أجرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقا صحفيا من داخل قاعدة عسكرية في جنوب الكيان الصهيوني يُحتجز فيها مدنيون فلسطينيون من قطاع غزة، كاشفة بعض تفاصيل ما يتعرضون له من صنوف التعذيب والانتهاكات والحرمان من التواصل مع المحامين والأقارب. أفاد مراسل الصحيفة "باتريك كينغسلي"، الذي أجرى التحقيق، أن الجيش الصهيوني سمح له في أواخر ماي الماضي بزيارة مركز الاعتقال داخل قاعدة سدي تيمان العسكرية جنوب الكيان، لفترة وجيزة أجرى خلالها مقابلات مع قادتها العسكريين ومسؤولين آخرين تحدثوا إليه شريطة الحفاظ على سرية هويتهم. آلاف المعتقلين وأوضح المراسل أنه شاهد رجالا يجلسون في صفوف وهم مكبلو الأيدي ومعصوبو الأعين، فيما عساكر الاحتلال يراقبونهم من الجانب الآخر من السياج الشبكي مع منعهم من التحدث، ومن الوقوف أو النوم. وهذا جانب من المشاهد التي وقف عندها المراسل داخل في ثكنة "سدي تيمان" العسكرية التي تحولت إلى مركز إعتقال يُحتجز داخلها زهاء 4 آلاف معتقل من غزة أمضوا فيها قرابة 3 أشهر، من بينهم عشرات اعتقلهم عساكر الاحتلال في السابع من أكتوبر الماضي. صعق وكسر أضلاع وخلص تحقيق الصحيفة الأمريكية إلى أن هؤلاء المدنيين الفلسطينيين الذين بقوا في سدي تيمان عاشوا ظروفا مهينة دون القدرة على الترافع أمام قاضٍ لمدة تصل إلى 75 يوما. كما يُمنعون من الاتصال بمحامين لمدة تصل إلى 90 يوما، ويُحجب مكان احتجازهم عن المنظمات الحقوقية وعن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو ما يعد انتهاكا للقانون الدولي. وكشف 8 محتجزين سابقين أنهم تعرضوا للَّكم والرَّكل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق وجهاز كشف المعادن اليدوي أثناء احتجازهم. وقال 7 منهم إنهم أُجبروا على ارتداء "حفاضات" فقط أثناء استجوابهم. وذكر 3 منهم أنهم تلقوا صدمات كهربائية أثناء استجوابهم، فيما كُسرت أضلاع اثنين. شهداء تحت التعذيب ونقلت "نيويورك تايمز" عن عسكري صهيوني خدم في القاعدة العسكرية أن رفاقه كانوا يتفاخرون بانتظامٍ بضرب المحتجزين وشاهدوا علامات على تعرض العديد من الأشخاص لمثل هذه المعاملة. وقال العسكري -الذي اشترط عدم الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة القضائية- إن أحد المحتجزين نُقل لتلقي العلاج في المستشفى الميداني المؤقت في الموقع وهو يعاني من كسر في العظام أثناء احتجازه، بينما نُقل آخر لفترة وجيزة بعيدا عن الأنظار وعاد وهو ينزف من قفصه الصدري. وأضاف أن شخصا واحدا توفي في سدي تيمان متأثرا بإصابات في صدره. ومن بين ال4 آلاف معتقل في سدي تيمان منذ أكتوبر الماضي، توفي 35 منهم إما في الموقع أو بعد نقلهم إلى المستشفيات المدنية القريبة، وفقا لضباط في القاعدة تحدثوا إلى نيويورك تايمز. اعتداءات جنسية وحكى بعض المعتقلين لنيويورك تايمز تفاصيل لاعتداءات جنسية بشعة تعرضوا لها في مركز التعذيب، تسببت في مضاعفات صحية خطرة لعدد منهم، فيما لقي أحدهم مصرعه بسببها. وقد نفى الجيش الصهيوني، في بيان مطول أرسله إلى الصحيفة الأمريكية، حدوث "إساءة معاملة ممنهجة"، واصفا ما يتردد بهذا الشأن بأنها ادعاءات فردية "غير دقيقة أو لا أساس لها من الصحة على الإطلاق"، وربما "اختُلقت تحت ضغط من حركة حماس".