تعرف الساحة الثقافية بولاية أدرار انتعاشا في مجال الفن الرابع من خلال جمعيات وفرق هاوية، تساهم بشكل أو بآخر في خلق حركية مسرحية في الولاية، وعدا دار الثقافة التي تحتضن العروض وتستقبل فنانيها، فإن أدرار تفتقر لهياكل مسرحية أخرى من شأنها أن تعطي دفعا قويا لأبي الفنون، يؤهلها لأن تكون قطبا ثقافيا بامتياز. وفي هذا الصدد اغتنمت «الشعب» هذه السانحة والتقت بالكاتب والمخرج والممثل المسرحي «نور الدين بولغيتي»، الذي ذاع صيته وتألقت شهرته مسرحيا، فكان لنا معه هذا الحوار. الشعب: تفتقر أدرار إلى مسرح جهوي، في اعتقادك ما الذي يمكن أن يقدمه هذا الأخير للفنان، وماهي ميزاته وأهدافه في نظرك؟ نور الدين بولغيتي: المسرح الجهوي منشأة مخصصة للمسرح من طرف الدولة، يسعى إلى ترقية وتطوير الفن الرابع، وكذلك الإنتاج والتوزيع عبر كل تراب الوطن. ^ ما هو واقع المسرح الهاوي ضمن هذه المسارح؟ ^^ يبدو أن المسرح الهاوي في وجود هذه المنشآت لا محل له من الإعراب، مع العلم أن الدخول والعمل في مُنشأة كهذه، تتطلب المؤهلات العلمية، وفي نظري هذا غير كاف، فالمؤهل وحده لا يكفي، يجب أن تكون الهواية، بالإضافة إلى المُؤهل العلمي لتكتمل فعاليته بإعطاء عروض مسرحية في منتهى الروعة. ^ وهل يمكن القول أن المسارح الجهوية تشمل جميع المدارس المسرحية؟ ^^ أنا لا أستطيع أن أجزم أنها شملت جميع المدارس أو لا، لكن المتضح أن من خلال العروض المسرحية المقدمة هناك تنويع من هذه الناحية، إضافة إلى الأعمال المسرحية المقتبسة بحلة جزائرية جديدة، وكذلك الأعمال المؤلفة بحلتين مختلفتين، بحلة جزائرية وبحلة خارجية، على اعتبار أن المسرح هو عجلة بحث مستمرة لا منتهية، والإبداع غير محدود وتحت تطلع مسرح الجيل الثالث. ^ في اعتقادك ما الذي يمكن أن يقدمه المسرح الجهوي لترقية العمل الدرامي، والمساهمة في النهوض بالفن الرابع؟ ^^ هناك مجهودات جبارة تقوم بها الدولة، فضلا عن مبادرات المسارح الجهوية بالتنسيق مع الجمعيات عبر الوطن في إنتاج وتوزيع المسرحيات، حتى أن جنوب الوطن كان له نصيبه من الاهتمام في عديد المرات، وكمثال عن ذلك إنتاج العمل الفني المشترك بين تعاونية الأغوط وجمعية فرسان الركح بأدرار، بمساهمة المسرح الجهوي لسيدي بلعباس في رائعة «أمود أسد الصحراء»، التي جابت مختلف ولايات الوطن، كما استفادت الجمعية الثقافية للفنون الدرامية، بدعم من وزارة الثقافة لمسرحية «آخر الجنود». ^ وماذا عن الممثل المسرحي في أدرار، هل يمكن القول إنه يمتلك ميزات فنان مقتدر، يسعى إلى النهوض بأبي الفنون في هذه الولاية؟ ^^ لو أتكلم على الممثل المسرحي فهو الأداة الرئيسية لأي عمل مسرحي، حيث كان الفضل لممثلي ولاية أدرار في إنعاش الركح الأدراري، ورفع رايته في المحافل الوطنية والدولية، وأنحني أمامهم لأقدم لهم تحية تقدير واحترام لكل فناني الولاية. ^ كيف ساهمت الحركة الجمعوية في ترقية الفن الدرامي؟ ^^ للحركة الجمعوية الفضل في ترقية الفن الدرامي، على اعتبار أن الممثلين المسرحيين تهيكلوا في جمعيات ثقافية لممارسة المسرح، وبالتالي هم في صيغة قانونية تحميهم لممارسة نشاطاتهم المسرحية ، فللحركة الجمعوية فضل كبير في ترقية وتطوير العمل المسرحي، حيث ساهمت في تنظيم «الأيام الولائية لمسرح الهواة» من طرف دار الثقافة لولاية أدرار، والتي كانت تهدف إلى تكوين مختلف الجمعيات في الولاية. انتعشت الحركة المسرحية بأدرار وأصبحت الجمعيات تشارك في الفعاليات والتظاهرات المسرحية الوطنية والدولية، حيث كان الفضل للجمعيات النشطة في ميدان الفن الدرامي، على غرار «جمعية الفنون الدرامية»، «جمعية فن الخشبة»، «جمعية فرسان الركح».. وهم من عبدوا الطريق إلى الجيل القادم «كجمعية شمس المحبة» أيضا و»جمعية الأصالة والتراث»، جمعية «أسود الخشبة»، فضلا عن تعاونيات في المجال المسرحي، من بينها «أصيل للفنون» وتعاونية «النخلة» و»فنون العرض». ^ كيف تقيم واقع الحركة المسرحية بأدرار؟ وهل غياب مسرح جهوي يحد من انتعاشه؟ ^^ تشهد أدرار حراكا مسرحيا موسعا في الآونة الأخيرة، حيث انتعشت الحركة المسرحية في السنوات الأخيرة بشكل واضح وجلي، فأصبحنا نرى مسرح أدرار في الفعاليات المحلية والجهوية والوطنية، وإذا وجد مسرح جهوي بأدرار، يعني أن الساحة المحلية ستعرف انتعاشا واسعا وعروضا أكثر احترافية. ^ هل تساهم المسارح الجهوية القريبة من ولاية أدرار في تكوين جمعيات وفرق مسرحية للمدينة؟ ^^ في هذا الخصوص.. المسارح الجهوية ليست على دراية بعدد الجمعيات الموجودة بأدرار، لكن تقرب الجمعيات من هذه الهياكل سيعزز من حظوظها في الاحتكاك بأشخاص لهم خبرة وتكوين في مجال المسرح، وستمكنهم من إنتاج و توزيع أعمالهم الفنية المشتركة. ^ متى يجد النص التراثي موقعه في المسرحيات بأدرار؟ ^^ فيما يخص النص التراثي أنا من عشاق الفنون الشعبية، ودائما أقول متى سيكون لأدرار نوعا مسرحيا يميزها؟ والإجابة ستكون في النص التراثي والأساطير الشعبية. فمنطقة «توات» رحبة وغنية بالموروث اللامادي الشفهي من (أحجيات وأساطير وفنون فلكورية منوعة..)، من هذا الجانب أدعو الفرق المسرحية المحلية إلى البحث والغوص في تراث المنطقة، وذلك لما تتمتع به من خصوصيات ودلالات، تميزها عن غيرها من مناطق الوطن. ^ إلى أي مدى حققت أدرار ثقافة الفنون الدرامية؟ ^^ لأدرار باع كبير في ثقافة الفنون الدرامية، وهذا من خلال المشاركات المكثفة في المهرجانات والأيام الدراسية الخاصة بالمسرح في شتى ولايات الوطن، إلى أن أصبحت حاضنة لمختلف الفعاليات الفنية المسرحية، على غرار «الأيام الوطنية لمسرح النخلة الذهبية»، «الأيام الوطنية لمسرح البهلوان»، فضلا عن الفعاليات التي تنظمها مختلف الجمعيات والفرق. ^ وماذا عن النصوص المسرحية المحلية؟ ^^ لكل رؤيته الخاصة في هذا الموضوع، فالكاتب له رؤيته، والمخرج له رؤيته للمسرح وحتى الجمهور، أما بخصوص الرضا فهي مسألة نسبية تختلف من الكاتب إلى المخرج، وصولا إلى الجمهور هذا من جهة، ومن جهة أخرى أحث الفرق على المزيد من البحث والتدقيق في النصوص المختارة، وكيفية التعامل معها ركحيا، لنساهم في تطوير الذوق والفكر الفني لدى جمهورنا. ^ هل يساهم المسرح المحلي في ترقية الحركة المسرحية على المستوى الوطني؟ ^^ هناك مقولة شائعة تقول «من المحلية إلى العالمية»، إذن أكيد المسرح المحلي هو جزء لا يتجزأ من الحراك المسرحي الوطني، فانتعاش الحركة المسرحية محليا، تؤدي إلى خلق حركية وفعالية مسرحية وطنية والعكس، وهذا لا يتأتى إلا بالتفكير الجيد منذ البداية، حتى تكون لنا اشراقة مستقبلية واضحة المعالم تساهم في ترقية الحركة المسرحية محليا ووطنيا.