن التطورات بالغابون، وحثت الأممالمتحدة الجيش الغابوني على الحفاظ على الحكم المدني. ورغم أن كلا من الاتحاد الإفريقي وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا ودول عديدة عبّرت عن المخاوف المتعلقة بالانقلاب، فإنها لم توجه مناشدات مباشرة لإعادة بونغو إلى منصبه. والغابون عضو بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وتعدّ من الدول الغنية بالنفط والغاز، فضلا عن احتياطاتها من الماس واليورانيوم والذهب. الوضع في النيجر مقلق عكس الهدوء الذي يشهده الغابون، مازالت دولة النيجر تواجه دوّامة ما بعد الانقلاب والتي تتسبّب فيها فرنسا بتأليبها للمجتمع الدولي ضدّ المجلس العسكري الانتقالي في نيامي ورفضها سحب سفيرها رغم الأوامر التي أصدرها المجلس لأجهزة الشرطة المحلية بضرورة تنفيذ قرار طرد السفير الفرنسي في نيامي. وكانت وزارة الخارجية النيجرية أعلنت مساء 25 أوت إمهال السفير 48 ساعة للمغادرة، لكن باريس رفضت المهلة، معتبرة أن السلطات المنتخبة ديمقراطيا في الدولة الواقعة بغرب إفريقيا، هي الوحيدة المخوّلة إصدار أمر كهذا. وبعد انتهاء المهلة، أعلن العسكريون الحاكمون أنهم "أمروا أجهزة الشرطة" بالعمل على "طرد" السفير الفرنسي، وذلك في رسالة وجهت الى باريس الخميس. وجاء في الرسالة الصادرة عن وزارة الخارجية النيجرية والمؤرخة الثلاثاء أن قرار الطرد "لا عودة عنه"، مؤكدة سحب الحصانة الدبلوماسية من السفير الفرنسي سيلفان إيتيه. وحذّر المتحدّث باسم هيئة الأركان العامة الفرنسية الكولونيل بيير غوديير أمس الأول من أن "القوات العسكرية الفرنسية مستعدة للرد على أي تصعيد للتوتر من شأنه أن يقوض الوجود العسكري والدبلوماسي الفرنسي في النيجر"، وأنه "تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية" هذا الوجود. وتنشر فرنسا نحو 1500 عسكري كانوا يؤدون مهمات في إطار المساعدة على مواجهة الجماعات الإرهابية في النيجر. جهود السّلام متواصلة هذا، وعلى رغم المواقف الحادة المتبادلة بين باريس ونيامي، لا تزال أطراف عدة تحبّذ الدبلوماسية لإيجاد حلّ لأزمة الانقلاب في النيجر. والثلاثاء، أعلنت الجزائر أنّ الوساطة التي تجريها تقوم على رفض الانقلاب مع إمهال المجلس العسكري ستّة أشهر للعودة إلى "النظام الدستوري والديمقراطي"، مجدّدة رفضها أيّ تدخّل عسكري في الجارة الجنوبية. وفي السياق ذاته، اقترح الخميس رئيس نيجيريا بولا تينوبو، الذي يتولى أيضا الرئاسة الدورية لإيكواس، مرحلة انتقالية من 9 أشهر تمهد لعودة الديمقراطية في النيجر، على غرار ما قامت به نيجيريا في تسعينيات القرن الفائت بعد الحكم العسكري. وأفاد بيان للرئاسة النيجيرية أن "الرئيس لا يرى سببا لعدم تكرار ذلك في النيجر، إذا كانت السلطات العسكرية في النيجر صادقة"، مؤكدا أن إيكواس لن ترفع العقوبات التي فرضتها على النيجر حتى يقوم العسكريون ب "تعديلات إيجابية".