دفعت الحصيلة الدموية لمواجهات بنغازي، بين سكان المدينة وكتيبة درع ليبيا المشكلة من الميليشيات المسلحة التي أطاحت بالنظام السابق كنا لها يداها في الداخل والخارج، وقد تحولت إلى شوكة في حلق السلطات الحالية، خاصة بعد رفضها إلقاء السلاح والإندماج في الأطر النظامية لأسلاك الأمن المختلفة في ليبيا، بل أكثر من ذلك، تحولت الدولة الليبية ومؤسساتها إلى رهينة ضغوطات وممارسات هذه الجماعات المسلحة، تجلّى ذلك بوضوح من خلال إقرار قانون العزل السياسي شهر أفريل المنصرم. المؤتمر الوطني العام أعلى هيئة في السلطة الإنتقالية الليبية وبلهجة غير مسبوقة أمر الحكومة التي يرأسها زيدان بحلّ الميليشيات المسلحة قبل نهاية السنة، وإتخاذ كل الإجراءات لإنهاء كل مظاهر التسلح ولو تطلب ذلك إستعمال القوة المسلحة، وإدماج الكتائب التي اعتمدتها السلطات الليبية على غرار كتيبة درع ليبيا في الجيش والأمن الليبيين، خاصة وأن هذه الأخيرة، كلفت بتأمين مدينة بنغازي إثر الإنفجارات التي شهدتها مدعومة بقوات الصاعقة، إلا أن الأحداث الدامية في المدينة، أول أمس، وجدت فيه السلطات المناسبة للخلاص من معضلة فوضى السلاح. إن الحصيلة الثقيلة للمواجهات، كان لها صداها في الداخل والخارج، صدى دفع بالمؤتمر العام إلى إقرار حداد وطني مدته ثلاثة أيام على أرواح الضحايا الذين سقطوا. والأمم المتحدة من جهتها وأمام هذا العنف الدموي، أعربت عن قلقها، مما يحدث في ليبيا. الأكيد أن الاحتقان الشعبي في ليبيا، قد وصل مداه، من ممارسات الجماعات المسلحة، فخروج مظاهرات ضدها في بنغازي التي تعتبر (مهد الثورة الليبية)، أو كما تسمى، يثبت أن مهمة هذه الجماعات، قد انتهت، وأن السلطات الليبية التي طالما إستعملت لغة ليّنة معها تفاديا للمواجهة، هي الآن كما يبدو أكثر إصرارا على غلق ملفها، بعد أن تقوّضت هيبتها في الداخل، وأثرت على إلتزاماتها في الخارج، ويبدو أن القبول السريع لإستقالة اللواء يوسف المنقوش، رئيس الأركان، وإمضائه على قرار إسترجاع (4) مقرات من كتيبة درع ليبيا لتسليمها إلى الجيش، يؤكد التوجّه الجديد للسلطات الليبية.