إبراز أهمية البعد الاقتصادي من الناحية الأمنية الاستقلالية المالية والاقتصادية للجزائر الجديدة حققت أهدافها حمل خطاب رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، بمناسبة زيارته إلى مقر وزارة الدفاع الوطني، رمزيات ودلالات سياسية وأمنية، عسكرية واقتصادية هامة، تؤكد على عمق التماسك بين مؤسسات الدولة الجزائرية، وتحمل ردا واضحا للأطراف الخارجية التي لا تكف عن اختلاق الأكاذيب والأراجيف عن الجزائر، بأن وحدة البلد وسيادتها خط أحمر لا يمكن لأحد أن يتخطاه، بحسب ما صرح ل«الشعب" أساتذة من قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية. يرى الدكتور حسام حمزة، أن زيارة رئيس الجمهورية للمؤسسة العسكرية تزامنت مع اليوم الوطني للذاكرة، وأنها تؤكد على عمق التماسك بين المؤسسات الوطنية الكبرى، خاصة رئاسة الجمهورية والجيش الوطني الشعبي، والرسالة التي تم توجيهها من قبل الرئيس ورئيس الأركان ضرورية للخارج خاصة، ولكل الأطراف التي تعمل دائما على نشر صورة مشوهة عن الواقع الجزائري، فالزيارة أكدت على عمق التماسك بين مؤسسات الدولة الجزائرية. ويواصل الأستاذ حسام التأكيد على أن الدول تُبنى بجيش مهاب واقتصاد قوي، وهو تأكيد على تلك العلاقة المتعاضدة بين العسكري والاقتصادي في بناء الدول، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن تحافظ الدولة على بقائها في النظام الدولي الحالي المتسم بالفوضى وبالعودة إلى ما يسمى بالحروب الكلاسيكية، لا يمكن أن تحافظ على بقائها، وعلى أمنها وسيادتها دون قوة عسكرية تكون مواكبة لمختلف التحديات والتهديدات التي تواجهها ضمن النظام الدولي "الفوضوي". واستدل المتحدث في تحليله بأن أقوى الدول، مثل التي تتبنى خطاب الديمقراطية، وتدعي أنها تعمل على نشره في العالم، نجدها هي الأقوى عسكريا، والأكثر إنفاقا على الأسلحة وعلى القطاع العسكري، مشيرا إلى أن الجيش والقوة العسكرية تعد ركيزة أساسية لبقاء واستمرار الدولة، وفي الوقت نفسه لإفشاء قوتها وتأثيرها على المستويين الإقليمي والدولي، لأن المعادلة الدولية الحالية في النظام الدولي مبنية على أساس أنه "كلما كنت أقوى، كلما كنت مهابا أكثر ومحترما أكثر"، وهذا ما تعمل عليه الجزائر والجيش الوطني الشعبي من خلال استراتيجيته العسكرية متعددة الأبعاد. من جهة أخرى، يعتقد المتحدث أنه عندما يتم الدمج بين القوى العسكرية والاقتصاد المتطور، يعد ذلك دليلا على عمق الإدراك بأنه لا يمكن الحفاظ على القوة العسكرية إلا باقتصاد متطور، يوفر مداخيل دائمة، واستقرارا للدولة ويجعلها قادرة على أن تضطلع بمهمتها الأمنية والعسكرية، وفي الوقت نفسه فإن الحديث عن البعد الاقتصادي، في بناء الدول واستمرارها وفي تطورها، مرتبط بعامل مهم جدا من الناحية الأمنية، لأنه يضمن الاستقرار ويضمن مزيدا من الاندماج بين الجيش والشعب، وبين الشعب والسلطة، ولذلك فإن التركيز على البعد الاقتصادي مهم جدا - يقول المتحدث - من الناحية الأمنية. أما من الناحية الدولية، يقول حسام حمزة إن الدولة كلما كانت قوية اقتصاديا، كلما اكتسبت أوراق التأثير في محيطيها الإقليمي والدولي، وتعزز في الوقت ذاته من سيادتها، مشيرا إلى أن الدول التي تخترق سيادتها هي تلك لجأت إلى الاستدانة فأصبحت رهينة بيد المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، والذي يعد في حد ذاته أداة في يد القوى التي تستخدمه من أجل السيطرة والهيمنة والتحكم في الدول. ونرى أن الاستقلالية الاقتصادية - يؤكد حمزة - انعكست على السياسة الخارجية الجزائرية في الفترة الأخيرة، منذ طوفان الأقصى وما قبله. وقال، إن استقلالية القرار الجزائري وقدرته على المواجهة وحتى على الاشتباك الدبلوماسي مع القوى العالمية، على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية داخل مجلس الأمن، وهذا مصدره الاستقلالية المالية والاستقلالية الاقتصادية التي تحظى بها الجزائر، والتي تجعلها قادرة على تلبية تطلعات الشعب الاجتماعية، وعلى تقديم خدمة عمومية أفضل، تكسبها الشرعية داخل أوساط الشعب. من جهته، يرى المحلل السياسي والنائب بالبرلمان الدكتور علي ربيج، أن زيارة رئيس الجمهورية إلى مقر وزارة الدفاع جاءت في توقيت مهم جدا، من حيث أن الجزائر تحضر لخوض انتخابات رئاسية مسبقة بتوقيت قصير، وهي حاسمة في تاريخ البلد، ولأنها تعد كذلك أحد مؤشرات الاستقرار السياسي، لأن إنجاح هذا الاستحقاق يقدم رسالة للداخل مفادها أن مؤسسات الدولة ساهرة على النظام وعلى استقرار الدولة. أما الرسالة الأخرى، هي أن رئيس الجمهورية قد أحدث هذا التقليد من خلال زيارته الى وزارة الدفاع، كونه وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو يؤكد من خلالها أن مؤسسة الجيش هي واحدة من المؤسسات الدستورية والمؤسسة التي تسهر على استقرار البلد، وان هذا التعاون والتكامل ما بين المؤسسة السياسية المتمثلة في رئاسة الجمهورية ورئاسة الأركان ومؤسسة الجيش الوطني الشعبي والمؤسسات الأمنية الأخرى. وأضاف المتحدث في السياق، أن كل هذه الرسائل توحي باستقرار الجزائر الذي يأتي من خلال وقوف وتجند القوات المسلحة الجزائرية بكل قطاعاتها للدفاع عن أمن واستقرار البلد، ولإحباط أي محاولات أو مخططات قد تستهدف البلد، سواء من خلال الحدود أو عمليات التهريب أو الجماعات الإرهابية. كما حملت كلمة الرئيس رسالة الى الخارج - يقول ربيج - على اعتبار أن هذه الأطراف الخارجية والمنظمات غير الحكومية وبعض الدول التي "تتحرش" بالجزائر، تحتاج لمثل هذا الرد الواضح، الذي يؤكد أن وحدة الجزائر خط أحمر لا يمكن لأحد، مهما كان، أن يتخطاه. كما جاءت كلمة الرئيس في وقت يشهد انهيارا كليا للمنظومة الدولية التي فشلت في حماية الشعب الفلسطيني، والتي وقفت عاجزة أمام غطرسة الاحتلال الصهيوني، وهذا يؤكد حقيقة أن الدول لا يمكن أن تعول على استقلالها واستقرارها وأمنها من خلال هيئة الأممالمتحدة التي فشلت في أداء دورها كمنظمة دولية. أما الدكتور أحمد ميزاب، فإنه يرى كلمة رئيس الجمهورية وكلمة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول سعيد شنقريحة، تحملان العديد من الدلالات، باعتبار أنهما تؤكدان أن طبيعة التحديات التي تواجه الجزائر في ظل واقع إقليمي ودولي، يعرف متغيرات وتحولات عميقة، بالإضافة الى طبيعة السياسات وأهميتها الاستراتيجية التي تنفذها الدولة الجزائرية في إطار صناعة الاستقرار والحفاظ كذلك على المكتسبات الوطنية وكذا تحقيق مقومات السيادة الوطنية. وعلى هذا الأساس - يضيف المتحدث - فإن كلمتي الرئيس ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أكدتا على جاهزية تبني السياسات الوطنية الناجحة والفعالة، التي تسهم بشكل كبير جدا في تحقيق الأهداف الإستراتيجية وفي ضمان معادلة الأمن والاستقرار في ظل إقليم مضطرب وعالم متغير.