يبدو بأنّ الإزمة في مالي ماضية إلى الحل حتى وإن كان الطريق إلى إقرار الاستقرار وإعادة السيادة الوطنية على الشمال مايزال بعيدا وتعترضه العديد من العقبات، لعل أهمها إصرار الانفصاليين الطوارق على إقامة دولتهم المستقلة فوق ما يسمونها إقليمهم الخاص وهو إقليم الأزواد. وبهذا الخصوص قال وسيط في المحادثات التي تجري بين حكومة مالي والمتمردين الانفصاليين في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو، أنّ الجانبين توصّلا لاتفاق مبدئي يسمح بإجراء الانتخابات في موعدها في جويلية بكيدال المتنازع عليها بشمال مالي. وبدأت المحادثات بين الجانبين يوم السبت الماضي بعد أن شرع جيش مالي في التقدم الأسبوع الماضي صوب كيدال، آخر معقل للحركة الوطنية لتحرير أزواد في أول قتال مباشر منذ أشهر. وشنّت فرنسا حملة عسكرية كبيرة في جانفي أنهت سيطرة الارهابيين الذين تربطهم علاقات بتنظيم القاعدة على ثلثي مساحة مالي في الشمال وسمحت للطوارق باستعادة السيطرة على معقلهم التقليدي في كيدال. وأوضحت الحكومة أنّها تريد عودة الادارة المدنية والجيش إلى كيدال قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في 28 جويلية، وهدّدت بالسيطرة على البلدة إذا لم يتم التوصل لاتفاق خلال هذه المفاوضات. وقال جبريل باسول وزير خارجية بوركينا فاسو أنّه بخصوص النقطة المتعلّقة بنشر قوات مسلحة مالية في منطقة كيدال، فقد تمّ التوصل لاتفاق مبدئي، في انتظار الاقرار النهائي لهذه الوثيقة. وأضاف أنّه بموجب الاتفاقية سيتم تشكيل لجنة تضم الجانبين لمراقبة الأمن والتحضير لانتشار الجيش في كيدال. ويطالب الطوارق منذ عقود باستقلال سياسي أكبر عن العاصمة باماكو في الجنوب، وزيادة الإنفاق على تنمية المنطقة الفقيرة التي يطلقون عليها اسم أزواد. وبدأت الحركة الوطنية لتحرير أزواد انتفاضتها في بداية العام الماضي، وسرعان ما تحالفت مع المقاتلين الارهابيين الذين استغلوا انقلابا في العاصمة في مارس 2010 للاستيلاء على شمال مالي، وفيما بعد همّشت الجماعات الارهابية الأفضل تسليحا الحركة الوطنية لتحرير أزواد. وإذا كان الضوء بدأ يلوح في آخر النفق، فإن الوضع في شمال مالي بحاجة ماسة إلى تسوية نهائية تستجيب لمطالب الطوارق المشروعة، خاصة ما تعلق منها بدفع عجلة التنمية وتعزيز الحقوق السياسية والمشاركة في السلطة، وذلك حتى لا تستغل أطراف أجنبية حرمانها وتهميشها وتحرّضها على التمرد ورفع السلاح في وجه السلطة، بل وقد يمتد الأمر إلى دفعها لإعلان الانفصال كما حصل قبل سنة.