حظي ملف البطالة بالجزائر باهتمام كبير في السنوات الأخيرة، من خلال تبني مقاربة اقتصادية تفضّل دعم الاستثمار المنتج المحدث لفرص العمل، بمساهمة الفاعلين والشركاء عبر جملة من الإجراءات تهدف لإرساء مسعى قطاعي مشترك لمعالجة مسألة التشغيل والبطالة. عملت الجزائر على إنشاء هيئات واعتماد أساليب من شأنها امتصاص البطالة، ودعم ومرافقة المقاولاتية وإنشاء المؤسسات المصغرة، وتبني برامج لرعايتها وضمان البيئة المناسبة لاستمرارها، غير أن رئيس الجمهورية تدخّل بإجراء يعد الأول من نوعه في الدول العربية والافريقية لصون كرامة المواطن الجزائري، جعل الجزائر ثاني دولة تقرها بعد سويسرا سنة 2022، والمتمثل في جهاز منحة البطالة لفائدة البطالين بقيمة 13 ألف دج، ليتقرّر رفعها إلى 15 ألف دج. وبلغ عدد المستفيدين منها الذين تقاضوا رواتبهم شهر جانفي 2024، 2.013.819، ولرفع قابلية التشغيل للمستفيدين من هذه المنحة، وإلى غاية دورة أكتوبر 2023، تمّ توجيه وقبول 288.702 مستفيد من المنحة في أطوار التكوين، تخرّج منهم 117.043 وتمّ توجيه 323.495 مستفيد من منحة البطالة نحو عروض العمل، حسب آخر الاحصائيات التي أعلن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، فيصل بن طالب. ويرى الخبير الاقتصادي الهواري تيغرسي، أنّ مشكلة البطالة كانت تمثّل بالنسبة للسلطات العمومية أكبر مشكلة تهدّد طبعا الاقتصاد الوطني، لهذا تعمل جاهدة عبر عديد القرارات المهمة سيما من خلال منحة البطالة، امتصاص البطالة التي كانت السنة الماضية تقريبا في مستويات 9.3 بالمائة، وهو معدل ضخم خاصة مع الأزمة المالية في المراحل السابقة والأزمة العالمية والتضخم المساند وكثير من المشاكل. وأوضح تيغرسي في تصريح ل "الشعب"، أنّ السلطات العمومية اتخذت قرارات مهمة جدا، من خلال السياسات العمومية والاستراتيجية الوطنية لبعث العملية، علما أنّ الحركية التي تعرفها المؤسسات الخاصة وحتى بالنسبة للمؤسسات المتوسطة والدعم الموجود في هذه المؤسسات، وكذلك الأمر بالنسبة للحركية التي تسجلها الجامعات من خلال دور المقاولاتية هدفه الوصول خلال المراحل القادمة إلى مليون أو مليوني مؤسسة. وحسب الخبير الاقتصادي، فإنّ هذا النوع من التفكير الذي يرمي إلى تعزيز وتطوير النسيج المؤسساتي مهم جدا، ولكن يجب تفعيله من خلال طبعا قرارات إدارية أو عبر الحركية الاقتصادية، وقد كانت البداية عن طريق الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية "أناد"، لأنّ الهدف هو خلق حركية بالنسبة للاقتصاد الوطني. وأشار المتحدّث إلى أنّ الامتيازات التي تمنحها في الوكالة، سواء بالنسبة للامتيازات الجمركية والامتياز الضريبية وشبه الضريبية والامتيازات العقارية ترتبط بشرط واحد، وهو مدى توفير هذه المؤسسة لمناصب العمل، وهو العامل الفارق بين هذه المؤسسة ومؤسسة أخرى. وأكّد تيغرسي أنّ قانون الاستثمار الذي يتضمّن بعض المواد المهمة التي تهدف الىتطوير تفعيل بعض القطاعات من خلال شركات ونسيج مؤسساتي متنوع بما فيها شركات المناولة لكل القطاعات، سواء بالنسبة لصناعة السيارات، أو المشاريع الاستثمارية الكبرى بالنسبة للمناجم أو البنية التحتية من خلال الطرقات والسكك الحديدية، وحتى بالنسبة للفلاحة من خلال المشاريع الفلاحية الموجودة في الجنوب الكبير، حيث تمّ رفع المساحات الفلاحية إلى 2 مليون هكتار خلال سنتين بعدما كانت 8.5 مليون هكتار، علما أنّه يوجد هناك 7 مليون هكتار غير مستغل، في حين أن الإمكانيات الوطنية التي هي في حدود 49 مليون هكتار، هي أراضي فلاحية، إلى جانب وجود منظومة رقمية لتوزيع العقار الفلاحي في الجنوب واستغلال. في مقابل ذلك، ذكر الخبير بالدعم الدولة من أجل خلق مؤسسة من خلال صناديق دعم الشباب على مستوى 58 ولاية، بمعدل تمويل 100 مليار دج لكل ولاية، إلى جانب "أناد"، وحركية أخرى في تطوير الاقتصادي الوطني، مشيرا إلى وجود عمل كبير للسلطات العمومية بكل الجبهات بهدف خلق الثورة وإدماج الشباب في مناصب شغل، حيث كانت البداية بدعم حقيقي ل 2.8 مليون مواطن كمنحة بطالة للشباب لغاية توفير مناصب شغل، رغم أنّها عبء بالنسبة للخزينة العمومية. وحسب تيغرسي هناك استراتيجية واضحة ومتكاملة مستمدّة من قانون الاستثمار، الذي يركّز على قطاعات محورية يعوّل عليها في استحداث فرص عمل وكذا الثروة، ويتعلق الأمر بكل من قطاع الفلاحة، الصناعة التحويلية، المناجم، اقتصاد المعرفة، الصيد البحري وحتى السياحة، من خلال تحفيزات مهمة، في حين هناك بعض البيروقراطية التي ينتظر من خلال تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية الولوج لمنظومة رقمية لاستغلال الإمكانيات الهامة المتوفّرة بالجزائر، كما يجب القيام بمزيد من الإصلاحات للقوانين التي صادق عليها البرلمان عبر استصدار المراسيم التنفيذية لتفعيلها على أرض الواقع، لاستقطاب الأموال المكتنزة بالسوق الموازية، والمقدّرة ب 90 مليار دولار وهو رقم مهم جدا.