نفّذت إيران هجوما بمسيّرات وصواريخ ليل السبت إلى الأحد في أول عملية مباشرة من هذا النوع تشنّها الجمهوريّة الإسلاميّة من أراضيها ضدّ الكيان الصهيوني، ردّا على تعرض القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بدمشق مطلع أفريل الجاري، لهجوم صاروخي صهيوني، أسفر عن مقتل 7 من المستشارين العسكريين الإيرانيين. جاء هجوم طهران الذي أكدت واشنطن مشاركتها في التصدي له، في خضم العدوان الصهيوني المستمر على غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي، والذي خلّف أكثر من 100 ألف بين شهيد وجريح ومفقود، غالبيتهم من الأطفال والنساء. أكّد الحرس الثوري الإيراني شنّ عملية محدودة وناجحة بهجوم بمسيّرات وصواريخ على الكيان الصهيوني ردّا على قصف هذا الأخير في الأول من أفريل، لمبنى قنصلية طهران في العاصمة السورية، ومقتل عدد من القيادات والمستشارين العسكريين الإيرانيين. وتزامنا مع الهجوم، أطلق حزب الله اللبناني صواريخ كاتيوشا في اتّجاه هضبة الجولان المحتلة، وأطلق الحوثيّون في اليمن صواريخ باتّجاه جنوب الكيان الغاصب. الردّ جاء دفاعا عن النّفس وقد اعتبر رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، "أنّ الصّفعة التي وجّهها الشعب الإيراني للعدو الصهيوني، كانت صفعةً محكمةً، وفيها درس وعبرة". وأضاف "أنّ الرد الإيراني سيكون أشد وأقوى إذا قام الكيان الصهيوني بأي تحرك". وفي كلمةٍ ألقاها في الجلسة العلنية للمجلس، صباح أمس، أشار قاليباف إلى أنّ "الرد المحكم لحماة الشعب الإيراني أبهج قلوب أبناء شعبنا"، وأكّد اندراج "العمل العسكري الإيراني" تحت عنوان "الرد على الاعتداء الصهيوني، وفي إطار ميثاق الأممالمتحدة". وعن التهديدات الصهيونية بالرد على العمليات الإيرانية، شدّد قاليباف على أنه "في حال قام الكيان الصهيوني بأي تحرك، سيكون الرد الإيراني أشد وأقوى". من جانبه، قال مندوب إيران في الأممالمتحدة أمير سعيد إيرواني، إن "رد طهران جاء دفاعا عن النفس وهو ما نصت عليه المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة." طهران تعلن نجاح عمليتها
أكّدت إيران أنّ نصف الصواريخ التي أطلقت باتجاه الكيان أصابت أهدافها بنجاح، وفي تقييمها للردّ، أكّدت وكالة "إرنا" الرّسمية أنّ نصف الصواريخ التي تمّ إطلاقها باتجاه الكيان الصهيوني أصابت أهدافها بنجاح، وقالت إن القوات الإيرانية استهدفت بنجاح قاعدة جوية للاحتلال في النقب باستخدام صواريخ "خيبر"، وأشارت إلى أنّ تلك القاعدة كانت منطلقا للهجوم على القنصلية الإيرانية بدمشق. من جهته، قال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي إنّ الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية تمكّنت من عبور الدفاعات الجوية الصهيونية، وأكّد أنّ الهجوم الإيراني أدى إلى تدمير موقعين عسكريين للاحتلال مهمين. وشدّد سلامي على أنّ الرد الإيراني انتهى، ولا توجد رغبة في مواصلته لكن بلاده سترد بقوة إذا ما استهدفت القوات الصهيونية مصالحها، مشيرا إلى أنّه إذا شاركت واشنطن في أي هجوم ضد إيران، فسيتم استهداف قواعدها بالمنطقة ولن تكون بمأمن. واعتبر قائد الحرس الثوري الإيراني أنّ دولة الاحتلال الصهيوني تجاوزت الخطوط الحمراء باستهداف قنصلية إيران في سوريا، وكان لا بد من الرد عليها. من جهته، زعم الجيش الصهيوني أمس الأحد في بيان "إحباط" الهجوم، مؤكّدا اعتراض "99 بالمائة" من الطائرات المسيّرة والصواريخ التي أطلقت، بمساعدة حلفاء تتقدّمهم الولاياتالمتحدة. وأوضح الجيش الصهيوني في بيان أنّ إيران "أطلقت أكثر من 300 تهديد من أنواع مختلفة"، منها "صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة وصواريخ كروز"، وأكّد أنّه "من أصل أكثر من 120 صاروخا باليستيا، اخترق عدد ضئيل جدا حدود الكيان وسقط في قاعدة لسلاح الجو في نفاطيم (بالجنوب)، وألحق أضرارا طفيفة في منشأة". ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن الأضرار التي لحقت بالكيان وفق التقييم الأولي محدودة نسبيا نظرا لحجم الهجوم. وأشارت الصحيفة إلى أنّ معظم عمليات الإطلاق كانت من إيران، وجزءا صغيرا منها من اليمن والعراق. وأعادت سلطات الاحتلال فتح مجالها الجوي فجر أمس، بعد إغلاقه، وكذلك فعل الأردن ولبنان والعراقفي مؤشر على انتهاء الرد الايراني في الوقت الراهن. التزام أمريكي بأمن الكيان أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان أن واشنطن ساهمت في إسقاط "تقريبا كل" المسيرات والصواريخ التي أطلقتها إيران على الكيان الصهيوني. وشدّد على أنه أكد لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو في اتصال هاتفي "التزام الولاياتالمتحدة الثابت بأمن الكيان"، كما ذكر بايدن أنّه سيدعو قادة مجموعة السبع إلى تنسيق "ردّ دبلوماسي موحّد" على الهجوم الإيراني. وكان الرئيس الأمريكي قطع عطلة نهاية الأسبوع خارج واشنطن، وعاد إلى البيت الأبيض السبت لإجراء مشاورات عاجلة مع فريقه للأمن القومي بشأن الشرق الأوسط. هذا، وطلبت طهران من واشنطن عدم التدخّل في هذا التصعيد، وأكّدت البعثة الإيرانية لدى الأممالمتحدة "هذا نزاع بين إيران والكيان الصهيوني، ويجب على الولاياتالمتحدة البقاء في منأى عنه". دعم بريطاني وفرنسي وقد ذكرت مصادر إعلامية صهيونية "أنّ فرنسا وبريطانيا كانتا من بين الدول المشاركة في صدّ الهجوم الإيراني على الكيان الغاصب، وبأنّ طائرات بريطانية أسقطت بعض المسيرات الإيرانية المتجهة إلى الكيان فوق منطقة الحدود بين العراقوسوريا". وقال المتحدث باسم الجيش الصهيوني، أمس الأحد، إنّ فرنسا كانت من بين الدول المشاركة في الدفاع ضد الهجوم الإيراني. وأضاف "تمتلك فرنسا تكنولوجيا جيدة للغاية وطائرات ورادارات، وأعلم أنهم كانوا يساهمون بعمل دوريات في المجال الجوي"، مشيرا إلى أنه ليس لديه تفاصيل دقيقة عما إذا كانت الطائرات الفرنسية قد أسقطت أيا من الصواريخ التي أطلقتها إيران.