بالتوازي مع وحشية الاحتلال في قطاع غزة، يواجه الفلسطينيون عنفاً آخر على مواقع التواصل الاجتماعي يتصاعد هو الآخر منذ السابع من أكتوبر الماضي، ويتّخذ أشكالاً مختلفة. فمواقع التواصل نفسها تعمل على حجب المحتوى الفلسطيني والعربي وذاك المتضامن مع غزة منذ انطلاق العدوان، بينما تفتح الباب واسعاً أمام التحريض على إبادة أهل القطاع. رصد مختصون، أكثر من مليون حالة خطاب كراهية وتحريض موجهه ضد الفلسطينيين والمناصرين للحقوق الفلسطينية على منصات التواصل الاجتماعي باللغة العبرية. ولا تزال هذه المنشورات موجودة ومتناقلة بشكل هائل. وقد تركز انتشار هذه الخطابات، على منصة "إكس" نظراً لعدم تتبع المنصة للمحتوى الضار المنشور، والسماح بوجوده وانتشاره. ومنذ 7 من أكتوبر الماضي وحتى 14 من نوفمبر الجاري، توزعت الانتهاكات المسجلة بين 573 حالة تقييد وحذف حسابات ومحتوى ناشطين وومناصرين للحقوق الفلسطينية، بالإضافة إلى 904 خطابات تشجع على الكراهية والتحريض. و تزامنت هذه الانتهاكاتمع مصادقة البرلمان الصهيوني على تعديل قانون مكافحة الإرهاب ليعاقب بالسجن لمدة تصل إلى سنة كل من "يستهلك منشورات إرهابية بشكل منهجي ومستمر"، حيث يُقصَد بالمنشور الإرهابي في هذا السياق كل منشور ينطوي على "دعوة مباشرة لارتكاب عمل إرهابي" أو "يمجده أو يتعاطف معه". وبينما يستثني هذا القانون من نطاق عمله نشر رسائل لأغراض إخبارية. أي أن الاحتلال فتح الباب واسعاً أمام سجن أي منتقد لجرائمه، ويعطي غطاءً للتحريض ضد الفلسطينيين. هذا التحريض في الفضاء الافتراضي باللغة العبرية، ليس سوى ترجمة مباشرة للتحريض السياسي والعسكري الصهيوني على الفلسطينيين، من نزع الإنسانية عنهم، من خلال وصفهم ب«الحيوانات البشرية" كما فعل وزير دفاع الاحتلال مع بداية العدوان، ونفي صفة المدنيين عن سكان القطاع، كما فعل رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ. التحريض على المدنيين رافقه أيضاً تحريض على الصحافيين على الأرض وعبر مواقع التواصل. وآخر ضحايا هذا التحريض الصحافي والمصوّر الغزي صالح الجعفراوي، الذي انتشرت صورته على مجموعات عبرية كثيرة على تطبيقات المراسلة، إلى جانب مواقع التواصل الأخرى، تطالب بقتله. وقبل أيام، ومع تواصل التهديدات ضده، كتب الجعفراوي عبر حسابه على تطبيق إنستغرام: "أنا صالح الجعفراوي، صحافي حر، ومن المفترض أن يحظى الصحافيون بحماية دولية، أُحمّل مسؤولية سلامتي الشخصية إلى المجتمع الدولي. لن أتوقف عن نشر الجرائم بحق أبناء شعبي الفلسطيني". التهديدات والتحريض على الجعفراوي جزء من مشهد كبير وواسع، يُترجم بأكثر أشكاله وضوحاً بقتل الصحافيين المتواصل منذ اليوم الأول للعدوان. إذ وصل عدد الشهداء من الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام إلى 47 فلسطينياً، بحسب أرقام نقابة الصحافيين الفلسطينيين. وبين القتل والتحريض، عشرات التصريحات والاتهامات العشوائية والكاذبة التي جعلت من الفلسطينيين أهدافاً يومية مشروعة لآلة القتل الصهيونية. وأمام ارتفاع وتيرة هذه التهديداتً، نشرت منظمة مراسلون بلا حدود (مقرّها باريس)، تقريراً، نهاية الأسبوع الماضي، رصدت فيه خطاب الكراهية المتصاعد ضد الصحافيين الفلسطينيين من قبل جهات حكومية وأخرى غير حكومية، في محاولة للتغطية وتبرير جرائم القتل ضد المراسلين والمصورين. وأشارت "مراسلون بلا حدود" إلى نشر منظمة صهيونية غير حكومية، في التاسع من الشهر الحالي، تقريراً مصحوباً بصورة غير مؤرخة لمصور مستقل مع أحد قادة حماس، مشككة بذلك في نزاهته ونزاهة خمسة صحافيين آخرين يعملون لوسائل إعلام دولية مثل "رويترز"، و«أسوشييتد برس"، و«نيويورك تايمز"، و«سي أن أن"، وأشار التقرير إلى أن الصحافيين العاملين في غزة كانوا على علم مسبق بعملية طوفان الأقصى. بالتوازي أغرق الصهاينة شبكة الإنترنت برسائل وتعليقات تتهم المراسلين العاملين في القطاع بالتواطؤ مع حماس أو تصفهم بأنّهم "متحدثون باسم منظمة إرهابية".