يرى البروفيسور سيف الدين تلي، أنّ موقع الجزائر بإعتبارها بلد يتوسّط منطقة تعاني الاضطرابات على كلّ الأصعدة، جعلها تبحث عن آفاق وإستراتيجيات لتنمية أقاليمها الحدودية، من أجل تحقيق التوازن وتحسين المستوى المعيشي للسكان كأحد المحاور المهمة لضمان استقرار هذه الأقاليم، في ظلّ التغييرات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم في الفترة الأخيرة، والتي كان لها أثر واضح على هاته الأقاليم. وضعية يقول عنها، مدير مخبر رهانات الإستثمار والتنمية المستدامة في المناطق الحدودية بعاصمة الأهقار، في حديثه "للشعب" جعلت الدولة الجزائرية تعتمد على سياسة وطنية لتهيئة الإقليم، وذلك من خلال مجموعة من الاستراتيجيات والأعمال الرّامية إلى ضمان التوزيع المناسب للسكان والنشاطات الاقتصادية والهياكل الأساسية، مع مراعاة خصائص الأقاليم الحدودية والحرص على ضمان التوازن والإنصاف والجاذبية عبر كامل فضاءات التراب الوطني وذلك في إطار التنمية المستدامة. في هذا الصدد، أكّد أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الحاج موسى أخاموك بتمنغست، أنّ السلطات العمومية تولي أهمية قصوى لهذه الأقاليم، من خلال وضع برامج خاصة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الهادفة لتحسين ظروف معيشة سكانها وإشراكهم بصفة فعالة في الحركية الاقتصادية الوطنية وتمكينهم من الإنفتاح على المبادلات عبر الحدود. وهذا من خلال تجسيد العديد من المشاريع على سبيل المثال بالولاية الحدودية إن قزام، على غرار مستشفى 60 سريرا بعاصمة الولاية الحدودية، ومثيله بالدائرة الحدودية تين زواتين، وكذا إطلاق مشاريع لتحديث الشبكة الكهربائية بمبلغ مالي معتبر يزيد عن 140 مليار سنتيم، بالإضافة إلى تحديث شبكة الطرق والمطار وفتح خطوط جوية لفكّ العزلة مع الولايات الأخرى، وإنجاز مدرج لهبوط الطائرات بتين زواتين، وجملة من المشاريع الأخرى الجاري تسجيلها مع السنة الجارية. وفي نفس السياق، أضاف المتحدّث أنّ السياسة الوطنية المعتمدة لتهيئة المناطق الحدودية وتنميتها تندرج ضمن السياق المؤسّساتي الجديد للوطن والذي يتميّز بمصادقة السلطات العمومية على المخطط الوطني لتهيئة الإقليم لآفاق 2030، الذي يؤكّد على أنّ كلّ جزء من أجزاء التراب الوطني، بما فيها الأقاليم الحدودية، هو عنصر من ترابنا، وعلينا أن نعترف لكلّ منها بالحقّ في التطوّر والازدهار في إطار استراتيجية شاملة ومضبوطة. خطوات مضبوطة ومتواصلة، يقول سيف الدين تلي تسعى الدولة من خلالها لتحقيق تنمية في مستوى تطلّعات المواطن المحلي في مختلف المناطق الحدودية، من خلال الوقوف على حاجياته ومحاولة تلبيتها بإشراكه من جهة، ومن جهة أخرى إشراك المخابر البحثية الجامعية، على غرار مخبر رهانات الاستثمار والتنمية المستدامة بالمناطق الحدودية. كما يسعى المخبر يضيف البروفيسور سيف الدين تلي، إلى إبرام اتفاقيات شراكة مع المؤسّسات العمومية والمؤسّسات الاقتصادية لربط الجامعة مع المحيط الاقتصادي، خاصة وأنّه يهتم بالبحث النظري والتطبيقي والكمي في كلّ ما يتعلّق بالاستثمار والتنمية المستدامة والمناطق الحدودية. وهذا من أجل مقاربة جديدة للتنمية المحلية والتي يتم السعي من خلالها إلى تحقيق تنمية إقليمية متوازنة بين طموح الإنعاش وضرورة الجاذبية والعمل على تكيّف برامج التنمية المحلية نحو مقاربة أكثر ابتكارية وتشاركية، بالإضافة إلى إنعاش نسق التنمية المحلية باقتراح حلول لمختلف الاختلالات وجعلها الرافد الأول لتنمية قائمة على تكريس اللاّمركزية.