من حق الجزائريين العيش في أمن ورفاهية أكد الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمس، أن الجزائر تسعى لبناء ذاتها كدولة قوية الأركان، ديمقراطية اجتماعية، ضاربة جذورها في تاريخ الشعب العميق والمبادئ الإسلامية، مفيد أن المسعى يعتمد على ترقية العلم والتحكم في التكنولوجيا وفوق هذا كله الحفاظ على مكسب الاستقرار. قال الوزير الأول، في خطابه أمام منتخبي وممثلي المجتمع المدني بولاية الطارف، أن بين إحراز التقدم العلمي والاقتصادي ومقومات الشعب الجزائري وتاريخه رابطة قوية لا يمكن فصلها، وأكد أن ذلك من صميم ما يهدف إليه رئيس الجمهورية والحكومة، واضعا التسامح والتعايش وقبول الأخر كعناصر أساسية لا يمكن الاستغناء عنها في بلوغ الغاية النهائية. وكشف سلال عن مشروع المجتمع الذي تسعى إليه الجزائر في الراهن وقادم الفترات المقبلة من عمر البلاد، وقال «انه واضح بالنسبة للرئيس والحكومة تمام الوضوح» ويعتمد في المقام الأول، على إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية، ذات السيادة الكاملة والمبادئ الإسلامية الراسخة مثلما حدد في بيان أول نوفمبر 1954. ويشكل حسب الوزير الأول، بناء دولة مؤسسات يحكمها الدستور والقوانين المحددة للواجبات والحقوق ركيزة ثانية في المشروع، إلى جانب الإيمان بالشعب وهويته وقدرتها على الأخذ بأسباب التقدم العلمي والتكنولوجي. ولفت المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي، إلى أن المعرفة والعلوم أصبحت سلاح في يد الدول المتقدمة «علينا أن نسعى إليها للتحكم فيها بما يتوافق وتقاليد ومقومات الشخصية الجزائرية»، ورأى أن السبيل الوحيد لتحقيق النهضة الوطنية، يكون بالعودة إلى الخصال الحميدة التي جاء بها الدين الإسلامي، كالتسامح والتعايش والانفتاح على الغير وطلب العلم، معتبرا أنها تشكل إلى جانبي الاستقرار مفتاح المستقبل. وفي الوقت الذي لم يخف فيه وجود نقائص، دعا سلال إلى عدم نكران ما أنجزته البلاد خلال السنوات الأخيرة، وتمكنت في معالجة عديد الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، وتصبو وتسعى إلى إطلاق نهضتها بالاستناد على البعد الحضاري، وقال في السياق «استرجعنا البنية التحتية وصححنا الكثير من الأمور، وبدأت النهضة رغم النقائص» مضيفا «مرغوم علينا أن نصبو إلى استرجاع حضارتنا وتقويتها كي نوصل البلاد إلى المستوى المطلوب». وأشار سلال، إلى الدور الملقى على عاتق النخبة المثقفة في هذه المهمة، موضحا «أنها محكوم عليها بالتوعية والعمل والإبداع لإيصال الجزائريين إلى مكانة أفضل» وجدد التأكيد على أن بناء حضارة متجدرة في عمق الشعب، يلتقي مع الإسلام والمراجع التاريخية الأزلية، التي لا يمكن بدونها الحديث عن بنية الدولة الجزائرية. وعرج سلال بعدها على الاقتصاد والمعركة الكبرى المنتظرة في هذا المجال بالقول «بدأنا في بناء الاقتصاد ولدينا الإمكانيات اللازمة للنجاح»، لان الجزائر وباعتراف الدول تحوز على الموارد الطبيعية والبشرية والمالية الضرورية كي تصبح قوة صناعية في المنطقة. وبالأرقام تحدث الوزير الأول عن الأشواط المقطوعة منذ الاستقلال، حين كانت نسبة المتعلمين لا تتعدى 3.3 بالمائة وجامعة واحدة في العاصمة، أما اليوم فنسبة التمدرس وصلت 98٪، ونمتلك 92 مؤسسة جامعية تستقبل حوالي 1 مليون و400 طالب جامعي، وأكد أن مستوى خريجي الجامعات الجزائرية ارتفع بشكل ملحوظ خلال العشرية الأخيرة، وازدادت نسبة الحائزين على شهادتي الماجستير والدكتوراه بنسبة 300٪ منذ سنة 2000، أي ما يناهز 10 آلاف طالب حامل لها. وأفاد الوزير الأول، أن «هذه الجهود ستتواصل مع التركيز على الجانب النوعي في التكوين، وخلق تخصصات جديدة تنتج جيلا من النخب والكفاءات العلمية المنسجمة والمتحكمة في التطور التكنولوجي والتي تتماشي مع متطلبات سوق العمل. وخاطب سلال الجزائريين من الطارف، بالقول «من حقكم أن يكون لكم في هذا العصر الاستقرار والزيادة في الأمن والازدهار الاقتصادي والاجتماعي» بعدما كان القرن العشرين، عصر الكفاح المرير لاسترجاع الحرية والسيادة، من جهة أخرى أعلن سلال عن معالجة ملف تحسين الخدمة العمومية في مجلس الوزراء الذي سينعقد قبل نهاية السنة .