أقطاب الفلاحة والصّناعة ستحدث تحوّلا جذريا بالصّادرات أعطى الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي تصوّرا واضحا عن مستقبل الصادرات خارج قطاع المحروقات، مسلّطا الضوء على مؤشرات خضراء قوية ومقومات قاعدية صلبة، ستحوّل المسار إلى آلية لضخ الثروة وتوسيع المشاريع الاقتصادية الكبرى، بداية من توفر الثروات الهائلة والمورد البشري المبتكر والرؤية الحكيمة القائمة على أبعاد تنموية، رصدت فيها تسهيلات وامتيازات، ويشجّع عبرها الاستثمار، وقال الدكتور تيغرسي إنّ الجزائر عازمة على حجز مكانة مهمة ومرموقة في الأسواق الخارجية، وتحدّث عن أهمية المورد البشري في قلب معادلة التصدير بداية من محطة الإنتاج إلى غاية تحويله إلى الأسواق الخارجية. وقف الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي عند الخارطة الوطنية للصادرات، ليبرز حتمية الاستمرار في هذا المسار الاستراتيجي لترقية النسيج الاقتصادي، معتبرا أنّ النموذج الاقتصادي الوطني يرتكز على تنويع الانتاج، وعدم الاتكال على الموارد الطاقوية، وأشار إلى أنّ الجزائر استفادت من تجربة حدوث خلل في التموين عبر الأسواق الخارجية خلال الجائحة، وتداعياتها على الاقتصاديات العالمية. وهذا ما تطلّب تركيزا قويا وعملا مكثّفا وجهدا مضاعفا من أجل تطبيق وتفعيل النموذج الاقتصادي المرتبط بتفعيل القطاعات الاقتصادية، ورغم الاستفادة من موارد المواد الطاقوية مهمة جدا - يقول تيغرسي - فإنّ الوقت حان لتحويل هذا الاهتمام في المرحلة الحالية والمقبلة، وفق توجيهات رئيس الجمهورية، إلى القطاعات التحويلية سواء كانت طاقوية أو تشمل قطاعات تحويلية أخرى لاستغلال المقومات المتوفرة. تهيئة أرضية الاستثمار أبدى تيغرسي تفاؤلا كبيرا بشأن رهانات التصدير، وقال إنّ تحديات ترسيخ التصدير، تتطلّب إبراز الإمكانات الكبيرة المتاحة بالجزائر، والتسويق الذكي للصادرات. في وقت أدركت الجزائر أهمية الانطلاق في الاعتماد على مقومات أخرى تسجّل فائضا في الإنتاج، وتثمين هذه الوفرة بانخراطها في توجه تعزيز الصادرات، فالجزائر شرعت - في ضوء رؤية رئيس الجمهورية وتعليماته - في تطوير الصناعة التحويلية الكاملة، وجعلها في صدارة الاهتمام، مع الأخذ في الاعتبار أن عملية تسويق المشتقات البترولية مربح ومدر للثروة، ويضاعف المداخيل بشكل كبير مقارنة بتسويقها مادة خام. ويرى تيغرسي أنّ كل شيء صار جاهزا، لتنطلق الجزائر بثقة في مضاعفة وتوسيع نطاق تمركز وتدفق صادراتها خارج المحروقات، خاصة وأنّ عوامل عديدة داعمة هيّأت الأرضية، بينها منح دفع قوي لتكريس الاستثمار المحلي والأجنبي، وتعزيز الشراكات وتحويل التكنولوجيا المتطورة، وطرح منتجات نصف مصنعة ونهائية، ومنحها الضوء الأخضر لتغزو الأسواق الخارجية. وأفاد الخبير أنّ الفضل في انتهاج هذا المسار يعود إلى رؤية السلطات العمومية، وتبنيها سياسة صائبة تشجع على ضخ الإمكانات في مسار التصدير، علما أنّ المرتقب هو أن تقفز قيمة الصادرات خارج المحروقات إلى أكثر من 13 مليار دولار خلال عام 2024، بفضل التجند غير المسبوق لجميع الفاعلين، وتوقّع تيغرسي أن تكون 2024 سنة اقتصادية محض، بفضل إطلاق قانون الاستثمار، وتفعيل المراسيم التنفيذية للعقار الاقتصادي. شراكة واعدة بين الفلاحة والشّركات النّفطية وتطرّق الخبير إلى المقومات المدرجة ضمن الإستراتجية الوطنية، وذكر منها الثروة الهائلة المتوفرة في قطاع الفلاحة والمادة الخام عن طريق تحويلها، والبعث القوي لقطاع الصناعة على غرار الصناعة الميكانيكية والالكترونية والكهرومنزلية، على خلفية أن رئيس الجمهورية شدّد على ضرورة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج الداخلي الخام بنحو 10 أو 15بالمائة، ومن ثم الاستمرار في ترقية تلك النسبة إلى مستويات أعلى. وأبدى الخبير تيغرسي تفاؤله بقطاع الفلاحة الذي أظهر فعالية ومردودية عالية في استحداث الثروة منذ عام 2021، ونجح في 2023 في إنتاج ما قيمته 35 مليار دولار، رغم أن عملية استغلال الأراضي الفلاحية، ما زالت لم تتوسّع على اعتبار أنه في الوقت الراهن، يتم استغلال مساحة 8.5 مليون هكتار من إجمالي 49 مليون هكتار، وهذا التطور - يقول تيغرسي - شجّع في اندماج قطاعي الطاقة والفلاحة في عملية الاستكشاف، كما رصدت القرارات المهمة لعملية هذا التكامل، وجاء قرار لاستغلال 7 ملايين هكتار لفائدة الفلاحة، وأثمر كل ذلك عن ميلاد شراكة واعدة بين شركات بترولية مع الفاعلين في المنظومة الفلاحية، بهدف تثمين وتفعيل العقار الفلاحي، وخلق حركية في قطاع يعد أساسيا في العملية الاقتصادية. ويرتقب تيغرسي أن تسفر السياسة المنتهجة عن خارطة وطنية واضحة المعالم، بفضل تعميم الرقمنة وتكريس الفكر المقاولاتي، مشترطا ضرورة تطوير منظومة التعليم العالي، فلا يمكن تصوّر أي نمو ولا أي طفرة اقتصادية، دون إقحام هذا القطاع الأساسي المصنّف كلبنة قاعدية ذات أهمية قصوى، وبإمكان الفكر المقاولاتي منح بعد استراتيجي للمورد البشري. وفي ظل الامتيازات المسخّرة، أوضح الخبير أن المقاولاتية ستدعم الصادرات عن طريق مؤسسات ناشئة وناشطة ومبتكرة، تزيد من حجم النسيج المؤسساتي المنتج وتشجع الاستثمار، إذ لا تنمية اقتصادية دون تنمية اجتماعية. ويتوقّع الخبير أن تحقّق الجزائر مداخيل مهمة في مجال التصدير خارج قطاع المحروقات، وتستمر في تحقيق النتائج الإيجابية، ومن مؤشراتها الإيجابية الحركية الاقتصادية وترسانة النصوص التشريعية، والدور الجديد الذي تضطلع به الدبلوماسية الاقتصادية.