لا تزال المعتقدات الخاطئة تسيطر على بعض العقليات الجزائرية خاصة النساء ...فبالرغم من التطور ات الطارئة ...فإن الاعتقاد بوجود قوة سحرية خفية لدى أولياء اللّه الصالحين، اعتقاد واسع لمسناه من خلال الدردشة التي اجريناها مع عينة، كشفت لنا مدى الاهتمام بمثل هذه الأمور، وذلك فمن خلال الزيارة التي قادتنا إلى ضريح عبد الرحمان الثعالبي المتواجد بشارع بن شنب بأعالي القصبة بالجزائر العاصمة. حنين يأخذها إلى المكان ونحن نهم بدخول المسجد اين يتواجد الضريح، حيث خصصت له غرفة، صادفنا السيدة ''س ج'' امراة في عقدها الرابع ...سألناها عن سبب الزيارة، فأجابت ان الحنين يأخذها اليه بعد ان تعودت مرافقة والدتها له منذ الصغر ...فهي تفضله حتى عن زيارة الأهل والأقارب ...كيف لا وقد ألفت تلك الطقوس التي كانت تمارسها والدتها، والتي بطبيعة الحال انتقلت اليها ...تقول ''س ج'' اصبحت لا استغني عن ممارسة الطقوس ...من تحية وطواف حول الضريح وتقبيل اركانه ....ولا اخفيك سرا ان قلت لك انني بمجرد ان اشرع بالدعاء باسمه اشعر براحة نفسية كبيرة وكلما اجد نفسي في حالة اكتئاب واحباط ألجا لهذا المكان، فأشعر بسعادة تغمرني ...فتتحول الأفكار السلبية الى ايجابية واصبح اكثر تقبلا للمشاكل التي امر بها. ...التوسل به يمنحها الشفاء! أما ''و ع ...'' سيدة جاءت برفقة فتاة ...حاولنا استدراجها في الكلام لكنها رفضت ....بعد محاولات عديدة استطعنا كسر حاجز الصمت لديها ...انتهت بإخبارنا بأن سبب مجيئها لزيارة الولي الصالح هو ابنتها البالغة من العمر خمسة عشرة سنة والمصابة بمرض عقلي ...حيث نصحتها والدتها وأقربائها بزيارة الضريح والتوسل أمامه ...علّه يمنحها الشفاء الذي لم تجده حتى عند الأطباء الاخصائيين، ايمانا منها بأن بركته تنجيها من المحنة التي ظلت تقاسيها منذ اكثر من عشر سنوات .... وأكدت لنا ''و ع'' انه في حالة شفاء ابنتها وهي متيقنة من ذلك، ستنظم ''وعدة'' بإعداد اطباق الكسكسي، وهي من بين الطقوس التي ترافق مثل هذه الزيارات وتتبعها تلقائيا في حالة ما إذا تحقق للشخص ما أراد فإنه يجد نفسه مجبرا على الوفاء بأدائها. يترددن على المكان للظفر بزوج وفي ذات المكان وجدنا شابة في الثلاثين من العمر ...كانت تهم بإشعال الشموع .... التي لا تمت بصلة لعاداتنا وتقاليدنا بصلة بقدر ما نجدها لدى النصارى في الكنائس ... سألناها عما يعني مثل هذا التصرف ... فأجابت انها ان بقيت مشتعلة لاأطول فترة ممكنة، فإن ذلك يعد بمثابة فال خير عليها خاصة وانها لم يسعفها الحظ في الزواج لحد الساعة ...وهو ايضا علامة قبول من الولي الصالح لاستجابة دعوتها، وبالتالي قضاء حاجتها وتفريج كربتها في أقرب الآجال .....فقد علمنا منها انها ليست الوحيدة التي تقوم بذلك ...فهناك العديد من الفتيات اللائي تأخرن في الزواج ...يقصدن المكان لفك السحر الذي اصابهن ثم ينلن بركة الوالي ويظفرن برضاه .... ثم بزوج المستقبل من وراء كل ذلك .... الأمر يختلف مع السيدة ''ب ت'' البالغة من العمر ستون سنة ...فالتبرك بالولي الصالح سيدي عبد الرحمان الثعالبي بمتابة مسكنات للمرض المزمن الذي تعاني منه ...ولأنها تقطن بالقصبة العليا القريب من المسجد الذي يتواجد به الضريح ... فهي تتردد عليه بانتظام ولا تفوت يوما من أيام الأسبوع إلا وزارته ... وفي هذا الصدد تقول إن الدعاء يساعدها ويمد لها يد العون ...فتشعر أن شدة المرض قد خفت خاصة بعد امضاء فترة معينة امام الضريح في الدعاء والتبرك به. انطلاقا من هذا يتضح لنا من خلال هذه التصرفات ان المرأة لازالت حبيسة الخرافات البالية خاصة عندما تواجهها مشكلة، حيث لا تتوانى في اللجوء الى الولي الصالح للتخفيف عن نفسها لاعتقادها ان ذلك يساعدها على قبول وضعيتها الاجتماعية والتعايش معها بصفة طبيعية وممارسة حياتها بشكل أفضل ...