بموازاة مع القصف والقتل والتدمير، يشن الاحتلال الصهيوني عدواناً رقمياً على الفلسطينيين، وذلك منذ السابع من أكتوبر الماضي، عبر الاستعانة بتقنيات التجسس، واستهداف مزوّدي خدمة الإنترنت، وتجريم ما يصفه ب«استهلاك المواد الإرهابية" على منصات التواصل الاجتماعي. رصدت منظمة سمكس غير الربحية، ومقرها بيروت، أبرز ملامح العدوان الرقمي على الفلسطينيين. أفادت مصادر لم تكشف عن هويتها في شركتي الهايتك والبرمجية الصهيونيتين "إن إس أو" و«كانديرو"، بأنهما تقدمان برامج وتكنولوجيا المراقبة إلى الاحتلال الصهيوني مجاناً، "لتتبُّع مواقع الأسرى ومقاتلي حماس". ونظراً إلى تاريخ الاحتلال في الحرب السيبرانية والتجسّس، لا يمكن ضمان أنّ الاستخبارات الصهيونية ستحصر أنشطتها في الأهداف التي أفصحت عنها ولن تتعدّاها وتستخدم برامج التجسّس، المعروفة بانتهاكها القواعد والأنظمة السارية، لاختراق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. وأبلغت مؤسسة درج أنّه، خلال الاجتياح البري لغزة، أجبر جيش الاحتلال الفلسطينيين الهاربين جنوباً على المرور بحاجز مزوَّد ب8 كاميرات تدقّق في بياناتهم وتجمعها. شرائح "سيم" الإلكترونية منذ 7 أكتوبر، شهدت غزة على الأقل أربعة انقطاعات شبه كاملة للاتصالات، وكان آخرها الانقطاع الكامل للإنترنت في 16 نوفمبر، نتيجة النقص في الوقود ونفاد البطاريات الاحتياطية والقصف المتواصل الذي يستهدف البنية التحتية للاتصالات. ويحاول عشاق التكنولوجيا من حول العالم استحداث وسائل بديلة تساعد الفلسطينيين في البقاء على اتصال، وكانت شرائح "سيم" الإلكترونية من بين الحلول المقترَحة. ومع أنّ هذه الشرائح تقدّم بديلاً مؤقتاً للتواصل في غزة، فإنها لا تزال تنطوي على أخطار عدّة، فهي تتيح تتبّع البيانات، كما أنّها قد تكون عرضة للاستغلال مِن قِبل الجهات الخبيثة التي تعتمد أنظمة الإدارة عن بعد. والأهم من ذلك أنّ استخدام شرائح "سيم" للاتصال بشبكات التواصل الصهيونية تشكّل تهديدات أمنية مهمة للفلسطينيين، بسبب احتمال استهداف أجهزتهم ومراقبتها. تهمة الارهاب وافق الكنيست الصهيوني على تعديل جديد للقانون يجرّم استهلاك ما يعتبرها "المواد الإرهابية" و«أي منشورات تتضمّن مدحاً أو تعاطفاً أو تشجيعاً لعمل إرهابي". وفي ورقة الموقف التي أصدرها المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة) بشأن آثار هذا التعديل، ذكر أنّ القانون الصهيوني الجديد "يمهد إلى التجريم السريع لأفراد فلسطينيين لم يرتكبوا أو يخططوا لأي مخالفة، ويزيد من مراقبة السلطات الصهيونية للمواطنين الفلسطينيين والتعدي على حقوقهم في الخصوصية وحرية التعبير والمعرفة". ويحدّ القانون أيضاً من عمل الصحافيين الذين يعتمدون على معلومات مُجمَّعة من الهيئات أو المصادر التي يصنفها الاحتلال على أنّها "إرهابية". ونصّ القانون يلجأ إلى العبارات العامة غير المحدَّدة التي يمكن تحريفها بسهولة. إعلانات تحضّ على الكراهية لاختبار ما إذا كانت شركة ميتا، المالكة ل«فيسبوك" و«إنستغرام"، مجهّزة لرصد المحتوى العنيف وإزالته، أنشأ مركز حملة إعلانات بالعربية والعبرية، وأرسلها إلى "فيسبوك". وكانت هذه الإعلانات تدعو صراحةً إلى قتل الفلسطينيين وتهجيرهم. فوافقت منصة "فيسبوك" على عرض كل الإعلانات ال19. وتضمّنت الإعلانات الزائفة، التي صُمِّمَت فقط كجزء من عملية التحقيق لتحذف قبل أن تُنشَر علناً، نداءات "لمحو غزة بكل من فيها من نساء وأطفال وكبار السن"، وحرق غزة بالكامل، وترحيل سكّان غزة إلى بلدان أخرى، وإقامة نكبة ثانية. وكشف هذا التحقيق عجز شركة ميتا عن الحد بشكل جدي من المحتوى التحريضي المنشور على منصاتها الموجه ضد الفلسطينيين، على الرغم من أنّها كانت قد أعلنت، في أوائل أكتوبر، أنّها وسّعت فريق الإشراف لديها، ليضمّ "خبراء" وأفرادا "يتقنون" العربية والعبرية، لإدارة المحتوى بشكل دقيق، في سياق حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني على غزة.