كان للوزير الأول، بعاصمة الزيانيين تلمسان، أول أمس، خطاب صريح، جمع فيه بين المطامح الاقتصادية والاجتماعية للجزائر وسبل تحقيقها، وما تنعم به من أمن واستقرار، أرسته سياسة المصالحة الوطنية والوئام المدني للرئيس بوتفليقة، واعتبر أن مكافحة التهريب والمخدرات مسؤولية تقع على عاتق الجميع. وصف الوزير الأول عبد المالك، استعادة السلم والأمن "بالمعجزة الحقيقية" التي أنجزها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقية، وأكد أمام منتخبي وممثلي المجتمع المدني لتلمسان أن المصالحة الوطنية والوئام المدني أبعاد عميقة، مكنت من مصالح الشعب الجزائري مع نفسه، وقال " أن من كانوا بالأمس خلال سنوات الدم أعداء أصبحوا أصدقاء، وهذه معجزة حقيقية قام بها الرئيس ويجب الاعتراف بها". وأضاف سلال، الجزائر التي بلغت مراتب متقدمة وتحظى بمكانة محترمة بين الدول، حيث "لا يدين لها أي بلد بفلس واحد، بل أصبحت هي من تقدم قروضا"، معتبرا ذلك شجاعة يشاد بها للرجل الأول في البلاد، عبد العزيز بوتفليقة، مؤكدا في ذات الوقت الاستمرار على دعمه ومساندته حتى "آخر قطرة من الدم". وبشأن مكافحة التهريب والمخدرات، التي تتدفق عبر الحدود الغربية والشرقية للوطن، دعا الوزير الأول إلى تكاتف الجهود ودعم ما تقوم به الأجهزة الأمنية، واعتبر أن القضية ليست مسؤولية الجيش والجمارك بل تشمل المواطنين أيضا. وأكد أن الدولة لديها القوة للقضاء على ظاهرة تهريب الوقود، لكنها تفضل معالجتها "بالتي هي أحسن"، بعدما بلغت مستويات خطيرة، وقال أن المخدرات مثلت دائما مصدرا أولي لتمويل الإرهاب ويجب مكافحتها بكل حزم. ورفض عبد المالك سلال، من جهته أخرى انزواء فئة من النخب المثقفة إلى الهامش واكتفائهم بالنقد، مشبها ذلك "بالرغبة في دفع المجتمع نحو اليأس والاستقالة"، مؤكدا أنه لايرى في ذلك خدمة للبلاد، وأوضح أن تحمل المسؤولية والانخراط في الشأن العام والعمل أفضل وسيلة لخدمة الوطن، لأن الحضور الميداني للنخب يشكل ضغطا إيجابيا من شأنه أن يرفع مردودية السياسي والمنتخب والإدارة حسب المتحدث. واعتبر الوزير الأول، أن تغيير الذهنيات القديمة وتفادي الإحكام المسبقة بالفشل على كل المبادرات عنصر في غاية الأهمية لتجسيد الأهداف الكبرى للدولة، وقال "الجزائر ليست الأحسن بين الأمم، ولكنني متأكد أننا لسنا الأسوأ" مضيفا "إننا بحاجة إلى استدراك الوقت الضائع وتصحيح الأخطاء". وأشار بذلك إلى الانعكاسات المدمرة للعشرية السوداء التي كسرت وتيرة النمو حتى وإن كانت بخطوات متثاقلة، وكذا الاستفادة من بعض التوجهات والقرارات التي لم تحقق النتائج المرجوة منها. ودعا في كلمته، إلى استغلال الظروف المواتية التي يطبعها الاستقرار والأمن عبر كافة ربوع الوطن، لتنفيذ وتجسيد النهضة الاقتصادية للجزائر وجعلها بلادا مزدهرة، وهذا "بعدما صفى الجزائريون نهائيا حساباتهم مع العشرية السوداء وما جاءت به من ألم ودموع".منوها بحفاظ الشعب وحرصه على الاستقرار وقوة مؤسسات الدولة. وأكد ذلك بقوله" أن كل جزائري له وعي قوي بقيمة المكتسبات التي حققتها الجزائر اليوم " ودعا في ذات الوقت إلى مواصلة الجهود لتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي والعمل بعزم على استمرار الدولة الجمهورية. وعدد الوزير الأول عبد المالك سلال، بعض الشروط والأسباب الواجب امتلاكها لتنويع الاقتصاد الوطني وتوجيه نشاطاته نحو قطاعات الإنتاج والخدمات، وعلى رأسها الرفض القاطع لتفرقة بين القطاعين العام والخاص، قائلا أن "المهم بالنسبة لنا نجاح المؤسسة الجزائرية وقدرتها على المنافسة وخلق الثروة ومناصب الشغل". ليذكر بعدها بالمعركة الحاسمة التي يجب خوضها لتحسين محيط الأعمال عبر تبسيط الإجراءات والمنظومات القانونية والمصرفية والجبائية، معتبرا أن البيروقراطية عدو المقاولة والاستثمار عدو للجزائر التي تأمل في تنشيط ديناميكية الاستثمار وتحريك عجلة التنمية. وأفاد الوزير الأول، أن ما يبذله اليوم الجزائريون اليوم هو من أجل غدهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم، مسجلا" أنا لا أظن أن فينا من لا يهتم بمستقبل أبنائه"، وعليه فإن الدوافع القوية والصادقة موجودة للمحافظة على المرافق العمومية والأملاك العامة، حسب سلال الذي أكد أنها ليست ملك ل«البايلك" ولكنها للمواطن الجزائري وإرث للأبناء. وتوجه سلال، لفئة الشباب مطمئنا ومؤكدا، أن الفرص التي توفرها بلادنا حاليا في مجالات السكن، التعليم، التكوين والتشغيل لا مثيل لها في كثير من دول العالم بما فيها الدول المتقدمة، لافتا إلى أن الفضل في ذلك يعود "لأبناء الوطن ورئيس الجمهورية الذي يثق في الشباب ويضع فيهم كل أماله لأنهم الثرورة الحقيقية للجزائر".