لطالما شكّلت المرأة الجزائرية في ولايات الجنوب عنصراً هاماً ومؤثّراً في مجتمعها، بامتلاكها للعديد من نقاط القوة التي جعلت منها رقماً صعباً في تحقيق التنمية وتعزيز الاستقرار في هذه المجتمعات، كما أنّها تتمتّع بكاريزما فريدة، وبروح مكّنتها من تقاسم المسؤوليات جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل. الطابع المحافظ الذي تمتاز به ولايات الجنوب، لم يكن حاجزاً أمام تبوّء المرأة الجزائرية للعديد من المهام خارج مملكتها الصغيرة، فإرادتها القوية لتحقيق التميّز وتحسين ظروفها المعيشية، دفعاها إلى العمل في حقول الزراعة ورعي الماشية، واكتساح الوظيفة الإدارية والقضائية والامنية بفضل مهاراتها وخبراتها. دور حاسم برزت المرأة في الجنوب منذ نيل الجزائر لاستقلالها كداعمٍ للرجل في مسيرة البناء والتشييد، تدفعها في ذلك ترسانة قوانين أقرّتها الدولة من أجل إنصافها وإعطائها المكانة الاجتماعية، السياسية والاقتصادية التي تستحق، لتقفز بعد سنوات قليلة الى فاعل حقيقي في المجتمع، متشبعة بروح الوطنية والوفاء للوطن. وبعد مسيرة حافلة تمتد لعقود من العطاء، لا تزال تلعب المرأة في ولايات الجنوب دورًا حاسمًا في المحافظة على التراث الثقافي المحلي، وناقلٍ للمعارف بين الأجيال، وخزان كامن من الطاقات التي وظّفتها لصالحها. عمدت الجزائر إلى إصلاحات جذرية من أجل دعم المرأة المقاولة بالدرجة الأولى، وذلك بإنشاء وكالات وطنية لترقية وتنمية المشاريع المقاولاتية، وإعطاء نصيب وافر منها للعنصر النسوي، وهو توجّه أسال لُعاب المرأة في الجنوب ودفع السلطات المحلية بهذه الولايات الى إعادة ضبط إعدادات التنمية، وإحداث موطئ قدم للمرأة في الرؤية الاقتصادية المحلية، كما برزت كشريك وفاعل أساسي في الخارطة الاقتصادية والسياسية، حيث مُنح للعنصر النسوي نصف المجلس الأعلى للشباب، وحيّز لا بأس به في المرصد الوطني للمجتمع المدني، كما بلغ تمثيل المرأة مراتب جد متقدمة على مستوى العالم العربي من حيث عدد المقاعد في المجالس المنتخبة الوطنية والمحلية. المرأة الرّيفية في صلب إهتمامات وكالة "أونجام" حظيت المقاولاتية بعد جملة الإصلاحات التي أقرتها الحكومة، باهتمام الكثير من النساء اللاتي اقتحمن المجال في العديد من التخصصات التي كانت حكراً على الرجال، فقد سارعت الجزائر الى القيام بإصلاحات لترقية وتنمية المشاريع النسوية، وإزالة العقبات أمامها وتمويلها ودعمها ومرافقتها لتحقيق الاستقرار والنمو، بعد إدراكها العميق - أي الجزائر - لمدى أهمية إدماج المرأة في التنمية. وتعدُّ المرأة الريفية ركيزة أساسية في تحقيق التنمية المستدامة في ولاية تندوف، والتي استطاعت خلق الفرص المناسبة الخاصة بها التي مكّنتها من تحقيق طموحاتها، وإسهامها في بناء مجتمع أفضل وأكثر استقرارًا. إرادتها القوية في إحداث فارق اجتماعي إيجابي، كان محفّزاً لها لولوج العديد من القطاعات التنموية الحيوية، فتحوّلت من ربة بيت تحمل على عاتقها مسؤولية تربية الأبناء الى موظفة ومديرة وسيدة أعمال وفاعلة جمعوية وشاعرة ومنتخبة ومسيّرة مشاريع خاصة. هذا الخليط المنسجم من المسؤوليات والأدوار الاجتماعية، جعل المرأة التندوفية مصدر إلهام في المجتمع، تتقاسم مع الرجل مسيرة العطاء والتميّز، واضعةً نصب عينيها ترقية المجتمع والانتقال به الى مصاف المجتمعات المنتجة. برزت المرأة بتندوف في العديد من المجالات، فكانت الفلاحة والصناعة التقليدية على تنوّعها أكثر ما نال اهتمامها في عالم الشغل، وهو ما تثبته الأرقام والاحصائيات المقدمة من الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر. وكشفت المديرة الولائية بالنيابة لوكالة "أونجام"، شريفة مولاي، عن مدى اهتمام المرأة بتندوف بمجال المقاولاتية، حيث أشارت الى أن الوكالة قد موّلت منذ تأسيسها أزيد من 200 امرأة في المشاريع الفلاحية وتربية المواشي بغلاف مالي فاق 45 مليون دينار. وأكّدت المتحدثة أن الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر تولي أهمية بالغة لها بالمرأة الريفية ببلديتي تندوف وأم العسل، خاصة في مجال الفلاحة بصيغة تمويل شراء المواد الاولية الخاص بولايات الجنوب، وهي الصيغة التي استقطبت الكثير من الراغبات في الحصول على القروض من أجل تمويل مشاريعهن الفلاحية. ونوّهت مولاي الى وجود نساء رائدات في هذا المجال، على غرار السيدة خضرة سالم التي اختارت مهنة الفلاحة واستطاعت تطويع الأرض بأناملها بتمويل من وكالة "أونجام" تندوف حتى أصبحت من بين الممونين للسوق المحلية بالتمور والمحاصيل الموسمية. وأشارت المديرة الولائية ل "أونجام" تندوف، أن البرنامج الخاص بشراء المواد الاولية الخاص بالجنوب، والذي تبلغ قيمته 250 ألف دينار قد استقطب عددا كبيرا من النساء الحرفيات، خاصة المهتمات بصناعة الخيم والحلي التقليدية، وأرجعت هذا الاهتمام الى طبيعة صيغة التمويل التي ناسبت طبيعة المرأة الريفية بالولاية ونشاطاتها الحرفية.