يعول كثيرا على مخطط عمل الحكومة في تسريع وتيرة إنهاء مشاريع تنموية ضخمة وتسليمها في ظرف قياسي لايتجاوز الأربعة أشهر قبل الانطلاق في تجسيد برنامج خماسي جديد كان قد أعلن عنه الوزير الأول مؤخرا لمواصلة رفع تحدي الاصلاحات الجذرية الذي رفعته الجزائر منذ حوالي عقد فقط في جميع القطاعات وعبر كل الميادين لتدارك التأخر والخسائر المتكبدة من آثار الأزمة الأمنية. يرتقب أن تخوض الجزائر من خلال مشروع البرنامج الخماسي المقبل الذي من المقرر أن يرصد له ما بين 100 إلى 150 مليار، دولار ثورة تنموية حقيقية تتخلى فيها عن ريع البترول، وتدخل بشكل حقيقي ومحسوس في مرحلة خلق الثروة وإعادة الحركية لعدة قطاعات حيوية مازالت اليوم بعيدة عن الاستغلال يتصدرها ثروة القطاع الفلاحي. بقدر المراهنة على مرحلة ما بعد البترول لخروج الجزائر من تبعيتها للبترول والقفز بالجبهة الاجتماعية الى التمتع بالرفاهية والقضاء على كل مظاهر تدهور القدرة الشرائية، يجب كذلك الحرص على إسناد المهمة للكفاءات وتكريس المزيد من الرقابة والجدية في تجسيد المشاريع وتسيير القطاعات، خاصة عن طريق تقديم المسؤولين لحصيلتهم السنوية والوقوف على ما تحقق وما لم يتحقق. وبالنظر الى الارادة السياسية القائمة والارضية الخصبة التي تنام عليها الجزائر من ثروات ومؤهلات بشرية لايمكن ايجاد أعذار الى أي اخفاق في الخروج من دائرة التبعية للبترول المعول ربح رهانها من خلال البرنامج الخماسي المقبل. وكان الوزير الاول احمد أويحيى من منبر القبة البرلمانية السفلى قد دعا إلى تجند جميع الفاعلين ونقصد بذلك السلطتين التشريعية والتنفيذية الى جانب المنتخبين المحليين لإنجاح تجسيد مشاريع العمل التنموي والتضييق ضد كل المظاهر المشينة من بيروقراطية وتحايل على القانون وما إلى غير ذلك. وبدا خيار الجزائر التي باتت تستعد الى تجسيد أول تجربة لها مع مخطط عمل حكومي استثنائي محدد لفترة وجيزة واضحا، وان كان جل المتتبعين من نواب وإطارات وخبراء قد أقروا بصعوبة المهمة وحتى صعوبة تسطير وصياغة مثل هذه الوثيقة الحكومية الا أن الوزير الأول أحمد أويحيى كان قد أبدى ثقة كبيرة في خطة العمل في استكمال مشاريع البرنامج الخماسي الجاري والتحضير لانتخابات رئاسية تسود أجوائها الاستقرار والشفافية التامة حتى أن وزير الداخلية أكد عدم اعتراض الجزائر على حضور مراقبين دوليين في الانتخابات اذا رغبت التشكيلات السياسية في ذلك. وما تجدر اليه الإشارة فإنه تم تجنيد نحو 600 ألف عون ورصد نحو 5 ملايير دينار في قانون المالية التكميلي لتنظيم الاستحقاقات الرئاسية المقبلة. ويتضمن مخطط عمل الحكومة عدة مشاريع من المنتظر أن تسلم في شهر مارس المقبل ويتعلق الأمر بعدة مرافق حيوية. وطمأن الوزير الأول باحترام آجال انجاز مشروع الطريق السيار (شرق غرب) الذي يراهن عليه في أن يشكل رئة الاستثمار الجزائري ويسرع من وتيرة التنمية حيث قال أنه سيتم فيه احترام آجال الاربعون (40) شهرا. ويبدو أن مرحلة التفكير في التخلي على ريع البترول تبدأ من مخطط عمل الحكومة أمام التدهور الذي تعرفه أسعار برميل النفط بسبب مضاعفات الأزمة المالية العالمية. ------------------------------------------------------------------------