استغلّ السفير الصحراوي، سيدي محمد عمار، ممثل جبهة البوليساريو بالأممالمتحدة، فرصة عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات حول بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، ليطلب من المجلس الدولي اتخاذ خطوات ملموسة لتمكين هذه البعثة من التنفيذ الكامل لولايتها ومنح الشعب الصحراوي حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. التقى الدكتور سيدي محمد عمار، عضو الأمانة الوطنية، ممثل جبهة البوليساريو بالأممالمتحدة والمنسق مع المينورسو، بستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، بمقر الأمانة العامة للأمم المتحدة بنيويورك. وقد تناول اللقاء الذي تمّ قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن، واقع ومستقبل عملية السلام التي ترعاها الأممالمتحدة في الصحراء الغربية، حيث عرض بالتفصيل ممثل الجبهة بالأممالمتحدة موقف جبهة البوليساريو بهذا الخصوص وشدد في هذا الإطار على أن ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف ولا للمساومة، ولا للتقادم في تقرير المصير والاستقلال هي السبيل الوحيد للحل السلمي والعادل والدائم لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية. وكان الطرف الصحراوي قد ندّد بشدة بالتصريح الذي أصدرته دولة الاحتلال المغربية عقب لقاء ستافان دي ميستورا مؤخراً بوزير خارجيتها لما تضمنه من لغة الرفض والتعنت، واجترار لنفس مواقف التعنت والعجرفة التي تُثبت من جديد عدم امتلاك دولة الاحتلال لأي إرادة سياسية للتقدم باتجاه الحل العادل والدائم. المطلوب خطوات ملموسة وأكّد سيدي محمد عمارمن جديد أنّ خطة التسوية الأممية الأفريقية، التي قبلها طرفا النزاع، جبهة البوليساريو والمغرب، في أوت 1988، وصادق عليها مجلس الأمن بالإجماع في قراريه 658 (1990) و690 (1991) تبقى هي الحل الواقعي والمعقول والقائم على التوافق لقضية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، وطالب مجلس الأمن الدولي باتخاذ خطوات ملموسة لتمكين المينورسو من التنفيذ الكامل لولايتها على النحو المحدد في خطة التسوية الأممية الأفريقية. وأوضح بأن مجلس الأمن الدولي قام بإنشاء "المينورسو" تحت سلطته، في أفريل 1991، بولاية واضحة ومحددة هي تنظيم استفتاء تقرير المصير دون قيود إدارية أو عسكرية وحسب خطة مسبوقة بوقف لإطلاق النار. ومنذ ذلك الوقت، يقول السيد سيدي عمار، دأب المجلس على تمديد ولاية "المينورسو" دون الوصول إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير، بسبب حالة الجمود التي توجد فيها عملية السلام والتي تعود بالدرجة الأولى إلى "عرقلة الاحتلال المغربي وتقاعس مجلس الأمن، تحت تأثير بعض من أعضائه الفاعلين". وشدّد ممثل جبهة البوليساريو على أنّ استفتاء تقرير المصير يبقى "السبيل الوحيد المؤدي إلى الحل السلمي والعادل والدائم لقضية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية"، مضيفا بأنّ "ما عدا ذلك، فهو مجرد الدوران في حلقة مقاربة الغموض الهدام التي تحاول من خلالها بعض الأطراف تمييع الطبيعة الدولية للقضية الصحراوية وإطالة معاناة الشعب الصحراوي، ظنا منها أن جرائم دولة الاحتلال ستسقط بالتقادم". وهنا جدّد ممثل جبهة البوليساريو التأكيد على أن "الشعب الصحراوي مصمم على استرجاع سيادته على كامل ترابه الوطني مهما كلّف ذلك من ثمن". تقاعس مجلس الأمن لابدّ أن ينتهي خلال تطرقه لدور المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء الغربية لإعادة بعث مسار السلام، قال السفير الصحراوي بأنه "رغم المجهودات التي يقوم بها المبعوث الشخصي لتفعيل العملية السلمية، غير أن المشكل الجوهري ما زال قائما بسبب التلازم بين غياب الإرادة السياسية لدى دولة الاحتلال المغربية وتقاعس مجلس الأمن الدولي عن ضمان التنفيذ الكامل لولاية المينورسو". وبالتالي، يضيف السفير الصحراوي، فإن سعي بعض الأطراف لحصر دور مجلس الأمن في "دعم مجهودات المبعوث الشخصي" ما هو إلا "محاولة لتبرير هذا التقاعس وتحويل مركز ثقل إدارة عملية السلام من المجلس إلى المبعوث الشخصي". مكاسب القضية كثيرة عن المكاسب الدبلوماسية التي تمكّنت الدبلوماسية الصحراوية من تحقيقها الى غاية اليوم، أشار إلى أن المكسب الأهم على المستوى الأفريقي "يكمن في استمرار تعزيز مكانة وحضور الجمهورية العربية الصحراوية القوي في الاتحاد الأفريقي وعبر شراكاته الدولية. كما يبقى حفاظ الجمهورية الصحراوية على المركز الدولي للقضية الصحراوية كقضية تصفية استعمار على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وهيئاتها ذات الصلة مكسبا هاما للشعب الصحراوي". وفي الختام، جدّد استعداد الطرف الصحراوي لمواصلة العمل مع الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي بهدف التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم للنزاع بين الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية طبقاً لمقاصد ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة، وأهداف ومبادئ القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي. وأكّد الطرف الصحراوي على تصميم الشعب الصحراوي القوي والثابت على مواصلة كفاحه الوطني بكل الوسائل المشروعة، بما فيها الكفاح المسلح، حتى بلوغ أهدافه التي لا مساومة عليها في الحرية والاستقلال وبسط السيادة على كامل ربوع الجمهورية الصحراوية.