تمهيد الطريق لتحقيق سبل السلام والنمو المستدام ثمّن أساتذة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية وفي الإعلام والاتصال، اللقاء التشاوري الذي جمع، الثلاثاء، رئيس الجمهورية بممثلي الأحزاب السياسية، مؤكدين في تصريحات ل «الشعب» أنه يساهم في تنشيط الحياة السياسية ويعطي دفعا للأحزاب لتقوم بأدوار إيجابية وثقةً لتكون فاعلا في الديناميكية السياسية تحسبا للاستحقاقات السياسية القادمة. اعتبر مدير مخبر الدراسات الإعلامية والاتصالية بجامعة سكيكدة الدكتور جمال بن زروق، الحوار الفعال والشامل بين الدولة والأحزاب السياسية عنصرا أساسا من عناصر السياسة الديمقراطية، كما يوفر مستوى مهما من الثقة والتعاون بين الأحزاب، من شأنه تمهيد الطريق لتحقيق سبل السلام والنمو المستدام في البلاد. أوضح بن زروق في تصريح ل»الشعب»، أن الحوار الذي فتحه الرئيس مع مجموعة الأحزاب السياسية، يهدف إلى بناء الثقة والإرادة السياسية من أجل التغيير. وتعتبر هاتان المسألتان بالغتي الأهمية في البلدان السائرة في طريق الديمقراطية، وهي المنطلقات الأولى التي اعتمد عليها رئيس الجمهورية والتي سيكون لها وقع إيجابي من عدة نواحي. تعد هذه المبادرة - يقول المتحدث - بمثابة نقطة انطلاق لنشاطات سياسية حزبية في الأيام القادمة، بحثا عن أرضية وفاق لتسيير المراحل القادمة في ظل الرهانات الجيو- سياسية التي تعرفها الجزائر. من الناحية الإعلامية، تعتبر هذه المبادرة بمثابة رسالة قوية للمشككين في نوايا السلطة في فتح الحوار مع الشركاء السياسيين، واحتكار الفضاء العمومي بخطابات موجهة. كما يمكن أن تكون هذه النافذة، التي تواصل من خلالها الرئيس مع الأحزاب السياسية، بمثابة دعوة للاشتراك في النقاشات السياسية والاجتماعية وفي جميع قضايا الأمة. أما من الناحية الاجتماعية، قال بن زروق إنه يمكن أن تؤدي هذه المبادرة الى طمأنة الرأي العام بأن هناك نية للنقاش السياسي الحر وتبادل الآراء والأفكار بين مكونات الساحة السياسية من سلطة ومعارضة. والدليل على ذلك، أن الرئيس استقبل كل الأطياف السياسية من مساندين ومعارضين ومن مختلف التيارات السياسية والفكرية. بالنسبة للدكتور حمزة حسام أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، فإنه يرى أن رئيس الجمهورية انفرد هذه المرة بلقاء تم بصورة جماعية مع الأحزاب السياسية، وهو بذلك يفسح مجالا أوسع للتواصل بين قادة التشكيلات السياسية. وهو لقاء كذلك بين رأس هرم السلطة، ممثلا في رئيس الجمهورية، والنخب السياسية ممثلة في الأحزاب. كما يأتي في سياق الانتخابات الرئاسية، التي تعد الأهم على الإطلاق بحسب المتحدث في الرزنامة السياسية. وللأحزاب السياسية جذور محورية في هذا الاستحقاق ودور مفصلي في العملية الانتخابية في كل مراحلها. قال حسام في تصريح ل»الشعب»، إن في هذا اللقاء تم تحديد السقف الذي يجب أن يحترم في الخطاب السياسي في المرحلة المقبلة، وأن تطرح الأفكار حول الطرق المثلى التي تستجيب لقوانين الجمهورية، وتراعي في الوقت نفسه التطلعات السياسية للأحزاب، وهي الأمور التي يمكن إحصاؤها ضمن إيجابيات اللقاء بين الرئيس والأحزاب. يرى حسام، أن هذا التواصل المباشر فيه نوع من التقدير من الناحية الرمزية للعمل الحزبي. كما يتضمن رسالة، أن رئاسة الجمهورية أو الدولة الجزائرية تقدر العمل الحزبي، وتريد من خلاله أن تؤسس لعمل سياسي «ناضج» يتجنب الأخطاء التي وقعت فيها الأحزاب في المرحلة السابقة، ويتجنب في ذات الوقت الوقوع في حالة الاستقطاب التي حدثت في فترة الحراك. أوضح المتحدث في السياق، أن إنضاج الحوار بين الأحزاب السياسية وحصره ووضعه ضمن أسقف معينة، يجنب الوقوع في حالة الاستقطاب، ويكرس في ذات الوقت لممارسة سياسية واعية ومتحضرة، يستفيد منها المواطن، لأن الحوار بين الأحزاب السياسية من شأنه أن يثري النقاش السياسي داخل الدولة ويضمن حركية سياسية في المرحلة القادمة، التي على أساسها ستتحدد المشاركة في هذا الاستحقاق، وهو معيار مهم بالنسبة لجميع المترشحين المنتظرين. وأضاف يقول، إن أحد المكاسب الأساسية لهذا اللقاء، أن الأحزاب السياسية قد تعتبره منطلقا لها في المستقبل من أجل العمل أكثر، مشيرا الى أن العمل الحزبي لم يرقَ لحد الآن إلى مستوى الوعي الذي يجب أن يكون عليه، على الأقل في الظرفية السياسية الراهنة إقليميا ودوليا. كما أن البلاد بحاجة الى حركية سياسية داخلية تعزز اللحمة بين أبناء الوطن وتعزز في ذات الوقت مستوى الوعي وتستمع للمواطنين وتصوغ مطالبهم وتحولها الى برامج سياسية، كما سيعزز الحوار روح التنافس بين الأحزاب.