خرجت المرأة بقوة للاقتراع في خامس رئاسيات تعددية تعرفها الجزائر وقيل في مناسبات عديدة إنها عادة ما تسجل حضورا أكثر من الرجل وتم تسجيل ذلك بالذات في الانتخابات الأخيرة التي شابتها بعض الانحرافات فيما يتعلق بما بات يعرف بالمساس بالاستقرار والأمن حين استشعرت المرأة أنهما في خطر فلم تجد من سبيل للتعبير عن موقفها سوى التوافد على صناديق الاقتراع خاصة في المدن الصغيرة والأرياف في رسالة واضحة تبرز تمسكها بالرابط الاجتماعي وبعدم التفريط في النسيج الأسري والوطني وهي التي عانت طويلا من اللاسلم والإستقرار وتداعيات الإرهاب والبؤس الناجم عنه. موقف المرأة من الانتخابات كان واضحا عندما اختارت الطرق السلمية والناجعة للمطالبة بحقوقها واستكمال المسار الذي انطلقت فيه عندما بدأت تتحصل على أولى الحقوق السياسية البارزة قبل عامين واستطاعت بذلك رفع مستوى تمثيلها في المجالس المنتخبة على نحو غير مسبوق ليس فقط في الجزائر وإنما مقارنة بالعديد من الدول العربية والغربية. لا يمكن تجاهل أن المرأة نالت الكثير من الحقوق والمكاسب بعضها كان خارج نطاق الإستراتيجية الوطنية لترقية وإدماج المرأة والبعض الآخر ضمن هذه الإستراتيجية التي انطلقت في سنة 2008 وتنتهي قبل نهاية السنة الجارية ومن المقرر أن يتم تجديدها مثلما أعلن عنه الرئيس بوتفليقة عندما كان مرشحا للرئاسيات الحالية قبل أن يفتك العهدة الرابعة بنسبة عالية مما يعني أن ما تعهد به خلال الحملة الانتخابية سيضمنه في الصيغة الجديدة المعدلة للبرنامج الجديد تلبية لتطلعات النساء وآمالهن في تحقيق المزيد من المكاسب في إطار المساهمة في تطوير وتنمية البلاد. ومن هذا المنظور بالذات يرى الرئيس الفائز في انتخابات 2014 أن السرعة التي ستتم بها التنمية الوطنية بكل أبعادها تتوقف على مساهمة النساء والرجال على حد سواء وأن يتم توثيق مكاسب المرأة الجزائرية وتحقيق أشواط جديدة من التقدم في حماية حقوقها ومشاركتها الكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأمة، ومن شأن ذلك تجنيد الكثير من الوسائل والإمكانيات المتاحة لتحقيق الأهداف التي ينبغي أن تتضمنها الإستراتيجية الجديدة لترقية المرأة واندماجها. المنظمات النسائية وكل ممثلي المجتمع المدني من لهم علاقة مباشرة وغير ذلك مع قضايا المرأة والدور الذي ينبغي أن تلعبه في التنمية الشاملة مدعوة في المرحلة القادمة للمساهمة في إثراء النقاش حول السبل الكفيلة التي ينبغي اعتمادها من أجل رفع المشاركة النسائية في برامج التنمية ولكن أيضا تمكينها من المساهمة في صنع القرار في قطاعات لا تزال الأبواب موصدة في وجهها، وعليه فإن التشاور الذي دعا إليه الرئيس بوتفليقة من أجل إعداد الإستراتيجية الجديدة سيأخذ بعين الاعتبار الدروس المستخلصة من التجربة السابقة وستدرج فيها مجالات واسعة من الكفاءات المتراكمة بفضل الاستثمارات المعتبرة المبذولة في ميدان التربية والتكوين، لفائدة كل مجالات الحياة الوطنية. ونظرا للغياب المسجل للعنصر النسائي في أبرز الدوائر الاقتصادية وفي دواليب صنع القرار فيها فإنه يتوقع أن يتم الأخذ بعين الاعتبار هذا الجانب الحيوي من خلال تكييف أفضل لآليات المساعدة ودعم التشغيل والمقاولاتية التي عرفت خلال السنوات القليلة الماضية بعض التقدم بعد فسح المجال أمام المرأة للاستفادة من مختلف الآليات الموجودة لدعم التشغيل وإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة لفائدة فئة لا يستهان بها من الفتيات والنساء من مختلف الأعمار والمستويات الدراسية، وكان لها التأثير المباشر على رفع مساهمة المرأة في عالم المال والأعمال على الرغم من أنها لا تزال في نسب محدودة نسبيا. فضلا على اتخاذ ترتيبات خاصة بتمكين النساء التوفيق، بين مسؤولياتهن المهنية والتزاماتهن العائلية من خلال إنشاء دور الحضانة وتعميم التعليم ما قبل التمدرس وهو الانشغال الكبير الذي عانت منه المرأة العاملة رغم النداءات المتكررة لمنظمات نسائية خاصة تابعة لنقابات العمال لأخذ هذا الانشغال بعين الاعتبار للتخفيف من الأعباء الثقيلة التي عادة ما تتحملها المرأة لوحدها ويكون ذالك في غالب الأحيان على حساب صحتها مثلما تؤكده وفي كل مرة النساء العاملات.