الأخ الكريم الأسير : حسام شاهين بعد التّحيّة والأمنيات لك بالصّحّة والعافية والحرّيّة. وددت أن أكتب إليك وأنت حرّ طليق، وفي مناسبة غير هذه المناسبة، لكنّ الأمنيات شيء والواقع شيء آخر. فأن أكتب إليك معزّيا إيّاك وأشقّاءك وشقيقاتك بوفاة والدتك المرحومة آمنة كريّم خلايلة، فهذا لم يكن بالحسبان، لكنّ إرادة الله هي الغالبة، فالموت حقّ لا مفرّ منه، وكلّ الأحياء مصيرهم الموت و«كلّ نفس ذائقة الموت"، ووالدتك ليست استثناء، وأنا أعلم صبرك وإرادتك الصّلبة التي لا تلين. وكما تعلم فإنّ وفاة الأمّ هي التي تُشعر المرء باليتم مهما كان عمره، وها أنت تعيش مرارة الموت والفقد وأنت مغيّب وراء القضبان مرّتين، الأولى عندما اختطف الموت أباك، والثّانية عندما عاد واختطف والدتك، دون أن تستطيع وداعهما، مثلما هما لم يستطيعا وداعك، ودون أن تكتحل عيونهما برؤيتك. ولم يكتف الفقد بذلك، فظلم المرحلة منعك حتّى من المشاركة في جنازتيهما، أو تقبّل العزاء فيهما. أعرف يا حسام صلابتك وصبرك، وهما نتاج طبيعي لوعيك، وإدراكك لمعاني الحياة والموت، وأنّ في الموت حياة، وهذه دورة الحياة وجدليّة الموت التي لا تنتهي، وأعلم يا حسام أنّك ستستقبل هذا الخبر المفجع بابتسامتك المعهودة، كابتا أحزانك في صدرك، لتنفجر دموعك وأنت تتدثّر بغطائك الذي لا يحميك من البرد أو الحرّ، مع علمك المسبق أنّ البكاء حالة إنسانيّة، فهو يغسل القلب ويمسح الأحزان، فلا تكبت دموعك يا حسام، وتذكّر أنّ خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلّم بكى عندما عاش حالة الفقد" فهو القائل" وإنا لموتك يا ابراهيم لمحزونون". نشاركك يا حسام أنت وإخوانك وأخواتك الأحزان بوفاة الوالدة، وندعو للرّاحلة بالرّحمة، ونعزّيكم بهذا المصاب الجلل، على أمل اللّقاء بك وأنت حرّ طليق.