دعا المختص في الموارد المائية بجامعة بشار، الدكتور مرزوقي تهامي إلى حماية "الفوقارة" الموجودة في عديد المناطق من الصحراء الجزائرية، خاصة أنها تعد فريدة من نوعها في العالم، والعمل على جعلها ضمن التراث الثقافي العالمي نظرا للخصوصيات التي تتمتع بها. أفاد الدكتور تهامي في تصريح ل«الشعب" أن " الفوقارة" ليست عبارة عن نظام توزيع المياه فحسب، بل هي مؤسسة اقتصادية واجتماعية وعلمية، إضافة لكونها رمزا للتراث المائي العالمي بالجزائر، وهو تجسيد لعبقرية الإنسان في الواحات الجزائرية. وقال تهامي في تعريف "الفوقارة" إنها تجسد المعارف والتقنيات لدى كيالي الماء، كما أن الفوقارة الجزائرية نظام تقني يعود تاريخه إلى الألف الأولى قبل الميلاد، ويمثل إنجازا هندسيا مستداما في إدارة مياه الممرات السفلية التي تم نحتها بدقة، كما تستخدم الأحواض المائية بشكل مستدام من مرتفع مائل لري المحاصيل، لاسيما في زراعة النخيل. وأضاف قائلا: "الفقارات" تجسد كذلك تراثا ثقافيا، تربط المجتمعات من خلال تقنية، استنادا لاحتياجات كل مزارع، وهي تراث شاهد على البراعة البشرية والتوافق مع الطبيعة ومع الهوية الثقافية". أوضح تهامي أن نظام توزيع وسقي المياه "الفوقارة" الموجودة في عدة مناطق بالصحراء الجزائرية، تختلف عن تلك الموجودة في البلدان الأخرى التي لديها جداول زمنية للفقارات فقط، بينما الموجودة في بلادنا لديها فقارات الساعية والحجمية، كما أن الجزائر تتمتع بخبرة غنية جدا في الفقارة، حيث يوجد 7 أنواع منها، تتمثل في اللبيان، عرق، بستان، عين وادي واكدة وقنادسة، وهي عبارة عن أنظمة سقي تقليدية. ونظرا لأهمية الفوقارة – يقول محدثنا - بات من الضروري إعداد إستراتيجية طويلة المدى للحفاظ على هذه الثروة الطبيعية وحوكمتها آنيا ومستقبلا، بهدف تحقيق الأمن المائي، مع استشراف مستقبل قطاع المياه، كما تحدث عن التحديات التي تواجه الجزائر في مجال المياه، مشيرا إلى أن لديها موارد مشتركة مع الدول الحدودية، منها 4 خزانات جوفية، مياه سطحية، ولذلك يرى من الضروري تكثيف المراقبة حولها خاصة من الجهة الجنوبية الغربية، بالإضافة الى تكثيف المتابعة والدراسات حولها. أما فيما يتعلق بإدارة المياه في الجزائر، فإن مرزوقي يرى أنه ما تزال هناك بعض الاختلالات، مشيرا إلى الجهود المبذولة من قبل الدولة في قطاع الموارد المائية، لافتا كذلك أن الموارد المائية محدودة، وتتعرض للاستنزاف باستمرار، لهذا يذهب إلى أن إدارة هذه المسألة لا تكمن في كمية المياه المتوفرة، وإنما في غياب مجموعة كبيرة من العوامل التي تحول دون الاستفادة من توظيفها في مختلف المجالات الصناعية والزراعية.. وأكد مرزوقي - في هذا الصدد - على أهمية ضمان الأمن المائي، وقال إن الجزائر تسعى إلى تحقيق اكتفائها الذاتي من الموارد المائية الموجهة للاستعمالات المختلفة، كما تعمل على ترشيد استهلاكها، خاصة في ظل الندرة الناجمة عن العديد من العوامل أهمها التغيرات المناخية والبيئية التي أدت إلى توسيع الفجوة المائية والتي لا بد من التصدي لها لتفادي ما يسمى اقتصاديا "بالفقر المائي".