تشكيل لجنة برلمانية لصياغة مقترح قانون تجريم الاستعمار: خطوة تعكس إرادة سياسية ثابتة في الدفاع عن الذاكرة الوطنية    زروقي يستقبل كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالجالية الوطنية بالخارج    رعاية للتربية والمربّين    كل مشاريع الرئيس تبون تخدم المواطن    مصالح الفلاحة تحشد إمكانياتها لإنقاذ حقول الحبوب    الخبرة الجزائرية لتغطية حاجيات إثيوبيا من الكهرباء    نظام معلوماتي جديد لتحسين الخدمات    الاحتلال الصهيوني يوسّع اجتياحه البري لغزّة    احتقان في المغرب بين محاكمات الأساتذة وغضب النّقابات    الجزائر- باريس.. الرئيس تبون يضع النقاط على الحروف    متجاهلا كل القوانين الدولية والإنسانية: سكان غزة يواجهون التجويع والتعطيش والإبادة البطيئة    مجموعة "سادك" تجدد التأكيد على دعمها لاستقلال الصحراء الغربية    لمّة على النعمة ودروس في العقيدة    في جزر القمر.. حلقات للدروس والمحاضرات الدينية    الجزائر العاصمة : برنامج خاص للنقل خلال أيام العيد الفطر    الوادي : تكريم 450 فائزا في مسابقة "براعم الذكر الحكيم"    بحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق.. بلال بوطبة يتوج بالجائزة الوطنية الشهيد مصطفى بن بولعيد للفن التشكيلي    وزير الثقافة والفنون: السينما الجزائرية تعرف "ديناميكية حقيقية"    أطباق تقليدية غابت عن موائد العائلات البليدية    تجارب الحياة وابتسامة لا يقهرها المرض    كوميديا سوداء تعكس واقع الشباب والمسؤولية    دورة العنقى تتوِّج فرسانها    الانفراد بالصدارة والاقتراب من المونديال    اللعب في كأس العالم الحلم الأكبر    البرتغال تغتال حلم الدنمارك بخماسية درامية    عيد .. للمُغتربين    قرار التاس .. انتصار لمواقف الجزائر    الرئيس: الجزائر تتعرّض إلى حرب    عبد الحق سايحي: القضاء على داء السل في الجزائر التزام ثابت للدولة    سوناطراك وزارة الصحة : توقيع اتفاقية تمويل لفائدة مستشفى الحروق الكبرى بزرالدة    الرئيس تبّون: الخلاف مع فرنسا مُفتعل..    هذه توجيهات رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء    حملاوي تستعرض استراتيجية المرصد الوطني للمجتمع المدني : فتح باب الحوار والنقاش مع كل فعاليات المجتمع المدني    إدماج أكثر من 82 ألف أستاذ متعاقد..نقابات التربية: قرار الرئيس سيدعم الاستقرار الاجتماعي والمهني    الخضر يستعدّون لمواجهة الموزمبيق    صورة عاكسة لروح التكافل بين الجزائريين    هؤلاء حرّم الله أجسادهم على النار    تنظيم موسم حج 2025:المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    السلطات العمومية حريصة على توفير كافة الظروف للمواطن في كل بلديات الوطن    عرقاب يبحث بأديس أبابا مع وزير المياه والطاقة الإثيوبي سبل تعزيز التعاون الثنائي    تعزيز التعاون والتكامل بين قطاعي التعليم العالي والتكوين والتعليم المهنيين محور لقاء بين الوزيرين    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50082 شهيدا و 113408 إصابة    عمليات توثيق رقمي لموقع تيمقاد الأثري تعزيزا لحماية التراث الوطني    حج 2025: المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    استحدثنا تطبيقا رقميا للمداومات بخاصية التبليغ في حال عدم الالتزام    المهرجان الوطني لأغنية الشعبي: الإعلان عن الفائزين في ختام الطبعة ال14    منظمة التعاون الإسلامي تدين محاولات شرعنة المستوطنات الصهيونية بالضفة الغربية    الأونروا: حظر الاحتلال الصهيوني للمساعدات يدفع بغزة نحو أزمة جوع حادة    الميل القلبي إلى المعصية… حكمه… وعلاجه    ماذا قال ابن باديس عن ليلة القدر؟    نيم ينعي مناد    قضية نهضة بركان/اتحاد الجزائر: قرار "التاس" هو انتصار للحق وتأكيد للمواقف السديدة للجزائر    تصفيات مونديال 2026: تشكيلة المنتخب الوطني تستأنف تدريباتها بسيدي موسى    فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" و"ركب الحجيج"    رئيس الجمهورية يجري لقاءه الإعلامي الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية    سايحي يبرز مجهودات الدولة    مدرسة الصيام الربانية    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثية التجويع والقتل والتدمير لفرض التوطين
نشر في الشعب يوم 10 - 02 - 2024

فرغ العدو الصهيوني أو قارب على الانتهاء من تدمير كلّ مقوّمات الحياة في قطاع غزّة، فبعد أن قتل وأصاب بجراحٍ بالغةٍ في معظمها، ربما أكثر من مائة ألف فلسطيني من سكان القطاع، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السنّ، عمد إلى تدمير البيوت والمساكن وسَوَّى أغلبها بالتراب، وقصفها على رؤوس ساكنيها بالصواريخ المدمّرة وبقذائف الدبّابات الضخمة، وحطم السيارات والآليات بدبّاباته التي داستها وسحقتها، وأتلفت في طريقها كلّ ما تجده من ممتلكات وتجهيزاتٍ.
وقام الكيان الصهيوني عامداً وقاصداً بصورةٍ ممنهجةٍ ومنظمة، وفق خططٍ مرسومة وخرائط موضوعة، إلى تدمير المساجد والمدارس والمعاهد والجامعات، والأسواق والمحال التجارية، ومخازن الأغذية والأفران والمخابز، وخزانات المياه ومحطات التحلية، وأخرج عن الخدمة، نسفاً وتدميراً، المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الخاصة والصيدليات ومخازن الأدوية، وهيئات الدفاع المدني الصحية وسياراتها وطواقمها ومعدّاتها.
ودمّر البنى التحتية كلّها، فلا شوارع ولا طرقات، ولا مجاري ولا كهرباء، ولا مياه صالحة للشرب ولا أخرى مخصّصة للخدمة، ولا قدرة على جمع النفايات والتخلّص منها، حيث تراكمت في الشوارع والطرقات بصورةٍ مهولةٍ ومخيفة، ممّا تسبّب في انتشار الروائح الكريهة والأمراض والأوبئة، فضلاً عن السيول التي أغرقت الشوارع ودخلت إلى الخيام ومناطق الإيواء، بسبب الأمطار الغزيرة وتعطّل آليات الصّرف الصّحي.
تعمّد العدو الصهيوني القيام بكلّ ما سبق ذكره وغيره مما لم آت على تفصيله لكثرته وتكراره كلّ يومٍ وفي كلّ مناطق القطاع، رغم النداءات الدولية، ومساعي التهدئة ومحاولات فرض وقف الحرب وإنهاء العمليات العسكرية، إلا أنّه لا يصغي للمواقف الدولية، ولا ينصاع للقانون الدولي، ولا تعنيه قرارات محكمة العدل الدولية، ولا يخشى أن يوصم بالإبادة الجماعية وبالجرائم ضدّ الإنسانية، ولا توقفه جرائمه البشعة وانتهاكاته الخطيرة في حقّ الفلسطينيين، وهي التي يشهد عليها العالم كلّه، ويراها بأم العين موثقةً مسجلةً، بالصوت والصورة والمكان والتاريخ، ورغم كثرتها وتكرارها، وتنديد المجتمع الدولي بها، إلا أنه يصرّ عليها ويواصل تنفيذها واقترافها بأبشع السبل وأسوأ الوسائل.
يعلم العدو الصهيوني ما يريده ويخطّط له، ويسعى إليه حثيثاً ولا يتعب، ويصرّ عليه ولا ييأس، ضمن منهجيةٍ واضحةٍ لا تخفى على أحد، وسياسةٍ عنصريةٍ لا يعترض عليها أحد، فغايته التي يتطلّع إليها ويخطّط لها هي تهجير سكان قطاع غزّة، وإخراجهم من أرضهم بكلّ الوسائل الممكنة، قسراً إن استطاع من خلال دفعهم خارج الحدود خوفاً من العمليات الحربية نحو مصر، وهي المهمة التي يبدو أنه فشل فيها وعجز عن تنفيذها، أمام إصرار الفلسطينيين الرافضين للهجرة والعازفين عن اللّجوء الجديد، وبسبب الموقف القومي المصري الرافض لتهجير سكان القطاع إلى صحراء سيناء.
أمام عجزه عن تحقيق هدفه بالوسيلة الأولى، عمد بالتضافر مع الجهود الدولية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ومعهما عددٌ غير قليل من الدول الأوروبية المتوافقة معهما والملتزمة بسياساتهما، القائمة على حماية المشروع الصهيوني، وضمان أمن واستقرار "الدولة الصهيونية"، والدفاع عنها تجاه الأخطار المحدقة بها، والتي تهدّد استقرارها ووجودها، إلى الوسيلة الثانية التي تحقّق الغاية نفسها، وتحقّق أهدافهم المنشودة، وهي التهجير الطوعي الإرادي.
ترتكز الوسيلة الثانية على سياسة التجويع المذل والمميت، والحصار الخانق القاتل، التي تخيره بين الموت قتلاً أو الفناء جوعاً، حيث عمد إلى حرمان المواطنين الفلسطينيين من مياه الشرب والخبز والغذاء وكلّ أشكال الطعام، إلى الدرجة التي باتوا فيها يأكلون نبات الأرض وأعشابها، وعلف الحيوانات وطعامها.
كما حرمهم من الملبس والمأوى والفراش والغطاء، إذ أتلف موجوداتهم وحرق ثيابهم وملابسهم، وفراشهم وغطاءهم، وضيّق عليهم في خيامهم، وقصفهم في أماكن إيوائهم، وتعمّد ملاحقتهم إلى الأماكن التي أشار عليهم بالانتقال إليها والإقامة فيها، ليجعل حياتهم بؤساً وعيشهم في قطاعهم مستحيلاً.
وبهذه السياسات الجائرة، والممارسات العنصرية المدمّرة، والتي أضيف إليها مؤخراً وقف الدعم المالي لمؤسّسة الأونروا، وهي التي يستفيد من خدماتها مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في غزّة خصوصاً، وفي عموم سوريا ولبنان والأردن ومصر، يكون الكيان الصهيوني وحلفاؤه قد أطبقوا على الشعب الفلسطيني خاصةً في غزّة، واستكملوا الحلقات الثلاث المطلوبة لتنفيذ مشروعهم واستكمال مخططهم، الجوع والحصار والحرمان، إلى جانب التدمير والخراب والقضاء على كلّ عوامل الصمود والبقاء، وثالثها القتل الممنهج والإبادة المقصودة والمجازر المتعمّدة، التي من شأنها، في حال تضافرها وتآمر الدول الكبرى على فرضها، أن تحقّق للصهاينة حلمهم القديم، وتوصلهم إلى الغاية المنشودة، في الأرض الأكثر والسكان الأقل.
لكن الذي يبدو في الأفق ويظهر، أنّ الشعب الفلسطيني ثابتٌ في أرضه وصامدٌ على حقّه، وأنّ مقاومته شرسةٌ عنيدة، وهي في الميدان قوية، وفي القتال شديدة، تكبّد العدو خسائر فادحة، وتجبره على التراجع والانكفاء، والتنازل وتغيير الأهداف، ما يعني أنّ مشاريعهم ستفشل، وأنّ مخطّطاتهم ستحبط، وأنّ أحلامهم ستبدّد، وربما تصبح أحلامهم كوابيس ترعبهم من الغد الآت، وتخيفهم من المستقبل القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.