أداء دور محوري في ضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية والفصل في الخلافات أكد رئيس المحكمة الدستورية، عمر بلحاج، أمس، أن المحكمة باتت تتمتع بصلاحيات واسعة في مجال الضبط والرقابة والتفسير، بموجب دستور 2020، وكشف عن تلقيها، منذ تنصيبها إخطارين بغرض تفسير أحكام الدستور وأصدرت رأيين بشأنهما. اعتبر بلحاج المحكمة الدستورية "إحدى الركائز الأساسية" التي قام عليها التعديل الدستوري الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وزكاه الشعب الجزائري في استفتاء الفاتح نوفمبر 2020. جاء ذلك، لدى افتتاحه ورشة حول "دور المحكمة الدستورية في تفسير الأحكام الدستورية"، نظمت بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، بالجزائر العاصمة، وشهدت عدة مداخلات لخبراء في الفقه والقانون الدستوري. وقال بلحاج، إن المحكمة الدستورية باتت تتمتع بصلاحيات "واسعة وغير مسبوقة"، باتت تؤهلها لآداء دور محوري في ضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية والفصل في الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية وتفسير أحكام الدستور، والرقابة على دستورية القوانين ومطابقتها للدستور، وحماية الحقوق والحريات. وفي مجال التفسير الدستوري، موضوع الورشة، أفاد رئيس المحكمة، أنه وقبل 2020، لم"يخول المجلس الدستوري صراحة صلاحية تفسير الدستور كاختصاص مستقل". ومع ذلك - يضيف المتحدث - لم تخل تجربة القضاء الدستوري في الجزائر من بعض بوادر تفسير أحكام الدستور، مشيرا إلى اضطلاع المحكمة (المجلس الدستوري سابقا) بدوره في مجال التفسير خلال فترات الأزمات السياسية، وأكد أن الصلاحيات التي منحها أياها المؤسس الدستوري بموجب دستور 2020، جعلها "تحوز على الاختصاص الحصري والصريح بتفسير أحكام الدستور"، وذلك لأول مرة في تاريخ العدالة الدستورية في الجزائر. ونبه إلى أن التفسير الدستوري من بين الأدوار الرئيسية للقاضي الدستوري "يمارسه بمناسبة اضطلاعه بصلاحياته المختلفة سواء كانت قضائية أو استشارية، أو كانت رقابية على دستورية القوانين ومطابقتها للدستور أو بمناسبة الفصل في المنازعات الدستورية المختلفة". وتنص المادة 193 من الدستور على أنه "يجوز لرئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الأمة، أو رئيس المجلس الشعبي الوطني، أو الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، أو 40 نائبا أو 25 عضوا من مجلس الأمة، إخطار المحكمة الدستورية لإبداء رأيها فيما يخص تفسير حكم أو عدة أحكام من الدستور". وأعلن بلحاج، بالمناسبة، على أن المحكمة الدستورية ومنذ تنصيبها، أخطرت في مناسبتين بغرض تفسير أحكام الدستور، "الأولى من طرف رئيس المجلس الشعبي الوطني، في حين جاءت الثانية عن طريق إخطار برلماني من نواب المجلس الشعبي الوطني، وأصدرت رأيين بشأن الأحكام موضوع الإخطار".3 وأكد رئيس المحكمة الدستورية، أنها وعندما تمارس اختصاصها في تفسير أحكام الدستور، ستؤدي دورا حيويا في تكريس الفصل بين السلطات وتوازنها وضمان السير الحسن للمؤسسات واستقرارها. ناهيك عن تفادي حدوث الخلافات بين السلطات الدستورية والفصل فيها في حالة حدوثها، وحماية الحقوق والحريات "ما يساهم في تعزيز دعائم دولة الحق والقانون"، يفيد المتحدث. إطلاق منصة إلكترونية وعلى هامش أشغال الورشة، أعلن رئيس المحكمة الدستورية، عن الإطلاق الرسمي "لبوابة الدفع بعدم الدستورية" التي تعزز بها الموقع الالكتروني للمحكمة، وتم تصميمها بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالجزائر. وأوضح بلحاج، أن هذه المنصة الرقمية، تهدف إلى اطلاع المواطنين بحقوقهم التي يكفلها الدستور وتمكينهم من ممارستها، "إذ تتيح هذه البوابة للجميع سواء كان، متقاضيا، محاميا، قاضيا، باحثا أو طالبا جامعيا الولوج بكل سهولة إلى كل ما يتعلق بالدفع بعدم الدستورية من اجتهادات ومستجدات عن طريق محرك بحث تم تصميمه خصيصا لهذا الغرض". على صعيد، عبر رئيس المحكمة الدستورية عن ارتياحه لمستوى تجسيد مشروع الشراكة المبرم مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالجزائر وعلى رأسه الممثلة المقيمة بليرتا اليكو، التي شارفت عهدتها على النهاية بعد 05 سنوات من توليها مهمتها. وأوضح أن الشراكة القائمة بين الطرفين، أسست لمرحلة جديدة من التعاون المشترك خاصة في شقه المتعلق بتعزيز قدرات المحكمة الدستورية في التعامل مع اختصاصاتها المستحدثة بموجب دستور 2020. من جانبها أشادت، بليرتا أليكو، بالصلاحيات الممنوحة للمحكمة الدستورية، في مجال القضاء الدستوري أو الرقابة او حماية الحقوق والحريات، وثمنت العمل المنجز بينها وبين برنامج الأممالمتحدة الإنمائي خاصة في مجال ترقية الثقافة الدستورية لدى المواطنين، على مدار 08 سنوات. وقالت إن الصلاحيات غير المسبوقة التي تضطلع بها المحكمة الدستورية، خاصة في مجال تفسير أحكام الدستور أو حل الخلافات بين السلطات الدستورية، تؤدي إلى تحقيق الانسجام بين مختلف الفاعلين. وتخللت الورشة جلستان، حول دستور تفسير الدستور في تفعيل الحوار المؤسساتي وترسيخ الممارسة الديمقراطية، وتكريس اختصاص المحكمة الدستورية في تفسير أحكام الدستور بموجب التعديل الدستوري للفاتح من نوفمبر 2020، شهدت مداخلات لخبراء واعضاء بالمحكمة الدستورية.