أبرز باحثون ومجاهدون، دور إذاعة الجزائر الحرة المكافحة في دحض الدعاية الاستعمارية وإيصال صوت الجزائريين، الذين كانوا يعانون القمع والتعذيب والإبادة الجماعية. قال الدكتور حسين عبد الستار، في الندوة التاريخية التي نظمها المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، أمس، إن الثورة الجزائرية لم تكن عملا عسكريا فقط، بل جمعت بين التنظيم السياسي والعسكري والجماهيري والنشاط الإعلامي. وأضاف، أن إذاعة بيان أول نوفمبر هو تأكيد أن هناك معركة أخرى هي معركة دعاية لمواجهة دعاية فرنسا الاستعمارية المضللة، وهذا بفضل عبقرية قادة الثورة. وأشار الدكتور عبد الستار، إلى أن الثورة استغلت الإذاعات العربية لبث صوت الجزائر. وتأسف الأستاذ الجامعي، لغياب الدراسات الأكاديمية حول تأسيس إذاعة الجزائر الحرة المكافحة، حيث ركزت أكبر الدراسات على الجانب السياسي والعسكري. وفيما يخص إدراج مثل هذه المواضيع في المنظومة التربوية، قال: «نحن ننبه لتدعيم المقررات والمناهج المدرسية بالمحطات التاريخية المهمة، التي من المفروض أن تكون القواعد الأساسية للتلميذ». وأشار إلى أن الذين وضعوا البرنامج المدرسي يفتقدون للمقاربة التاريخية لبناء جيل متشبع بثقافته التاريخية. وقال: «نعيش اليوم مع الإنسان الرقمي وتهديدات كبيرة، يجب تقديم لأبنائنا جرعات تاريخية ونعرف كيفية توجيه أبنائنا عن هذه الفضاءات الهجينة أو ما تسمى بشبكات التواصل الاجتماعي». تطرق أستاذ التعليم العالي في كلية الإعلام والاتصال البروفيسور عبد الحميد ساحل، إلى موضوع الإعلام كقيمة مضافة لثورة التحرير. وأكد أن الجزائر أول بلد يعرف الإذاعة، في 1925. وعرج في مداخلته، على الوسائل التي استعملتها الثورة لإيصال صوت الجزائريين، استنادا لما جاء في بيان أول نوفمبر «...سنواصل الكفاح بكل الوسائل حتى تحقيق الهدف...»، حيث استخدمت المناشير ونشريات الولايات، ودور المحافظ السياسي الذي تولى العملية الاتصالية، والاتصال المباشر عن طريق مكاتب جبهة التحرير الوطني، وجريدة المجاهد، إضافة إلى الدور الدبلوماسي. وأضاف البروفيسور ساحل، أنه بعد مؤتمر الصومام برز اهتمام بالغ بوسائل الإعلام والدعاية التي تخدم الثورة. وأشار إلى أن جريدة المجاهد كانت تعتبر مصدرا من مصادر الأخبار لإذاعة الجزائر الحرة المكافحة. وأشار الى أنه بعد تأسيس إذاعة الجزائر الحرة المكافحة، أصبح الجزائريون يقبلون على اقتناء المذياع، حيث اكتشفت إدارة الاحتلال الإذاعة، ما أثار غضبها ومنعت الجزائريين من اقتناء المذياع إلا بعد الحصول على رخصة من الإدارة الاستعمارية. وأكد الدكتور جمال قندل، أنه بعد اجتماع مؤتمر الصومام، تقرر التركيز على إعلام الدعاية من خلال مكاتب جبهة التحرير الوطني. وأشار إلى أن فرانس فانون، تحدث عن أن بيانا وزع نهاية 1956 حول تأسيس الإذاعة، حيث كان يتطلع الجزائريون لتكون لهم إذاعة ثورية جزائرية، حيث كانت تبث عبر موجات قصيرة ست ساعات يوميا. وقدم المجاهد عضو «المالغ» محمد دباح، شهادته حول تأسيس إذاعة الجزائر الحرة المكافحة ودور سلاح الشفرة في تزويد إذاعة الجزائر الحرة المكافحة بمعلومات حول انتصارات جيش التحرير، ودعا لتصحيح المصطلحات التاريخية وعدم ترديد كلمة الإذاعة السرية، لأنها لم تكن كذلك، بل كانت تواجه العدو في الميدان.