حقل حاسي أكبر الحقول الغزية بإفريقيا والرابع عالميا قرّرت الجزائر من خلال شركة "سوناطراك" رفع حصتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي ب 4 مليار متر مكعب/سنويا، خلال سنة 2024، مستفيدة من تطورات الأسواق الطاقوية العالمية التي رجّحت كفة الدول المنتجة للبترول حيث تأتي الجزائر ضمن الدول الرائدة بإنتاج ما يزيد عن 102 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي/سنويا. ستعرف الجزائر مطلع 2024، حسب الملاحظين والخبراء المهتمين بالشأن الطاقوي، انتعاشا مغريا للأسواق العالمية بدخول الحقول الغازية المكتشفة مؤخرا حيز الاستغلال، مما سيعزز المكانة الطاقوية على المستوى العالمي. أكد الخبير الدولي في شؤون الطاقة، الدكتور بغداد مندوش، على المكانة الريادية التي تتربع عليها الجزائر عالميا، باحتلالها المرتبة ال 10 عالميا من حيث إنتاج الغاز، و7 عالميا بالنسبة لقيمة صادراتها من هذه المادة الطاقوية الحيوية للاقتصاد العالمي، وفي اتصال مع "الشعب"، أكد الخبير أن إنتاج "سوناطراك" سنة 2022 بلغ 102 مليار متر مكعب/سنويا، 50 مليار منها تم تصديرها إلى مختلف دول العالم بالخصوص دول القارة الأوربية، في حين تم توجيه 52 مليار متر مكعب إلى الاستهلاك الداخلي وإعادة الغاز للحقول من أجل إطالة عمرها الإنتاجي. ويعد حقل حاسي رمل أكبر الحقول الغازية بالجزائر، والأول إفريقيا والرابع عالميا من حيث احتياطي الغاز، بقدرة إنتاجية تتراوح بين 65 % و70 % مليار متر مكعب/سنويا أي ما يعادل 60% من الإنتاج الوطني، إضافة إلى حقول أخرى متواجدة على مستوى منطقة رودنوس، رود البغل بولاية تيميمون، ومنطقتي السطح وتوات بولاية أدرار حاسي بركين ذي الإنتاج المزدوج بين النفط والغاز. سياق عالمي وحقول جديدة أنعشت الإنتاج وبالنسبة لمستويات إنتاج الجزائر من الغاز الطبيعي، أوضح الخبير الطاقوي، أن هذا الأخير، قد تعزز بدخول حقلين جديدين حيز الاستغلال سنة 2022، يقع الأول على مستوى حوض حاسي بركين بقدرة إنتاجية تقر ب مليون متر مكعب /يوميا، أما الثاني فيقع على مستوى ولاية الأغواط بقدرة إنتاجية تقدر ب 10 مليون متر مكعب/يوميا، إضافة إلى مشاريع أخرى بحاسي رمل، دخلت مرحلها الثالثة أو ما يسمى ب "بوستين رقم 3"، التي ترتكز على إدخال التكنولوجيات الحديثة، لإنتاج ما يزيد عن 2400 مليار متر مكعب/ سنويا، لرفع القدرة الإنتاجية لحقل حاسي رمل، مما سيمكن الجزائر من تلبية احتياجات سوقها الغازية الداخلية وتصدير أكبر كمية من الغاز الطبيعي في المراحل القادمة. وأشار المتحدث إلى التوتر الجيو-استراتيجي العالمي أدى إلى حصول الجزائر على حصص سوقية جديدة خاصة بالقارة الأوربية، حيث صدّرت سوناطراك، خلال السداسي الأول ضعف القيمة المصدرة سابقا إلى فرنسا، في ظل تسابق الدول الأوربية منها ألمانيا وبولندا وفنلندا، نحو افتكاك عقود تصدير من الشركة الجزائرية "سونطراك، أو تمديد العقود السابقة، لتعويض كميات الغاز المستوردة سابقا من روسيا. بنسبة تتراوح من 45% إلى 90%.. استثمار في البنى التحتية وفي ظل وفرة وتنوع العروض التجارية التي تتهاطل على الجزائر من طرف الدول الأوربية، ارتفعت أسعار الغاز إلى مستويات مغرية، بلغت 100دولار/ميغا واتر مقابل 15 دولار/ميغا واتر من الغاز قبل الأزمة في أوربا، كما بلغ سعر البترول 122 دولار/ البرميل مقابل . وأكد الخبير الطاقوي الدولي أنه أصبح لزاما على الجزائر من خلال شركة سوناطراك، التوجّه نحو توسيع رقعتها الإنتاجية من خلال برامج ضخمة في التنقيب والاستكشاف التي أطلقتها هذه الأخيرة، حيث لم يعد الإنتاج النفطي حكرا على منطقتي حاسي مسعود أو حاسي رمل، بل أثبتت الاكتشافات الجديدة احتواء مناطق داخلية من البلاد على ثروة مهمة من احتياطي الغاز، خاصة تلك التي تم اكتشافها على مستوى ولاية الاغواط والجنوب الغربي للبلاد. كما ستلعب أنابيب تصدير الغاز، ميدغاز الذي تبلغ قدرته 10.5 مليار متر مكعب/سنويا، إضافة إلى أنبوب "أونريكو ماتيي" الذي يربط الجزائر بايطاليا مرورا بتونس، بقرة تصل إلى 33 مليار متر مكعب، يقول المتحدث، دورا مهما في تعزيز تصدير الغاز الجزائري، ما يضع الجزائر في موقع طاقوي عالمي استراتيجي كون تصدير الغاز عبر الأنابيب أقل تكلفة وسعرا مقارنة مع تكلفة الغاز المميع الذي يصدر عبر البواخر. إلى جانب أنبوب الغاز الذي ينطلق من نيجيريا مرورا بالنيجر، وصولا إلى حاسي رمل وبعد يصدر إلى أوربا عبر أنابيب سونطراك. حيث بلغ دراسات المشروع مرحلة متقدمة شارفت على الانتهاء. يضاف إلى كل ذلك، مشروع إستراتيجي يجمع الجزائر وإيطاليا من المنتظر تمويله من طرف الاتحاد الأوربي، حيث أكد الأوربيون على أهمية هذا المشروع خاصة فيما يخص تصدير الهيدروجين كطاقة بديلة للحفاظ على البيئة، تعمل أوربا على تدعيمها من خلال شراكة بينها وبين الجزائر من خلال شراكة تجمع بين سونطراك الجزائرية و«إيني" الايطالية من أجل إنتاج وتطوير وتصدير الهيدروجين. وأكد المتحدث على أن مجالات الشراكة والتعاون وتبادل الخبرات بين الشركتين، قد امتدت إلى إبرام اتفاقية مهمة تتعلق بتطوير حقل حاسي بركين المنتج للبترول إلى جانب اتفاقية لتطوير مع شركة "بيتروفاك" البريطانية وشركة صينية بقيمة 1.5 مليار دولار في منطقة ارزيو لإنتاج مادة "البروبيلان" التي تدخل في صناعة الأدوية ومواد التجميل وبعض الصناعات الغذائية، مما سيمكّن الجزائر من توفير ما قيمته 10.5 مليار دولار من العملة الصعبة مات تخصص لاستيراد هذه المادة. مضاعفة الإنتاج ومواصلة الانجازات وتعتزم سونطراك رفع قدرتها الإنتاجية ب 4 ملايير متر مكعب/سنويا، أضاف ذات المتحدث، بعد دخول حقول الغاز الجديدة مؤخرا حيز الاستغلال، والعقد المبرم بين الشريك الايطالي والجزائر من خلال شركتي "إيني" و«سونطراك"، الذي ينص على تصدير 4 ملايير متر مكعب إضافية من الغاز، حيث يتوقع الخبير أن تصل صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي إلى 27 مليار متر مكعب/سنويا مقابل 23 مليار متر مكعب /سنويا. وفي ذات السياق وتزامنا وفعاليات الاجتماع العربي الثاني عشر المنعقد بالدوحة منذ يومين، في الدوحة القطرية أين ستجتمع الدول العربية المصدرة للبترول "أوبواك"، أفاد بغداد مندوش، أنه ستتم دراسة التطورات العالمية للأسواق الطاقوية وانعكاساتها على الدول العربية المصدرة للغاز، إضافة إلى الملفات المتعلقة بالطاقة والحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة، خاصة وأن بعض التدخّلات المسجلة خلال مؤتمر المناخ المنعقد بأبو ظبي، كانت قد طالبت بخفض الإنتاج العالمي من الطاقة النفطية والغازية ورفض تمويل المشاريع المستهلكة للطاقة، مما استوجب تدخل منظمة "الأوبك" من خلال اقتراح بدائل تكنولوجية لتقليص الكربون من إنتاج البترول والغاز، علما أن الندوة 27 للتغيرات المناخية المنعقدة بشرم الشيخ المصرية كانت قد صنفت الغاز الطبيعي كطاقة نظيفة.