لم تشهد مصلحة الاستعجالات للمستشفى الجامعي مصطفى باشا الاكتظاظ الذي كانت تعرفه شهر رمضان خلال السنوات الماضية، حيث كانت أغلب الحالات بها «استعجالات جراحية» بالدرجة الأولى، التي تتطلب التكفل السريع للمريض غير أن بلوغ هذا «المنال» ليس سهل التحقيق دائما، بالإضافة إلى سلوكات أخرى تصدر من العاملين في حق المرضى، وفيما بينهم، الواقع توقفت عنده «الشعب» أمس لدى زيارتها لهذه المصلحة الحساسة قلب المؤسسات الاستشفائية النابض على الاطلاق. كانت الساعة ال11 صباحا عندما وصلنا إلى مستشفى مصطفى باشا، وبالتحديد إلى مصلحة الاستعجالات، صوت شجار وتهديد بالضرب من قبل أحد المرضى، الذي ما كاد يلتقط أنفاسه، لأنه تعرض للشتم من قريب لمريض آخر. وكادت حالة القلق والتوتر التي انتابت كليهما أن تؤدي إلى عنف جسدي يفرز عواقب وخيمة، لولا تدخل أعوان الأمن. دخلنا إلى المصلحة عندما سمعنا صوت الشجار، لنعرف ما يحدث، ولاحظنا أن الطاقم العامل لا يعير اهتماما لمثل هذه المسائل التي يبدو انه تعود عليها، فسألنا عن السبب قالت لنا إحدى العاملات بأن الأمر يتعلق بعدم احترام أحد المرضى لدوره، الجميع هنا يتعامل بمنطق أن له الأسبقية لأن حالته استعجالية، وهذا ما حمله للمجيء إلى هذه المصلحة . سجلنا كذلك أن عاملات بالاستعجالات كن يتجاذبن أطراف الحديث أمام باب المصلحة، في الوقت التي يوجد فيه مرضى في حاجة إلى تكفل وعناية. تطلبت إحدى الحالات من إجراء فحوصات الدم، غير أن الممرضة لم تقم بهذه العملية حسب ما لاحظناه في عين المكان، ما أثار فوضى، تطلبت تدخل عون الأمن الذي توسل لها للإسراع والقيام بعملها كما يمليه الواجب والضمير، لكنها لم تكترث للأمر، وواصلت حديثها دون أن تعير أي اهتمام، ما جعله يهددها بعدم التدخل في حالة ما إذا تعرضت لمكروه من قبل أهل المريض، الذين استاؤوا للأمر . رغم إعادة تهيئة مصلحة الاستعجالات الجديدة بمستشفى مصطفى باشا الجامعي وتحديثها بأرقى واحدث التقنيات والتجهيزات المتطورة، إلا أن هناك الكثير من المرضى يشتكون من نقص في الطاقم الطبي المكلف بمعاينة المرضي فور وصولهم إلى هذه المصلحة. مثل هذه التصرفات جلبت تذمر المرضى، فعبروا عن ذلك إما بالانتقاد أو بالشتم، وقد اقتربت «الشعب» من مريض ارتسمت على وجهه علامات التعب والإرهاق، مقرونة بالقلق والتوتر، فسألته عن السبب قال لنا انه من المفروض أن تجرى له يوم أمس عملية جراحية، وقد تم برمجته لذلك، غير أن الطبيبة التي قررت ذلك لم تأت، فتم تأجيل العملية ليوم آخر. وإذا كان بعض المرضى قد اشتكوا من طريقة «التكفل» في هذه المصلحة، يرى البعض الأخر أن مستوى الخدمات قد تحسن مقارنة بالحالة التي كانت عليها هذه الأخيرة في السابق، حيث أكدت مريضة تعرضت لحادث مرور، بسبب اصطدام الحافلة التي كانت تقلها إلى دواودة بمركبة أخرى بزرالدة منذ 3 أيام، وقد أصيبت بكسر في اليد اليمنى، بالإضافة إلى إصابة في الرقبة، نقلت على إثرها إلى مستشفى الدويرة، أين طلب منها إجراء أشعة في موضع الإصابة، مبدية ارتياحها لطريقة التكفل. وتجدر الإشارة إلى أن وزير القطاع قد وجه مؤخرا تعليمة صارمة لمصالح الاستعجالات بالمؤسسات الاستشفائية بما فيها مصلحة مصطفى باشا، التي كثيرا ما لاقت انتقادات من الوافدين عليها، من أجل تكفل أفضل، وتحسين الخدمات التي تقدم للمرضى، بعد أن أصبحت النقطة السوداء ومصدر قلق وتوتر لكل الوافدين إليها، بل في كثير من الأحيان تتدهور حالة المريض بسبب المعاملات السيئة التي يتلقاها والتماطل في تلقيه العلاج المناسب وفي الوقت اللازم.