الشراكة الجزائرية القطرية.. 100 ألف هكتار و3.5 مليار دولار لتجسيد الحلم نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الحليب واللّحوم حظّي مشروع انشاء شركة "بلدنا" القطرية الجزائرية لإنتاج مسحوق الحليب على مساحة تفوق 100 ألف هكتار، باهتمام كبير من الخبراء وحتى المواطنين باعتباره سيوجه لتلبية حاجياتهم اليومية الاستهلاكية ومن مادتي الحليب وكذا اللّحوم، بعد دخوله في الإنتاج، ابتداء من سنة 2026 على مراحل. يشكل المشروع الضخم عالميا والأول من نوعه في الجزائر نقطة انطلاق نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحليب إلى تحقيق الاكتفاء في بقية القطاعات الغذائية الحيوية، المرتبطة بشعبتي الحليب واللحوم، عبر تكريس الاعتماد على الإنتاج المحلي. اعتبر الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي د. مراد كواشي، مشروع "بلدنا" القطري الجزائري استراتيجي ذو أهمية اقتصادية واجتماعية بالغة، خاصة وأنه يأتي في هذا الوقت بالتحديد من سنة 2024، إذ يعرف الاقتصاد العالمي موجة من الاضطرابات الاقتصادية ومعدلات النمو الاقتصادي منخفضة ناهيك عن وجود تخوّف كبير من طرف أغلب المستثمرين على المستوى العالمي. وأوضح د. كواشي في تصريح ل«الشعب"، أن قيمة هذا المشروع 3.5 مليار دولار هامة جدا، قياسا إلى الظروف التي يشهدها الاقتصاد العالمي، بهدف إنجاز مشروع منظومة متكاملة زراعية صناعية لتربية الأبقار وإنتاج الحليب المجفف ومشتقاته على مراحل. وبحسب الخبير الاقتصادي يكتسي المشروع أهمية كبيرة اقتصاديا، واجتماعيا، واستراتيجيا، فبالنسبة للشق الاجتماعي ينتظر أن يساهم المشروع في توفير 5 آلاف منصب عمل مباشر، إلى جانب استحداث عشرات الآلاف من مناصب العمل غير المباشرة. تقليص فاتورة الاستيراد ومن الناحية الاقتصادية سيغطي هذا المشروع في سنته التاسعة 50 بالمائة من احتياجات الجزائر من بودرة الحليب أي ما يعادل 194 ألف طن سنويا، وبالتالي سيساهم في تقليص فاتورة الاستيراد من مادة الحليب، بالإضافة إلى تزويد السوق الوطنية 84 ألف رأس من العجول الموجهة للذبح سنويا، ما يعني التقليص أيضا من فاتورة استيراد اللّحوم الحمراء، وعليه فإن هذا المشروع سوف يحقق وفرة كبيرة في مادتي الحليب واللّحوم، ما يساهم في تقليص فاتورة الاستيراد وبالتالي سيؤدي إلى تحسين الميزان التجاري وتحسين ميزان المدفوعات وزيادة الناتج الوطني الخام. بيئة استثمارية جذّابة من جهة أخرى، اعتبر الخبير الاقتصادي الإصلاحات التشريعية التي عرفتها الجزائر في السنوات الأخيرة بعد استكمالها للبناء المؤسساتي وفي مقدمتها قانون الاستثمار، ناهيك عن العديد من القوانين والترسانة القانونية التي وضعتها الجزائر ساهم في استحداث بيئة استثمارية مشجّعة ومن ذلك قانوني النقد والصرف، قانون العقار.. كلها اصلاحات والتي كان هدفها تحسين مناخ الاعمال ساهمت وشجّعت القطريين على الاستثمار في مثل هذا المشروع في الجزائر. ويعتقد المتحدّث أن هذا المشروع سوف يكون أيضا بادرة خير ويفتح الباب أمام مشاريع أخرى، خاصة وأنه سوف يزيد من مصداقية الجزائر على المستوى الدولي، وسيعزّز ثقة دول أخرى ومستثمرين أجانب آخرين في بيئة الأعمال الجزائرية وفي الاستثمار في الجزائر، عندما يرون تجسيد مشروع بهذا الحجم في الجزائر ونجاحه ما سيؤدي إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى بلادنا. نسيج مصغّر للخواص ويرى الأستاذ الجامعي أن تحقق هذه المؤشرات تبشر بمشاريع قادمة سوف تسجل لاحقا، وهذا نتيجة للجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة الجزائرية في سبيل تحسين مناخ الأعمال سواء من الناحية الاقتصادية، التشريعية القانونية، الانفتاح على الأسواق الإفريقية، تحسين البنية التحتية، وهي المجهودات التي تقطف بلادنا اليوم ثمارها. وتوقّع د. كواشي أن يتولّد عن مثل هذا المشروع الضخم نسيج صناعي، يتكون من مؤسسات صغيرة متوسطة وحتى ناشئة، تتعامل مع المشروع الكبير، في تخصصات صناعة الأجبان، للإطعام، مشاريع الفنادق، وانطلاق مشاريع في سلاسل الإمداد وكذا للنقل.