شهدت الجزائر خلال السنوات الأربعة من عهدة الرئيس عبد المجيد تبون طفرة في الاهتمام بالاستثمار، ما أدى إلى تحسن مؤشرات الأداء الاقتصادي لاسيما في مجال سعر صرف الدينار وفائض الميزان التجاري وارتفاع المداخيل وتنامي الصادرات خارج المحروقات، خاصة بعد توجّه بعض المؤسسات إلى قطاعات إستراتيجية بعيدا عن المحروقات، وهذا للاستثمار المتنوع لخلق الثروة وتوفير مناصب عمل.. هذه الاستثمارات تأتي في ظلّ الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي بادر بها رئيس الجمهورية، والرامية إلى إنشاء اقتصاد ديناميكي قوي، مرن أمام الصدمات، ومبني على التنوع، في سياق انتهاج سياسة الإنعاش الاقتصادي التي ترتكز على تعزيز المالية العامة وتحسين جاذبية مناخ الاستثمار. أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة بشار مختار علالي ل«الشعب"، أن الاهتمام بالاستثمار المنتج للثروة والموفّر لمناصب العمل، أدى إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية بالجزائر، حيث إن الاستثمارات هي خارطة طريق نحو نهضة اقتصادية حقيقية، لاسيما في ظلّ المستجدات، مبرزا أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، اعتبر 2023 سنة اقتصادية محض، حيث عزّزت بمراجعة المنظومة القانونية المؤطرة للاستثمار لتوفير بيئة أعمال ملائمة، وخلق المناخ الجذاب، من خلال إدراج إصلاحات تشريعية مهمة، مثل قوانين النقد والصرف والمقاول الذاتي وغيرها من القوانين. تحسّن المؤشرات المالية وأوضح الخبير الاقتصادي أن التوسّع الاقتصادي نحو البدائل الإستراتيجية خارج المحروقات والاستثمار فيها، إلى جانب الإجراءات الجديدة، كفتح رأس مال بنكين عموميين، ووضع آليات اقتصادية جديدة، لاسيما في فتح وكالات بنكية في دول إفريقية لمرافقة المستثمرين وتسهيل سيولة أموال المصدرين الجزائريين، وتنشيط المعابر الحدودية وتحفيز الاستثمارات وتسهيل تدفقاتها، أدى إلى تحسن بعض المؤشرات المالية وارتفاع الصادرات خارج المحروقات وإصدار ترسانة قانونية، انطلاقا من قانون الاستثمار الجديد. تطوير الاستثمار وتحفيز المتعاملين وفي السياق، أبرز المتحدث أن تطوير الاستثمار والاهتمام به، خاصة بتحفيز كل المتعاملين الاقتصاديين ووضع منصة الكترونية تخدمهم، ما أدى إلى تكثيف النشاط الاقتصادي وساهم في ارتفاع الصادرات خارج المحروقات إلى 7 ملايين دولار نهاية شهر ديسمبر 2022، وكذا ارتفاعها النسبي في2023، مما ساهم في فائض بالميزان التجاري لامس 17 مليار دولار، بالنظر إلى ارتفاع مداخيل المحروقات. وعاد الخبير الاقتصادي للحديث عن قانون الاستثمار الذي صدر سنة 2022، والذي تضمن إشادة من قبل الشركاء المحليين والأجانب بفضل المزايا التي جاء بها والمتمثلة خاصة في الاستقرار التشريعي والتحفيزات الجديدة والضمانات التي أعطيت للمستثمرين المحليين والأجانب، وبموجب هذا القانون - يقول المتحدث - فقد أصبحت الجزائر قبلة للمتعاملين الاقتصاديين، حيث أن أكبر الشركات العالمية حلت بالجزائر بحثا عن فرص للاستثمار، في ظل وجود تنافس كبير من قبل الشركات الكبرى في عدة مجالات، من أجل خلق الثروة ومناصب العمل. ولفت المتحدث إلى أن الساحة الاقتصادية عرفت حركية جديدة بعد دخول القانون الجديد حيّز التنفيذ، ما سمح بتحسين مناخ الأعمال، وهو ما تطلّب مراجعة لمختلف القوانين، مشيرا إلى أن الحكومة راجعت المنظومة التي تخصّ القرض والنقد، إضافة إلى المرور إلى إصلاحات جبائية وتعزيزات تشريعية، وإصلاح المنظومة المالية والبنكية، كذلك مناخ الأعمال ما منح تحفيزات أكثر، وقابلية للمستثمر المحلي والأجنبي . بالنسبة للشريك الأجنبي، اعتبر محدثنا أن اهتمام الرئيس تبون بالاستثمار الأجنبي كان وفق رؤية براغماتية، حيث كان قانون الاستثمار ملائما ومحفزا حتى بالنسبة للأجانب، وأعطى ديناميكية اقتصادية خاصة بعد إلغاء قاعدة 51/49، وكذا فتح المجال لحرية نقل نسبة معينة من أرباح الشركات الأجنبية، إلى جانب تسهيل التدفقات الاستثمارية والإنتاجية، واشتراط التكوين والتوظيف الداخلي للجزائريين، وهذا ما يعبر عن الشروط الايجابية ما يرفع من قيمة الاستثمار وإنتاجها. وقال علالي إن "التوجّه الجديد للجزائر، بتنويع شراكاتها، سمح لحجم الاستثمارات بالنمو المستمر، في وقت تسعى الجزائر إلى دخول السوق الإفريقية، من خلال التموقع بمنتوجات جزائرية، وهو ما أدى إلى تعافي الدينار الجزائري، خاصة وأننا نمتلك احتياطيا من العملة الصعبة لا يستهان به، واحتياطيا معتبرا من الذهب، وهذا ما ظهر جليا في قانون المالية لسنة 2022، حيث تمّ تحديد قيمة العملة الجزائرية أمام الدولار الأمريكي ب149 دينار للدولار، لاسيما وأن ذاك التعافي تجلى بداية شهر سبتمبر 2021، حيث عادل 140 دينار، مع تجاوز احتياطي الصرف الجزائري عتبة 60 مليار دولار، مع منحى تصاعدي خلال السنوات المقبلة، وهذا بالنظر إلى التوجّه الاقتصادي نحو البدائل الإستراتيجية خارج المحروقات وتجسيد الترسانة القانونية الجديدة وهو ما حمله قانون المالية لسنة 2024. واعتبر الخبير الاقتصادي، أن اهتمام الرئيس تبون بالاستثمار المنتج، كان أكثر تركيزا على الاستثمار الاستراتيجي، لهذا أكد على استغلال غارا جبيلات لإنتاج الحديد بولاية تندوف، ووضع منافع مكانية عبر إنجاز خطوط السكك الحديدية عبر العديد من الولايات وربطها بالمناطق الحدودية، وهذا لإعطاء ثقة للمستثمرين بتوفر مجال تحقيق المنافع المكانية، ثم الاهتمام بخلق المنافع الزمانية بإنجاز المخازن الكبرى الموافقة للمعايير العالمية، وهذا ما يؤهل الاستثمارات ويرفع مردوديتها في ظل ثقة المتعاملين الاقتصاديين، وتوفير مناصب شغل وتكوين العمال والإطارات، لصدّ المفاجآت والتعامل معها، مع ترقية الاستثمار وتطور مجال الاستثمار وسهولة تدفقه إلى الجزائر، وترقيته من طرف المستثمرين المحليين والأجانب".