أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يوم الخميس ان الامير عبد القادر كان رجل دولة وضع البلاد رغم الموانع والعوائق والحرب الدائمة على منعطف تاريخي غير مسبوق. وأوضح رئيس الجمهورية في رسالة بعث بها الى المشاركين في الاحتفال بالذكرى ال 176 لمبايعة الامير عبد القادر الذي تجري فعالياته بجامعة وهران وقرأها السيد محمد علي بوغازي مستشار لدى رئاسة الجمهورية انه ''بالرغم من حكمه الذي انبثق عن حالة حرب الا ان مشروع دولته كان مشروع دولة مدنية بحكومة مركزية لها وزارات وبرنامج عمل ومجلس شورى اميري اعضاؤه من العلماء والحكماء يستشيره ويتداول معه شؤون الحرب والسلم '' . كما قسم البلاد يضيف رئيس الجمهورية ''الى مقاطعات وانتدب لنفسه خلفاء تخيرهم على اسس من الفضيلة والشجاعة والكفاءة والمكانة الاجتماعية ''. وعمل في ادارة الدولة ودواليبها كما ذكر رئيس الدولة بمبدأ ''العدل اساس الملك '' ففرض التعليم وقدم العلماء وأجل المفكرين والفقهاء واعتنى بالكتاب والمكتبات وما نهى الناس عن شيء واتاه ابدا فاقتدوا به في مسلكه وعمله وتأدبه وتفقهه وتفتحه على عصر الانوار الجديدة '' . وأضاف الرئيس بوتفليقة ان الامير '' بنى جيشا نظاميا الجيش المحمدي تيمنا واقتداءا بسيد الخليقة عليه الصلاة والسلام ورتب صفوفه وحدد درجاته ورواتب افراده وعين قادته وقنن نشاطه في كتاب وشاح الكتائب '' . وبويع الأمير مرتين متتاليتين يضيف رئيس الدولة ''تأكيدا من شعبه له بالوفاء لنهجه وتقديرا لجهده واقتناعا بكفاءته واقتداء بشخصه وخلقه العظيم '' ، واضاف قائلا ''فالامير ابن البطانة الطيبة والاعراق الأصيلة تربى في بيت ايمان وفروسية اهلته بما ارتضاه له بارئه من المواهب والقدرات والخصال لان يفري فريه وياتي واجبه المقدس وأمره يوم حصحص الحق ونكب الوطن ودنست مقدساته وسلبت حرية شعبه امام غزو اجنبي ادبر معه حكامه وخرت عزائمهم فهب الشعب يستنصر بقائد رغم حداثة سنه فلبى وقبل البيعة على الارواح والارزاق في سبيل الحرية ودرء الاسترقاقڤ. وفي هذا السياق أردف رئيس الدولة قائلا ''فاختط لنفسه سبيلا قويما واستشرف رؤية حداثية تاخذ بمجاميع ما تستحقه المواجهة الشاملة مع دولة عصرية استعمارية استيطانية تحظى بالتقدم العلمي والخبرة العسكرية والخطط الاستراتيجية للتوسع والهيمنة والاستيطان. تفاعل مع العلاقات الدولية برؤية حداثية وأردف رئيس الجمهورية قائلا ''فما كان الأمير عبد القادر بغافل عن هذا التحول الجديد في العلاقات الدولية فتفاعل معه برؤية حداثية من حيث بناء الدولة وتنظيم المجتمع والجيوش وتوزيع المهام والمسؤوليات واقامة اطر للحكم والتسيير والاعتناء بالتربية والتعليم والثقافة وادارة المعارك وتوعية المجتمع الجزائري القبلي بضرورة الارتقاء بالوعي والتصورات الى مستوى الدولة بدلا من القبيلة والعشيرة والعصبيات الضيقة '' . وزيادة عن تألقه في الادب والفلسفة والسياسة والاجتماع يضيف الرئيس بوتفليقة تألق الأمير في الحرب والفروسية وقيادة الرجال الى انتصارات على جيوش تفوق عدة وعددا حتى اعترف له بفضائلها دهاقنة الحرب الاستعماريين وسموه بأعظم الاتفاقيات والهدنات ''، كما أبرز رئيس الجمهورية ان الأمير ''لم يتقيد في علاقاته مع الجميع بالنظرة الانغلاقية انما تعامل اقليميا ودوليا بابعاد رجل دولة وسيادة وحوار '' . واعتبر الرئيس بوتفليقة أن الأمير ''قيمة في ذاته بعلمه الغزير المتنوع وفضائله كزعيم تاريخي متفرد ودهائه وخبرته العسكرية والقيادية للدولة بمؤسساتها المختلفة ومزجه الحكيم بين السياسي والاجتماعي والثقافي والعسكري والانساني ''. واوضح الرئيس بوتفليقة انه ''بالرغم من نهايته المأساوية في بلاده بعد منازلة الغزاة سبعة عشر عاما في المعارك الطاحنة والمواجهات غير المتكافئة لم تبهت صورة الأمير ولم يهتز مركزه بل ازداد تألقا وهو في المنفى بما كان له من المواقف الإنسانية في اطفاء نار الفتن بين مسلمين ومسيحيين في الشام وتشجيعه حوار الأديان والتعايش الحضاري وربط العلاقات الفكرية والانسانية مع كبار زعماء العالم والاهتمام بمسائل الفقه والدعوة والتصوف الاسلامي والأدب والمعرفة الامر الذي اضاف لنا نحن ابناء الاجيال المتعاقبة قيمة معنوية وبعدا حضاريا '' . ولم يذهب نضال الأمير وجهاده وفكره سدى يضيف رئيس الجمهورية ''بل غدا محركا للعزائم مستثيرا للهمم ألهم من بعده زعماء آخرين في الجزائر وعبر العالم الفسيح شعورا بالعزة والكرامة والتطلع للحرية بما في ذلك ثورة التحرير الكبرى التي وجد روادها في مخزون هذا الزعيم تأصيلا لثورتهم وقدوة وعبرة لاحياء مشروع التحرر والانعتاق وفي ذلك اتصال وتواصل لحركة التاريخ وتحقيق الارادة الجماعية للامة في الاتحاد والنهضة والرقي الانساني '' . ووصف الرئيس بوتفليقة الأمير انه ''رسالة فيها من العبر والدروس والوطنية الصرفة والتضحية والقدوة والتسامح مع الآخر والتعايش الانساني ما يجعلنا نعتز به ونقتدي بنهجه القويم ونورث فضائله الحميدة وخصاله الرفيعة وجلائل اعماله واقواله المأثورة '' فهو - يضيف رئيس الدولة ''نبع صاف لأجيالنا حتى تتحصن من الاهتزازات والمكائد والأزمات.