الاستمرارية، الاستقرار والأمن أولويات الخماسي المقبل يؤدي رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، اليوم بقصر الأمم نادي الصنوبر اليمين الدستورية أمام الشعب ومختلف هيئات الدولة وفق ما تقتضيه المادة 75 من الدستور التي تنص على أداء رئيس الجمهورية اليمين أمام الشعب بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة، خلال الأسبوع الموالي لانتخابه، ويباشر مهمته فور أداء اليمين. ومن المنتظر أن يعرف الحفل حضورا قياسيا كما جرت عليه العادة لإطارات سامية في الدولة والهيئات الوطنية، وممثلي البرلمان والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية والسياسية، ويرجح أن يتوجه الرئيس بوتفليقة بخطاب عقب أداءه اليمين الدستورية إلى الشعب يوضح فيه محاور برنامجه الخماسي الممتد من 2015 إلى 2019، مثلما أشار إليه في تصريحه عقب إعلان المجلس الدستوري النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، التي توجته رئيسا للبلاد لعهدة جديدة بنسبة 81.49 بالمائة من الأصوات. واستنادا إلى برنامجه الانتخابي، فإن الرئيس بوتفليقة رسم بدقة معالم المرحلة المقبلة، التي -كما قال- توجها استراتيجيا جديدا على درب تشييد ديمقراطية تشاركية، وترقية أكبر وحماية للحريات وحقوق الإنسان، والتعجيل بالنمو واستحداث مناصب العمل في إطار إستراتيجية تنموية متنوعة ومستدامة، ومحاربة بلا هوادة الفساد والبيروقراطية، ولذلك اقترح في برنامج العهدة الرئاسية الجديد على الأمة عقدا جديدا من أجل الترسخ بصلابة على درب التنمية والتقدم تحت شعار «معا، من أجل جزائر الغد التي تضمن مستقبلا أفضل للجميع»، يرتكز على تعزيز الاستقرار، ترسيخ ديمقراطية مطمأنة، تثمين الرصيد البشري بشكل أمثل، بناء اقتصاد ناشئ في إطار مقاربة تنموية مستدامة، تعزيز روابط التضامن الوطني. تعزيز استقرار بلادنا ولأن تعزيز استقرار البلاد جزء مهم من العقد الجديد الذي وعد بتجسيده، فقد أولى رئيس الجمهورية له أهمية حيث وضعه في سلم أولويات المرحلة الجديدة، وتعهد من أجل ذلك بمواصلة الجهود في سبيل تخليد قيم ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة، والحفاظ على مكاسب المصالحة الوطنية، من خلال العمل على ترقية الهوية الوطنية بمكوناتها الثلاثة: العربية، الأمازيغية والإسلام، رفض الاستغلال السياسيوي، مهما كان شكله، لإحدى مكونات الهوية الوطنية، ترقية تعاليم الإسلام الأصيلة: الإنسانية، التسامح، والتجانس الاجتماعي عبر المسجد، والتربية القرآنية وتثمين دور ومكانة الزوايا، وحماية واعتبار دائمين للمجاهدين والوطنيين لقاء التزامهم بخدمة الوطن. مع الاستمرار في احترافية وتحديث الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، وتزويده بالوسائل الكفيلة بمساعدته على أداء مهمته الجمهورية للدفاع عن سيادتنا الوطنية. الحوار المتبادل والموحد حول المصالح العليا للبلاد وباعتباره مهندس الإصلاحات السياسية التي شرع في تنفيذها منذ سنة 2011 بإطلاق جملة من المشاورات بين مختلف الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، وممثلي المجتمع المدني والتي توجهت بتعديل قانون الانتخابات، والأحزاب، ووضعت أرضية لتعديل الدستور المرتقب، فقد أثر الرئيس بوتفليقة مواصلة ديناميكية الإصلاحات السياسية لتكريس الممارسة الديمقراطية وممارسة الحقوق والحريات، وتحقيق وثبة نوعية جديدة على درب تعزيز الأسس الجمهورية للدولة وترقية حياة سياسية هادئة. وفي هذا المنظور، يعي رئيس الجمهورية أن الرهان يتمثل في تجاوز اختلاف التيارات السياسية والسعي إلى التوصل إلى أكبر قدر من التوافق والمشاركة، من أجل توسيع الإجماع الوطني حول التكفل بتحديات الحاضر والمستقبل التي تطرح، لاسيما من خلال تعديل الدستور. ولهذا الغرض، وعد بانتهاج مسعى شامل لتعبئة كل القوى المستعدة للتجمع من أجل خدمة المصلحة الوطنية، وكذا فتح حوار مكثف من أجل أن تحتل المعارضة مكانة تجعلها في منأى عن كل محاولات التهميش في الحياة السياسية، والبرلمانية، وفي مجال الوصول إلى المعلومة وإلى وسائل الإعلام، وفي غير ذلك من كل المجالات الأخرى لحياة الأمة. ترقية الديمقراطية التشاركية واللامركزية من بين الرهانات التي رفعها رئيس الجمهورية خلال هذه المرحلة الجديدة إعطاء المواطنة معناها الكامل، من خلال تطوير أطر مهيكلة وإجراءات شفافة تسمح للمواطنين بمناقشة السياسات العمومية وتبليغ وجهات نظرهم بغرض التأثير على القرارات. و في هذا الصدد وعد الرئيس بوتفليقة، بإلزام السلطات في كل المستويات على انتهاج التشاور مع المجتمع المدني كقاعدة سلوك دائمة ضمن أفق الشراكة. وسيستفيد المجتمع المدني من جهته، من برامج موجهة لتثمين تطوره النوعي من خلال تحسين تنظيمه على الصعيدين الوطني والمحلي، وقدراته التقنية ووسائل عمله، وهو الجهد الذي سيكون مصحوبا بتدابير لتعزيز الجماعات الإقليمية بوسائل وقدرات تكفل لها القيام بدورها بصفة أكثر فعالية في الدفع بالتنمية المحلية وتقديم خدمات عمومية واجتماعية ذات نوعية. كما ينتظر في هذا الإطار إدراج مراجعة التقسيم الإداري الراهن، وإتمام مشروع إنشاء جماعات إقليمية جديدة بغية التكفل تكفلا أحسن بضرورات التنمية المحلية وتقريب الإدارة من المواطنين أكثر فأكثر. تعزيز الحكم الراشد وتوسيعه يعي رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أنه بات من الضروري توسيع أشواط التقدم المحققة في مجال الحكامة في جوانبها السياسية والاقتصادية والمقاولاتية، التي ساهمت في تعميق المسار الديمقراطي والإنعاش الاقتصادي، ولذلك سيتم خلال الخماسي المقبل تعزيز مؤسسات الحكامة، قصد توطيد أركان دولة القانون وتحسين الشفافية، والمشاركة والمسؤولية في تسيير الشؤون العمومية الوطنية والمحلية. وفي هذا الإطار، سيصب جهوده على استكمال إصلاح العدالة وتزويدها بوسائل إضافية بغرض تعزيز استقلاليتها، ومصداقيتها في تطبيق القانون وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وأمن الأشخاص والممتلكات والنشاطات الاقتصادية. كما سيتعلق الأمر بتحسين الإطار التشريعي والتنظيمي لعمليات التسيير النقدي والمالي والجبائي والجمركي بالموازاة مع عمل متواصل من أجل تحسين المحيط الاقتصادي للمؤسسات وتسهيل عمليات الاستثمار.