تغطية الطلب على أدوية السرطان بشكل كامل.. نهاية 2025 التسريع في عملية تسجيل الأدوية.. ضرورة قصوى أكد رئيس الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة الدكتور عبد الواحد كرار، أن النسيج الصناعي الصيدلاني قفز إلى مرحلة مرموقة من الأداء والجودة، وصار بإمكان هذا القطاع الحساس، تغطية معظم الاحتياجات الوطنية، بفضل ما يتوفّر من مخابر صار بإمكانها تطوير الأدوية الكيميائية، ودعا كرار إلى تقليص المدة الزمنية المستغرقة في تسجيل الأدوية، والتوجّه نحو الاستثمار في إنتاج الأدوية الحيوية Biotechnology واللقاحات. تناول الدكتور عبد الواحد كرار واقع الصناعة الصيدلانية الجزائرية، بكثير من الفخر بما تحقّق عبر خطوط الإنتاج على مستوى المصانع، وكذا تغطية سوق الأدوية المحلية، المرشحة للارتفاع إلى مستويات أعلى من حيث الابتكار والانتشار عبر أسواق أبعد من القارة السمراء، وقال إن الجزائر في الوقت الحالي تتمتع بنسيج صيدلاني يشكّل علامة فارقة، بعد أن نجح في تغطية نسبة معتبرة من الطلب الوطني على الدواء، قدرتها شركة الإعلام الصيدلاني "إيكوفيديا" نهاية شهر مارس الماضي بنحو 71.5 بالمائة. الكفاءة الجزائرية.. ووقف رئيس اتحاد المتعاملين في الصيدلة على القدرات الكامنة للصناعة الجزائرية، متوقّعا أنه يمكنها بلوغ أقصى درجات التغطية شرط أن يتمّ تسجيل الدواء بالتوازي مع طلبات المصنعين، مشيرا - في سياق متصل إلى أن الوكالة الوطنية للأدوية سجلت ما لا يقل عن 270 دواء جديد، ويعتقد محدثنا أن طاقة المصانع المقدر عددها عبر كامل التراب الوطني بنحو 200 مصنع، يمكنها أن تنتج المزيد من الأدوية المطلوبة في السوق، وحسب تقدير كرار، فإنه إذا تمّ تسجيل نحو 5 أدوية جديدة في السنة لكل مصنع، يمكن الوصول إلى تحقيق أزيد من ألف دواء جديد. وعاد الدكتور كرار في قراءة لواقع سوق الأدوية، ليكشف أن الجائحة الأخيرة أكدت أن الامتحان الصعب لهذه الفترة، تبيان لأهمية الإنتاج الصيدلاني الجزائري، وقدرته على مواجهة أي طارئ، فقد تحقّق الكثير للصناعة الصيدلانية الجزائرية، في وقت مازال العالم يعيش إلى يومنا هذا تذبذبا في إمدادات الدواء، لم تسلم منه الدول الكبرى نفسها، وذلك راجع - يوضح كرار إلى عدة أسباب بينها تسجيل تذبذب في وفرة المواد الأولية المستعملة في صناعة الأدوية، إلى جانب التذبذب في السلاسل اللوجستية. وفي حديثه عن الشروع في تصنيع العشرات من الأدوية التي تشهد ندرة محليا خلال العام الجاري، لم يخف الدكتور كرار أن الأدوية المسجلة ضمن قائمة الدواء النادر تختلف من سنة لأخرى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن صناعة الدواء تطورت بشكل كبير في الجزائر، ليشير - في السياق - إلى أن عدة مصانع ومخابر شرعت في تصنيع أدوية ضد الأورام، ولقد تمّ تطوير إنتاج أدوية السرطان بالجزائر، وفي مخابر جزائرية، وبسواعد وابتكارات كفاءات محلية، يعوّل عليها كثيرا في المرحلة المقبلة لتحقيق مستويات جديدة عالية الأداء، فالكفاءات الجزائرية يؤكد محدثنا قادرة على تطوير منتجات كانت تستورد بالعملة الصعبة، والمنتج الجزائري يضاهي المنتجات المسوقة في دول متطورة. الاستثمار في البيو تكنولوجيا واللقاحات وتوقّع الدكتور كرار أن تكتمل - نهاية عام 2025 - تغطية جميع الطلب على أدوية مرض السرطان الكيميائية من حبوب وحقن، وهذا ما سيخفض كثيرا من فاتورة استيراد الأدوية، مقدرا تكلفة هذه الأدوية بحوالي 40 مليار دج، وهذا ما يسمح للجزائريين بعلاج هذا المرض بأدوية منتجة محليا ذات جودة عالية. وبخصوص قدرة القطاع على ضخّ المزيد من الثروة، وتأمين سوق الدواء بالإنتاج المحلي، دعا الدكتور كرار إلى الاستثمار في البيو تكنولوجيا واللقاحات، علما أنها أدوية لا تزل الجزائر تستوردها، وبالموازاة مع ذلك، اشترط محدثنا انتهاج مبدإ التصدير الذي يكفل لمخابر البحث وتطوير المنتجات الجديدة مواصلة جهودها، إضافة إلى السماح لآلتها الإنتاجية بالاستمرار في ضخّ الأدوية، على خلفية أن الجزائر واجهت في السابق، تحديات عويصة تمثلت في رفض العديد من مخابر إنتاج الأدوية تحويل التكنولوجيا، وكانت تفضل توريد منتجاتها فقط، لكن الجزائر وبالمستوى الكبير الذي وصلت إليه، مستعدة أن لا تكتفي بتسويق الأدوية إلى بلدان القارة السمراء، بل وتحويل التكنولوجيا لها، فالجزائر تدرك التحديات التي تواجه إفريقيا بخصوص ما تحتاجه من أدوية للقضاء على عدة أمراض وأوبئة. وأشار كرار إلى أن السوق الإفريقية كبيرة وواسعة، وتحتاج إلى كميات معتبرة من الدواء، ذلك أن 80 بالمائة من الأدوية المنتجة بالقارة السمراء، يتمّ تصنيعها في ثماني بلدان فقط، وكلها بلدان تملك أزيد من 50 مصنعا، ويتعلّق الأمر بالجزائر ومصر وجنوب إفريقيا ونيجيربا، وتأسف لأن 79 بالمائة من الأفارقة لا يستهلكون من الأدوية سنويا لا يتعدى 25 دولارا سنويا بالنسبة للفرد الواحد، بينما 12 بالمائة منهم، يتراوح حجم استهلاك الدواء بين 25 و50 دولارا. في حين، أن بعض الدول ومن بينهم الجزائر وتقدر نسبتهم 9 بالمائة، فإن الاستهلاك السنوي الفردي للدواء يسجل فوق 80 دولار، وأكد كرار في السياق أن الجزائر لن تدخّر جهدا في مساعدة البلدان الإفريقية على تطوير النظم الصحية من خلال نقل تجربتها الرائدة. بناء شراكات لتصنيع المواد الأولية وعلى خلفية أن مختلف مخابر ومصانع الدواء تلجأ لاستيراد موادها الأولية، وبالنظر إلى ما تزخر به الجزائر من إمكانات وقدرات على التصنيع، اقترح الدكتور كرار بناء شراكات واستثمارات مع دول أوروبية، وتمثل عن ذلك بإطار الشراكة مع دول الإتحاد الأوروبي، من أجل استغلال مواد أولية جزائرية، ورفع نسب الإدماج في صناعة الدواء، ومن ثمّ توفير أدوية ومواد أولية لهذه الدول من الجزائر، خاصة وأن الجزائرية قريبة من أوروبا، هذا ما يحمل العديد من المزايا، بينها تقليص تكلفة نقل واستيراد هذه المواد الأولية إلى جانب المساهمة في الخفض الكربوني. ووصف الدكتور كرار النسيج الصناعي الصيدلاني الجزائري ب«الكبير والمعتبر والفعال"، وأشار إلى أهمية تنويع الأسواق الخارجية وعدم الاكتفاء بالتصدير نحو دول القارة السمراء، في ظلّ التأهب الجاري من أجل التصدير نحو أسواق أوروبية، على اعتبار أن أسعار الأدوية فيها مرتفعة، وكشف أن موعد التصدير إلى أسواق دول أوروبية مقرّر خلال العام الجاري، إلى جانب الاستعداد عبر تسجيل عدة منتجات لتسويقها في أسواق منطقة الشرق الأوسط. تجربة ناجحة ببعد استراتيجي إن تجربة صناعة الدواء ناجحة بالجزائر، ولقد أخذت بعدا استراتجيا كما يقول الدكتور كرار، وهذا دون شكّ ما يعكس نهضة كبيرة انطلقت منذ سنوات، وامتزج فيها التخطيط المحكم بالرؤية الاستشرافية، والخطوة الأولى تتمثل في توسيع نطاق الأسواق والانتشار بشكل يرفع من الطاقة الإنتاجية ل200 مصنع، من 30 بالمائة إلى نسب أعلى تكون معتبرة. وقال كرار إنه ينظر إلى صناعة الأدوية والأمن الصحي بارتياح وتفاؤل كبير؛ لأن الجزائر برزت كأحد أهم البلدان الإفريقية المنتجة والمصدرة للدواء، بعد أن نجحت في توفير طلبها المحلي بنسبة عالية مرشحة لأن تبلغ مستويات أعلى خلال السنوات المقبلة في ظلّ الانفتاح على الاستثمار الخارجي وتشجيع الاستثمار المحلي. ومن الأوراق الرابحة المحقّقة من هذا النسيج الصناعي، التخفيض الكبير في فاتورة الاستيراد، ما يجعل السيادة الدوائية الوطنية بين أيدي الجزائريين الذين أثبتوا أنهم قادرون على رفع سقف التحدي من أجل تطوير وتنويع هذه الصناعة المهمة.