أحيت رواند، أمس، الذكرى العشرين للمجازر التي حصلت العام 1994 وأسفرت عن مقتل 800.000 شخص من طائفة التوتسي على يد مواطنيهم من الهوتو الحاكمة في البلاد. وقد استمرت هذه المذبحة حوالي 100 يوم على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، خاصة فرنسا، التي كانت لديها قوات مرابطة في جنوب البلاد، في إطار عملية "تركواز" ولم تحرك ساكنا لوقف الإبادة، بل أكثر من ذلك سهلت فرار المجرمين بعد انتهاء المهمة. اليوم وبعد 20 سنة، مازالت الحادثة تفخخ العلاقات بين فرنسا والمستعمَرة البلجيكية السابقة، حيث قالت رئيسة الدبلوماسية الرواندية، "لكي تكون هناك بوادر تفاهم بين البلدين، علينا مواجهة الحقيقة"، معتبرة الموقف الفرنسي القاضي بعدم المشاركة في الذكرى العشرين بغير المبرر. وأضافت لويز موشيوابو، أنه لا يمكن لبلدينا إحراز تقدم على حساب الحقيقة التاريخية للمجازر. في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات من جديد بعد التقارب الذي حصل العام 2010، إلا أن هذه الأحداث وحقيقة الدور الفرنسي فيها، خاصة وأن فرنسا كانت تعتبر حليفا لنظام الهوتو المتطرف، لاتزال تلقي بظلالها على تصرفات كيغالي تجاه باريس. كيغالي وردّا على تخفيض فرنسا لتمثليها في هذه الذكرى إلى درجة سفيرها هناك، احتجاجا على تصريحات الرئيس الرواندي، بول كاغامي، والتي اتهم فيها فرنسا مجددا بتورطها في المجازر الرواندية، أعلنت السفير الفرنسي لديها شخصا غير مرغوب فيه في حضور المراسم، بينما تجاهلت بلجيكا تصريحات الرئيس الرواندي بشأنها وأكدت إيفاد وزير خارجيتها الذي صرح أنه جاء لإحياء ذكرى المجازر وليس تعزية الحكومة الرواندية الحالية. وسط هذه الاتهامات المتبادلة والأزمة الدبلوماسية الحادة بين كيغالي وباريس المقصاة من المشاركة انطلقت، أمس، في العاصمة الرواندية كيغالي، مراسم إحياء الذكرى العشرين للمجازر والتي حملت شعار: "ذكرى، وحدة، تجديد" وحضرها رؤساء دول وحكومات. وقد أطلق الرئيس الرواندي، إشارة انطلاقها بإيقاد شعلة النصب التذكاري المخلد لأرواح ضحايا المجازر في جيسوزي وسط العاصمة كيغالي، بعد أن جاب هذا المشعل مختلف أنحاء البلاد. وتستمر هذه المراسم 100 يوم وهي المدة التي استغرقتها المذبحة والتي استمرت من شهر أفريل 1994 إلى شهر جويلية من نفس السنة وأدت إلى إزهاق أرواح 800.000 شخص، أغلبيتهم من أقلية التوتسي. ولم تتوقف المجزرة، التي أشعلتها حادثة مقتل رئيسي بوراندي ورواندا إثر سقوط الطائرة التي كانت تقلّهما، إلا بسيطرة متمردي الجبهة الوطنية الرواندية على الحكم وفرار حكومة الهوتو المتطرفة إلى خارج البلاد.