وبقيت الاسعار في نفس المستويات المتدنية تقريبا رغم الارتفاع الطفيف الذي شهدته أمس الجمعة حين افتتحت على ارتفاع نسبي بحوالي دولار للبرميل، متأثرة بالتحسن الطفيف في آداء بعض البورصات الآسيوية على الرغم من تراجع معظمها سواء الأوروبية أو الامريكية. ويوم بعد يوم يتأكد الاتجاه العام للأسعار نحو مزيد من الانزلاق القوي أحيانا ، كما حدث يوم الخميس الفارط والذي تدعم بعد ظهور بيانات تشير الى ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية بسبب تراجع الطلب على الخام، وأحيانا أخرى، تراجع طفيف، ولكنه متواصل مرده تعاظم المخاوف من صحة الاقتصاد العالمي المتاثرة بالازمة المالية العالمية التي يبدو أنها لم تكشف بعد عن كل فصولها، خاصة وأن العديد من اقتصاديات الدول المتقدمة قاب قوسين أو أدنى من الاعلان عن الدخول الفعلي في مرحلة الركود بعد أن سجلت بياناتها تراجعا في النمو الاقتصادي على مدى الأشهر الماضية، وقد لن ينجو من هذا الركود حتى تلك الدول الاوروبية التي تعمل جاهدة على عدم بلوغ مرحلة الركود مثل فرنسا، كما أن العديد من الصناعات باتت تعاني من تداعيات الأزمة المالية، مثل صناعة السيارات في أمريكا وأوروبا، وكذا قطاع النقل، وفي انتظار أن تنتشر عدوى تداعيات الازمة في قطاعات أخرى حساسة، وما يعني ذلك من فقدان لمزيد من مناصب العمل. واستمرار الأزمة المالية، يعني مزيدا من التخوف على الاقتصاد العالمي المهدد بالانكماش، ويعني ايضا مزيدا من التراجع في الطلب على النفط، وبالتالي، انخفاضات أخرى محتملة ومنتظرة في الاسعار، وفي مداخيل الدول المنتجة والمصدرة للنفط، مثل الدول الأعضاء في منظمة أوبك التي تسعى جاهدة الى الحد من الانزلاقات الخطيرة في الأسعار من خلال اتخاذ عدة قرارات لخفض الانتاج قصد امتصاص الفائض من المعروض، بعد تراجع الطلب، لكن هذه القرارات التي كانت فيما مضى تساهم الى حد ما في التأثير على الاسعار، لم تجد لها أي صدى يذكر في ظل عمق الأزمة المالية العالمية وتراجع أداء العديد من القطاعات الاقتصادية. وحسب بعض المحللين، فان عودة الأسعار الى ما فوق ال 100 دولار في المدى القريب يبدو أمرا مستبعدا في الظروف الراهنة، مفسرين بأن أسعارا مرتفعة كتلك التي شهدتها الأسواق في جويلية الماضي لم تكن طبيعية ولم يكن لها أي مبرر اقتصادي، وأن الأسعار الحالية هي الى حد ما الاقرب الى المعقول بسبب الوضع الاقتصادي الراهن، ولكن ايضا لاستبعاد احتمال نشوب حرب في الشرق الاوسط بعد رحيل بوش عن البيت الابيض وتوقف التهديدات بشأن احتمال ضرب إيران بسبب ملفها النووي، واغلاق مضيق هرمز، وأهميته في عبور ناقلات النفط، علما أن إيران التي تعد ثالث أكبر دولة من حيث احتياطي النفط بعد كل من السعودية والعراق وثاني أكبر بلد في احتياطي الغاز بعد روسيا، لا تزال تدعو الى تخفيض آخر في انتاج أوبك لوقف تدهور الاسعار، ورغم عدم استجابة السوق لقرارات المنظمة، إلا أن اعضاءها يسعون الى بذل المزيد من الجهود من أجل التحكم في آليات السوق، حيث لم تتوقف الاجتماعات العادية وغير العادية التي تتم مرة على الأقل في كل شهر، حيث قررت المنظمة تخفيض الانتاج بمقدار 500 ألف برميل في اليوم عندما برزت أولى بوادر التراجع الحاد وتلاه تراجع آخر بمقدار مليون ونصف مليون ب/ي وذلك في شهر أكتوبر الماضي على أن يلتقي الأعضاء، مجددا في نهاية الشهر الجاري اي السبت القادم، على هامش اجتماع الدول العربية المنتجة والمصدرة للنفط »أوبك« المقررة في القاهرة لاتخاذ قرار آخر لم يفصح عنه بعد أن استبعد وزير الطاقة والمناجم والرئيس الحالي »لأوبك« السيد شكيب خليل اتخاذ قرار آخر بخفض الانتاج، على أن يعقد اجتماع رابع للمنظمة في 17 ديسمبر القادم بمدينة وهران، سيخصص اساسا لبحث تطورات السوق النفطية واتخاذ القرارات المناسبة على ضوء أحدث المستجدات. ------------------------------------------------------------------------