اولت قيادة الدرك الوطني عناية بالغة لملف القضاء على البيوت القصديرية، بالموازاة مع ارتفاع نسبة الجرائم المسجلة على مستواها واحتضانها للعديد من اوكار الفساد، و في هذا الصدد، باشرت اجهزة الدرك حملة واسعة النطاق لتهديم هذه البيوت بمجرد تكفل الدولة بترحيل اصحابها، و تم في مقابل ذلك، نصب العديد من مراكز الامن الجوارية بالقرب من هذه الاحياء بهدف متابعة الاوضاع عن قرب واجهاض أي محاولة لبناء بيوت قصديرية جديدة، فضلا عن ضمان الامن والاستقرار للمواطنيين في المنطقة. وعلى غرار ما تقوم به باقي المصالح المعنية بالموضوع، فان المجموعة الولائية للدرك الوطني بالجزائر، اعلنت منذ الفاتح نوفمبر الجاري حربا ضد تنامي هذه البيوت التي تشوه منظر المحيط وتنعدم بها ادنى شروط النظافة والصحة، وقامت منذ ذلك الحين بتهديم ما لا يقل عن 72 كوخا، اخرها كان بالناحية الغربية للعاصمة، حسبما اوضحه العقيد مصطفى طايبي قائد المجموعة الولائية، في اخر ندوة عقدها بمقر الفرقة الاقليمية للرغاية، اين تم تهديم 17 بيتا قصديريا،11 منها بحي الصواشات، وثلاثة بحوش الرويبة، اما الباقي، فبحي النصر، وذلك في اطار عملية المداهمة التي شنها افراد الدرك الوطني بالعاصمة ليلتي 12 و13 من الشهر الجاري. ولدى تعقيبه على هذه النتائج، اعتبرها العقيد طايبي جد ايجابية مقارنة بالفترة الوجيزة التي تمت فيها، بالاضافة الى الظروف الصعبة التي ترافق عملية التهديم حيث يواجه عناصر الدرك الوطني اعتراضات عنيفة من قبل الساكنين بداخل البيوت القصديرية، مما يستدعي التحلي بالصبر من قبل افراد السلاح الاخضر و اقحام عدد معتبر من عناصر الفصيلة الخاصة بالتدخل السريع للتحكم في الوضع، خاصة عندما يلجأ بعض المواطنين الغاضبين الى التهديد بالانتحار او تفجير قارورة من غاز البوتان المنزلي، او غيرها من الاساليب التي يعمد اليها هؤلاء السكان غير الشرعيين، قصد احراج القوات العمومية وعرقلة عملية القضاء على البيوت القصديرية في المناطق الحضرية. وحول الاسباب التي دفعت الى الاسراع في وتيرة تهديم هذه البيوت، اشار المتحدث الى ان الدوافع عديدة ومتنوعة وكلها مؤسسة، ففضلا عن كون هذه البيوت قد اضحت عاهة تعيق جمال عاصمة البلاد، فانها باتت منبعا لشتى اشكال الاجرام والفساد، ومصدر لمئات الشكاوي التي تتلقاها المصالح الامنية يوميا، مما جعل من القضاء عليها امرا اكثر من ضروري، لا سيما بعد ابداء الدولة ارادة صادقة للتكفل بالعائلات القاطنة بها، بحيث تم احصاء ما لا يقل عن 45 الف بيت قصديري على مستوى العاصمة، واتخدت السلطات العليا للبلاد على عاتقها الالتزام باعادة اسكان اصحابها على مراحل وفي شكل دفعات، وهو ما ينفي امكانية التسامح مع بناء المزيد من هذه البيوت، كون القضية قد كلفت مبالغ مالية باهضة على حساب الخزينة العمومية. من جهته، كشف المساعد بداني جيلالي قائد فرقة عين البنيان، ان وحدات الدرك الوطني تمكنت خلال الفترة الممتدة بين الفاتح جانفي 2008 الى غاية الشهر الجاري، من تهديم 406 بيوت قصديرية عبر 13 مقاطعة ادارية، تابعة لاختصاص الدرك الوطني على مستوى الجزائر العاصمة، موضحا ان كل فرقة اقليمية تلقت تعليمات صارمة بشان متابعة الملف عن قرب، والتدخل عند تسجيل أي محاولة جديدة لبناء بنايات اخرى محل تلك التي يتم تهديمها. وفي ذات السياق، اكد المساعد ان نطاق الاختصاص التابع للفرقة الاقليمية بعين البنيان، يحصي في الوقت الراهن ما يزيد عن 6030 ساكن اغلبهم نازحين من ولايات المدية، بجاية وتيارت خاصة النساء منهم، وهم موزعين عبر البيوت القصديرية في كل من حي11 ديسمبر المعروف ب »الغابة«، حي الصخرة الكبرى وحي الكاليتوس، اين يتم تسجيل العديد من الشكاوي بصفة مستمرة و بمعدل 3 الى 4 قضايا يوميا، معظمها تتعلق بالضرب والجرح ضد الاصول، فضلا عن السرقة والاعتداءات. كما اوضح المتحث ان اصعب الجرائم التي تشهدها المنطقة بكثرة وبصورة خاصة داخل الاحياء القصديرية، هي الجرائم الاخلاقية والتي غالبا ما يتم التستر عليها في بادئ الامر، بحيث ان عدم التبليغ عنها فور وقوعها يعرقل عملية التدخل واجراء التحقيقات الاولية مما يحول دون معالجة عدد منها. وبهذه الخطوة التي من شانها ان تكون بداية لنهاية تنامي البيوت القصديرية في العاصمة، ومنعطفا حاسما في مسار القضاء على الاكواخ، تكون اجهزة الدرك الوطني قد شدت الحبل بطرفيه في مرحلة اقل ما يقال عنها انها عصر ازدهار شتى اشكال الاجرام، خاصة ان بعض هذه الاحياء يعد مقر سكن عدد من الارهابيين الذين فجروا انفسهم مؤخرا في عمليات انتحارية استهدف فيها الابرياء بعد ان نجح بعض الطغاة في تجنيد شباب صغار غُرر بهم وبرمجوا، غُسلت أدمغتهم فأصبحوا قنابل موقوتة لتنفيذ مؤامرة حقيرة وخبيثة. ------------------------------------------------------------------------