مضت ستة أشهر على الزلزال المدمر الذي ضرب جبال الأطلس الكبير في المغرب، الذي بلغت قوته 6.8 درجة، ليلة 8 إلى 9 سبتمبر 2023، وما زال الآلاف يعانون من غياب المأوى المستقر والمياه النظيفة والمرافق الضرورية. ذكر تقرير نشره موقع "إذاعة فرنسا الدولية"، أنّ أوضاع الضحايا لا تزال محفوفة بالمخاطر، إذ لم يتم دفع المساعدات التي وعدت بها الدولة للعديد من الأسر، كما أنّ عملية إعادة الإعمار تتم ببطء، خاصة في المناطق النائية. وكشف التقرير، أنّ حجم المساعدة التي وعدت بها الحكومة المغربية للمنكوبين ضئيل جدا، فهو أقل من الحد الأدنى للأجور في المملكة، وفي العديد من القرى المحيطة بمراكش وفي جبال الأطلس الكبير، لا يزال السكان متأثرين، وينامون في ملاجئ مؤقتة. ووفقاً لشهادات استقتها الإذاعة الفرنسية من أمزميز، على بعد بضعة كيلومترات من مركز الزلزال، تتدفق المياه من الجبال بين الخيام، وفي غياب الأنابيب، تصبح مياه صرف صحي راكدة مسببة ظروفا غير صحية وأمراضا. وعلى مسافة أبعد قليلاً في طلعة يعقوب، أعرب السكان عن استيائهم عدة مرات وطالبوا بتسريع عملية إعادة الإعمار. وقد أبرزت آثار الزلزال الحاجة الماسة إلى ملاجئ مجهزة لفصل الشتاء ومقاومة للماء، وقادرة على تحمل فصول الشتاء القاسية ومواسم الأمطار في المنطقة، إلى جانب الحاجة الملحة لتحسين الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي لتجنب الأزمات الصحية. ولا يزال الطلب على المواد غير الغذائية مثل البطانيات والملابس ومنتجات النظافة مرتفعا، مما يعكس الاحتياجات المتنوعة والملحة للمنكوبين. الحكومة لا تبالي في الأثناء، كشف استطلاع أجراه المعهد المغربي لتحليل السياسات أن 11 % فقط من الذين تأثروا مباشرة بزلزال الحوز، أبلغوا عن تلقي الدعم والمساعدة من الحكومة، بينما أبلغ 33 % منهم عن تلقي الدعم والمساعدة من منظمات المجتمع المدني والجهات الخيرية، مما يشير إلى تفوق نسبة مساعدات هذه الأخيرة على نسبة المساعدات الحكومية. ورصد الاستطلاع المعنون ب "زلزال الأطلس الكبير..الكارثة، الأزمة، والاستجابة الحكومية"، أن نسبة ملحوظة تبلغ 44 % من المجيبين اعتبروا أن دعم الحكومة كان غير كاف. ورصد ذات المصدر، مستويات الرضا العالية 97 %، التي أعرب عنها المجيبون بخصوص مساهمة منظمات المجتمع المدني والجمعيات أثناء عمليات الإنقاذ وفي مساعدة الضحايا. وتعكس الإجابات تصورًا مقلقًا لسوء السلوك والتحديات في توزيع المساعدات خلال أزمة الزلزال، فعلى سبيل المثال، يُنظر إلى سرقة المساعدات والتلاعب بها على أنها منتشرة جدا أو منتشرة من قبل ما مجموعه 90 % من المجيبين، ممّا يشير إلى مشاكل كبيرة في المساءلة والنزاهة في تدبير المساعدات. المنكوبون ناقمون علاوة على ذلك، عبرت نسب ملحوظة من المجيبين عن مخاوف بشأن قضايا مثل التحرش الجنسي والاستغلال (% 67) وعدم الاكتراث لثقافة المجتمعات المتأثرة بالزلزال وحقوقهم في الخصوصية (% 70)، والاستغلال لأغراض دعائية (83 %)، والتلاعب من قبل التجار (76) خلال الأزمة. وقالت الدراسة إنّ هذه النتائج تسلط الضوء على الحاجة الماسة لآليات حكامة قوية، وتكريس مبادئ الشفافية، والمعايير الأخلاقية لمعالجة هذه المشاكل في هذه المنظومة وضمان توزيع المساعدات بشكل عادل ومسؤول، معتبرة الجهود المبذولة لتعزيز الرقابة، وتقوية تدابير النزاهة، وإعطاء الأولوية لكرامة ورفاهية السكان المتأثرين أمرا حتميا للحفاظ على مبادئ المساعدة الإنسانية، وإعادة بناء الثقة في عمليات الإغاثة.