قرأنا في المدارس وبعض الكتب التاريخية أن القطرة التي أفاضت كأس فرنسا وجعلتها مطية لاحتلال الجزائر هي »حادثة المروحة« التي لوّح بها الداي حسين في وجه القنصل الفرنسي، وها هو التاريخ يعيد نفسه وتتكرر الحادثة التي تختلف عن الأولى في الزمان والمكان والظرف، وهي ما تعرف ب »حادثة الحذاء« الذي قذف به الصحفي العراقي منتظر الزيدي الرئيس الأمريكي جورج بوش أمام كاميرات العالم، ولولا انحنائه وتهرّبه لأصابت »القذيفة« هدفها. وإذا كانت أمريكا بزعامة بوش قد دخلت العراق غازية وحامية له من »دكتاتورية« المرحوم صدام، فإن الصورة التي أظهرتها الكاميرات وتناقلتها القنوات ووزعتها الهواتف المحمولة، وجعلتها »مسخرة« ليس الفيلم »مسخرة« الذي حاز الجائزة، تبين أن بوش أصبح تحت حماية المالكي، رئيس الوزراء العراقي، الذي حاول صد »القذيفة الحذائية« عن وجه الرئيس الأمريكي. كان بإمكان الصحفي الاعتداء على »بوش« بطرق ووسائل أخرى، لكنه رأى أن أفضل وسيلة تسجل في التاريخ، هي الضرب بالحذاء، الذي يعتبر أبلغ تعبير عن الاحتقار والإهانة، لأن اغتياله أو استعمال وسائل أخرى قاتلة تصنع منه بطلا تاريخيا، ويتحول إلى حدث بارز يحتفل به مع كل ذكرى..! مثلما تحول الراحل صدام حسين، رحمه الله، زعيما قوميا فوق زعامته المعهودة، ثبت كالطود الشامخ أمام حبل المشنقة، الذي نصبه الأمريكان في يوم أغر وعزيز على المسلمين، فبقي حيا في ضمائر الشعوب المحبة للأمن والسلام، المعادية للحرب والدمار والاستعمار.. وهكذا يكون بوش »قد بدأ عهدتيه الرئاسيتين بالدمار والغزو وينهيها بالعار والخزي .. يدخل العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل، ويخرج منه بحذاء الدمار الشامل،، يدخل العراق باعتزاز وافتخار ويخرج منه بالذل والاحتقار..! فربّ حذاء خير من ألف سلاح دمار شامل .. الحذاء الآن يباع في المزاد العلني.. وقد بلغ الثمن 10 ملايين دولار، فمن يدفع أكثر وعلى من يرسو عليه المزاد ؟! ------------------------------------------------------------------------