أشاد الشاعر بولرباح عثماني في حوار مع «الشعب»، بالدور الذي تلعبه السلطات الجزائرية، وعلى رأسها وزارة الثقافة في الحفاظ على الموروث الثقافي والفني، مشيرا إلى أن هذا الأخير تواجهه تحديات كبرى وجب الدفاع عنه من ثقافات عالمية تحاول القضاء عليه والتنكر له. ودعا بولرباح الباحثين والفاعلين والمهتمين بالتراث أن يزيد اهتمامهم به، وأن يكون لهم السبق في الحفاظ عليه وتعريف الأجيال به، مضيفا أنه على السلطات الوصية أن تزيد من حدة الاهتمام بالموروث الثقافي وتفعيل القوانين الرادعة التي تحميه من الإندثار. الشعب: بداية كيف تقيم اهتمام الجزائر بالموروث الثقافي والفني؟ عثماني بولرباح: لا ينكر إلا جاحد ما تقوم به السلطات الجزائرية وعلى رأسها وزارة الثقافة في الحفاظ على الموروث الثقافي والفني، وهو ما يظهر جليا في عقد وتشجيع وإقامة المهرجانات الثقافية والملتقيات الفكرية والأدبية، والتي من شأنها التعريف بالتراث الثقافي والفني وكذا تشجيع المواهب الثقافية والأقلام الأدبية، ويظهر هذا الاهتمام أيضا من خلال سن القوانين وإصدار المناشير والقرارات الكفيلة بالحفاظ على هذا الموروث الذي تزخر به الجزائر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، إننا على يقين بأن هذا التراث إن لم يجد العناية والاهتمام سيزول ويندثر ويضيع، وهو الذي يُمثل التاريخ والهوية والانتماء. ^ ما هي التحديات التي تواجه التراث الجزائري، وفي نظرك ما العمل لكسب الرهان والحفاظ عليه؟ ^^ نعم يواجه التراث الثقافي تحديات كبرى، نحن ملزمون بالدفاع والذود عنه من الثقافات العالمية الوافدة على تراثنا، والتي تحاول القضاء عليه والتنكر له، وتدعو إلى العالمية التي من شأنها أن تُقصي كل ما هو محلي ووطني، وعلينا كباحثين ومهتمين وسلطات أيضا أن نقف في وجه العولمة الثقافية، ونكسب رهان البقاء بخصوصيتنا ومرجعيتنا العربية والإسلامية والجزائرية أولا وأخيرا، إننا نؤمن بهذا التراث وعلينا أن نُعرف الأجيال به وبخصائصه ومنطلقاته وخلفياته الوطنية والتاريخية حتى لا يضيع علينا، من جانب آخر يجب أن نكون في مستوى هذا التراث الذي صنعه الأوائل ليكون جزءا من هويتنا. ^ هل ترى أن العقوبات المقررة على الجرائم المرتكبة في حق التراث الوطني بأشكاله كفيلة بحمايته؟ ^^ حقيقة هذه العقوبات، وهذه القوانين والآليات التي فرضتها الدولة ممثلة في السلطات الثقافية على الجرائم المرتكبة في حق التراث الوطني بأشكاله، كفيلة بحمايته من جهة، وجعله في مأمن من السرقة والنهب والإهمال، لأن هذا التراث الوطني يُمثل التاريخ والماضي، وتراثنا المادي واللامادي بحاجة ماسة لأكثر صرامة من أجل تفعيل هذا التراث والحفاظ عليه، ولابد أن تكون القوانين أكثر ردعا لكل من تسول له نفسه الاعتداء عليه أو إهماله، وما المراكز والحظائر الوطنية الموزعة في التراب الجزائري التي أنشأتها الدولة إلا وجه من وجوه الحفاظ على هذا التراث، والسهر على عدم ضياعه، وكيف لا وهو التاريخ، والحضارة والماضي وهو الانتماء أيضا. ^ في اعتقادك ما الذي يمكن أن يمثله التراث المادي واللامادي للأمم، وما الذي يضيفه في حياة الشعوب؟ ^^ إن التراث المادي واللامادي يُمثل الركيزة الأساسية للماضي العريق والعتيق لكل شعب. فالأمة لا ماض لها ولا مستقبل إن لم تستطيع أن تستشرف مستقبل أجيالها، لأنه المرجع والمتكأ الذي نستند عليه حتى نستمر ونتواصل مع تاريخنا، والأمة التي تحترم نفسها هي الأمة التي تحافظ على تراثها، لأن التراث الذي لا نحميه ونحافظ عليه، ولا نُعرّف الأجيال به لا نستحق أن ننتمي إليه. ^ لماذا لا تطالبون بإنشاء مركز وطني يهتم بأرشفة وجمع التراث ضمن إستراتيجية بعيدة المدى، وتوفير وسائل العمل الميداني؟ ^^ طالبنا كم من مرة وزارة الثقافة ومازلنا نطالبها بأن تنشئ مركزا وطنيا يهتم بأرشفة وجمع التراث الشعبي، وكان ذلك من خلال التوصيات التي تعقب الملتقيات التي نعقدها ونقيمها خدمة للتراث وتعريفا به، ولكن كما قال الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيا لكن لاحياة لمن تُنادي ^ باعتبارك باحثا في التراث ومهتما بالأدب الجزائري، أين هو دور المثقف في الحفاظ على الموروث الثقافي؟ ^^ للمثقف دور كبير وفعال في الحفاظ على التراث الثقافي الشعبي والرسمي معا، ونحن ندعو جميع الباحثين والفاعلين والمهتمين بحقل الدراسات التراثية الشعبية الجزائرية، أن يزيد اهتمامهم وأن يكون لهم السبق في الحفاظ على هذا التراث، وتعريف الأجيال به ودعوتها للحفاظ عليه، وعلى السلطات الوصية أن تزيد من حدة الإهتمام وتفعيل القوانين الرادعة التي تحمي هذا التراث. ^ كيف تعمل على توظيف التراث الشفوي في الشعر الشعبي؟ ^^ نعمل على توظيف التراث الشفهي في الشعر الشّعبي وحتى الفصيح من خلال استدعاء هذا التراث، وجعله مصدرا من مصادر الإبداع والكتابة من جهة، ومن جهة أخرى أن يكون مادة خام من مواد الإبداع الشعري. ^ كيف ترى دور الإعلام في حماية الموروث الثقافي والحضاري للوطن؟ ^^ للإعلام دور كبير جداً، وخاصة في ظل الانفتاح الذي تعرفه الساحة الإعلامية، والتنوع في وسائل الاتصال والإعلام، وعليه أن يلعب دورا كبيرا في التعريف بالتراث والدعوة للحفاظ عليه، وجعله مصونا من كل أشكال الضياع والنهب، والكتابة عنه وعقد لقاءات وندوات معرفة به. وأنا في هذا المقام أشكركم جزيل الشكر على هذه اللفتة الإعلامية للتراث الشعبي الجزائري، الذي هو بحاجة ماسة لمثل ما قمتم به.