شكّل التراث الثقافي الحسّاني ودوره في توطيد روابط التبادل والتواصل مع دول الجوار، محور ملتقى وطني احتضنته المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية أبو القاسم سعد الله بتندوف، وأشرف على تنظيمه الديوان الوطني للحظيرة الثقافية لتندوف بمناسبة إحياء شهر التراث، وكان الملتقى فرصة لإبراز دور الثقافة الحسّانية في تعزيز أواصر الترابط بين مجتمعات بني حسّان، والتأكيد بأنّ ثقافة البيظان هي عنصر مشترك بين العديد من دول المنطقة ولا يحقّ لأيّ جهة كانت تبنّيها. ويعدّ التراث الحسّاني موروثاً ثقافياً ثريّاً ومتنوّعاًّ أثبت مقدرته على الاستمرار والتجديد دون الذوبان في الثقافات الأخرى، فالتراث الحسّاني بشقّيه المادي واللامادي، هو مُحصّلة غنية لتجارب مجتمع البيظان غرب الصحراء الكبرى، امتدَّ في إقليمه الجغرافي ليصل إلى تندوف وأقصى الجنوب الجزائري مروراً بموريتانيا، الصحراء الغربية، شمال مالي، وشمال النيجر. يهدف الملتقى حسب القائمين عليه، إلى التعريف بأبعاد هذا التراث الثقافي المشترك وتثمينه، والتفكير في آليات الحفاظ عليه انطلاقاً من تاريخ هذا الموروث، من فنون شعبية وممارسات وطقوس ثقافية، بالإضافة إلى الكمّ الهائل من الوثائق والخزائن التي تؤرّخ للحركية العلمية والمعرفية التي عرفتها المنطقة، ودورها الفعّال في التواصل الروحي والصوفي والديني مع دول الجوار، وهو ما يجعل الاهتمام بهذا الموروث الثقافي والعلمي ضرورة راهنة وملحّة. وتطرّق المتدخّلون إلى أبعاد وآليات تثمين التراث الثقافي الحسّاني كنواة للتواصل بين الجزائر ودول الجوار، والأهمية التاريخية والتوثيقية لمخطوطات ووثائق خزائن تندوف بين البعدين المحلي والإفريقي، كما خُصّص جانب من المداخلات لإبراز دور الحركة الصوفية في نشر الإسلام في غرب إفريقيا، وامتداد اللهجة الحسّانية بين الجنوب الغربي الجزائري ودول الجوار وموسيقى أزوان كتراث ثقافي حسّاني مشترك بين الجزائر ودول الجوار.