^ بين المتوفر وما يجب استيراده.. بطاقية الإنتاج المحلي تنهي الجدل ^ منصة رقمية لتمكين المستوردين من "شهادة الاحترام".. ^ الشفافية.. قضاء مبرم على "البيروقراطية" حظر الاستيراد.. قرار اتخذته السلطات العمومية من أجل التخفيف من الفاتورة التي تسبّبت في نزيف غير مسبوق للعملة الصعبة، وتسبب في اختلال التوازن المالي على مستوى الخزينة العمومية.. كان لزاما على السلطات العمومية المسارعة في اتخاذ تدابير تنظيمية استعجالية، من أجل كبح الفوضى التي عرفتها سوق التجارة الخارجية.. وضعية لم تدم طويلا، فقد تمّ الاشتغال على تفاصيل الملف، لتعلن وزارة التجارة وترقية الصادرات على الترخيص بعملية لاستيراد وتوسيع دائرتها إلى منتجات التجميل، الأحذية وقطع الغيار والأثاث المنزلي، من أجل تعزيز العرض وتحقيق التوازن، وهو إجراء ثمنته الهيئات المهنية خاصة بعد مصاحبته بإجراءات صارمة، حيث قامت مصالح وزارة التجارة بعملية غربلة وتمحيص لقوائم المستوردين، لا مكان فيها للانتهازيين، وأولئك الذين يستهلكون أموال الخزينة في استيراد ما لا ينفع.. أوضح رئيس المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار، جابر بن سديرة، أن عملية الاستيراد نشاط حيوي لا يمكن لأيّ دولة مهما بلغت مؤشراتها الاقتصادية من توازن، الاستغناء عنها، كون الاكتفاء الذاتي وإشباع حاجيات الأسواق الداخلية لهذه الأخيرة، يكون في تزايد مستمر، متأثرة في ذلك بتغير النمط الاستهلاكي للمواطن الذي تعوّد على التواجد أمام عدة خيارات من المنتجات المعروضة بتنافسية كبيرة من حيث الكمية والجودة والأسعار. إلا أن طرق وأشكال عملية الاستيراد تختلف من دولة إلى أخرى - يقول بن سديرة - حيث تكمن بعض نقاط الاختلاف في الشروط والرسوم الجمركية التي غالبا ما تكون ذات أهداف وقائية لحماية المواد المنتجة محليا. وتابع بن سديرة قائلا، إن عملية الاستيراد تسمح بتبادل الخبرات بين المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين، فيما يتعلق بمعايير الجودة وتطوير الإنتاج ودراسات السوق وخاصة استعمال التكنولوجيات الحديثة، مؤكدا على أن الاحتكاك بالمنتجات العالمية، يعتبر عاملا محفزا لتطوير المنتجات المحلية في جميع القطاعات. البقاء للجادين.. ولا مكان للمتلاعبين.. وفيما يخصّ خطة العمل والإستراتيجية المتبناة من طرف الحكومة من أجل تنظيم حركة التجارة الخارجية وضبط عملية الاستيراد، شدّد المتحدّث على تثمين ما قامت به السلطات العمومية من خلال وزارة التجارة وترقية الصادرات، فيما يخص تطهير قوائم المتعاملين الاقتصاديين الناشطين في مجال الاستيراد والتصدير، حيث تمّ تقليص عددهم - بعد عملية تمحيص لقوائم المستوردين- من 68 ألف مستورد إلى 7 آلاف مستورد في مختلف المجالات، تمكنوا من سد حاجيات السوق المحلية من المنتجات غير المصنعة محليا أو تلك التي لم يتمكن الإنتاج المحلي من تحقيق الاكتفاء الذاتي منها. وفي هذا الإطار، أشار بن سديرة إلى الاضطراب الظرفي الذي عرفته السوق المحلية فيما تعلّق بعدم انتظام التموين وندرة بعض المنتجات التي تعتبر من أساسيات قائمة مقتنيات المواطن الجزائري، لارتباطها الوثيق بعاداته الاستهلاكية. حيث أرجع المتحدث هذا الاضطراب إلى تزامنه وعملية ضبط مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات لقائمة البيانات المتعلقة بالمواد والسلع المنتجة محليا. وعن العوامل الأخرى المؤثرة في تموين السوق، وكانت وراء تراجع تقديرات ضمان تموين السوق، فسر رئيس المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار ذلك كون كثير من القطاعات والمجالات التجارية تنشط ضمن السوق الموازية، حيث ذكر المتحدث مثالا عن فوضى النشاط غير الرسمي، قطاع النسيج والجلود الذي بلغت به نسبة التجار بدون سجل تجاري 80% من مجموع المتعاملين بهذا القطاع، تقابلها نسبة 85% بالنسبة لمجال الأثاث، و95% بالنسبة للخضر والفواكه، أين تمارس الأغلبية الساحقة من الفلاحين والمنتجين والتجار نشاطهم دون فوترة بعيدا عن أي آلية رقابية، ما يحول دون إحصاء القدرات الإنتاجية والحصول على بيانات رسمية دقيقة. بطاقية الإنتاج المحلي.. احتياجات السوق تحت المجهر ما سبق ذكره من اختلالات شكل حجرة عثرة أمام مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات لضبط قائمة ما يجب الترخيص والسماح باستيراده - تابع المتحدث - إلا أنه وبعد مراجعة بطاقية الإنتاج المحلي، تمكّنت هذه الأخيرة من تدارك النقائص المسجلة على مستوى العديد من المنتجات والشعب، ولو أنها اعتبرت - بمفهوم سابق - من الكماليات، إلا أن غيابها أو ندرتها سبب اختلالا بالسوق المحلية وأدى إلى ارتفاع أسعارها بقيمة مضاعفة، كمواد التجميل، الساعات والنظارات وأدوات التأثيث المنزلي والديكور. كما شملت قائمة السلع التي تمّ الإفراج عن عملية استيرادها، ومنحها تراخيص التوطين، بعض المدخلات الأساسية للعديد من الصناعات، والمواد الأولية التي تدخل في إنتاج النسيج والخشب وغيرها، إضافة إلى قطع غيار السيارات التي احتجبت عن سوق الميكانيكا لفترة تسببت في معاناة الحظيرة الوطنية جراء ندرتها وارتفاع أسعارها بشكل رهيب، حيث تمّ مؤخرا الترخيص لبعض المستوردين باستئناف نشاطهم، ما سيساهم في التخفيف من أوضاع السوق من حيث الوفرة وإعادة التوازن بين العرض والطلب وتراجع الأسعار تلقائيا. واغتنم رئيس المنظمة الجزائرية الفرصة ليعبّر عن أمله في إشراك مختلف التنظيمات المهنية والهيئات الاقتصادية ضمن مسعى السلطات العمومية والمصالح المعنية لحماية السوق ومكافحة الندرة من خلال منح هذه الأخيرة العضوية الاستشارية على مستوى اللجان المخولة بمنح التراخيص. كما اقترح المتحدث - في ذات السياق - نشر قائمة الرخص الممنوحة للمستوردين ونوع المنتجات والسلع المرخصة على الموقع الرسمي لوزارة التجارة وترقية الصادرات تكريسا لمبدأ الشفافية. التكنولوجيا والعصرنة ترافقان المستوردين وعلى عكس ما يمكن أن يتمّ تفسيره كهدر للعملة الصعبة في حال الترخيص لعمليات الاستيراد، أوضح جابر بن سديرة أن هذه العملية تعتبر ضرورة لا يمكن التخلي عنها ضمن السلسلة التجارية والاقتصادية عموما، من أجل ضمان تموين السوق المحلية وتطوير المنتوج المحلي وتدارك التأخر المسجل في مواكبة السوق العالمية. وبالمناسبة، ثمّن بن سديرة الإجراء الذي فعّلته مصالح وزارة التجارة، من خلال إطلاق منصة رقمية لتمكين المستوردين من "شهادة الاحترام" التي تلزم المستورد بتقديم ملف كامل عن نشاطه بدءا بعقود الإيجار لمقره الاجتماعي والمستودعات المسخرة لممارسة نشاطه، إضافة إلى شهادات تأمين العمال ومدى الاستجابة لشروط الشحن والتخزين، ومخطط التسويق كاللافتات ووسائل التواصل بالمقر الاجتماعي وغيرها. ما يوفر على المستوردين عناء التنقل إلى مقر المديريات التجارية وزارة التجارة وتكريس اهتمامه، بعد التخلص من العراقيل البيروقراطية التي لا يجب أن تتخطى أبدا - حسب المتحدث - الإجراء الروتيني العادي الذي يدخل ضمن الفعل الإداري المتعلق بعملية الاستيراد.