الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بلدان مسلمان يقعان في شرق وغرب الحدود الإسلامية، وكما أمن انتصار الثورة الجزائرية ونيلها لاستقلالها بتاريخ الخامس من جويلية 1962 أثلج صدور الشعوب المتحررة والتي كانت تعيش تحت الغطرسة العالمية، فإن الثورة الاسلامية في إيران بدورها انتصرت في فيفري من عام 1979. يعتبر انتخاب فخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة على رأس رئاسة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بمثابة نقطة عطف جديدة في تعزيز وتثمين علاقات الأخوة بين البلدين، التي أدت إلى تبادل واسع لوفود المسؤولين السامين للبلدين وارتقاء مستوى العلاقات على كافة الأصعدة السياسية، البرلمانية الثقافية والتعاون الثنائي الإقليمي والدولي خاصة منه في المحافل والمنظمات الدولية منها منظمة الأممالمتحدة، حركة عدم الانحياز، المؤتمر الإسلامي، الأوبك، مجموعة 77 وغيرها. إن حكومة وشعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان ومازال يكن احتراما وتقديرا بالغين للموقف الحسن والمساعدات الكبيرة التي قدمتها له الحكومة والشعب الجزائري خلال خمسين سنة من تاريخ علاقاتهما الثنائية، ليس إلا لأن الجزائر كانت دائما داعمة لمباديء التحرر والعدالة، الحوار والحل السلمي للنزاعات. وعليه فإن الاعتراض الشديد الذي أبداه المرحوم أحمد بن بلة والمجلس المركزي لحزب جبهة التحريري الوطني ضد انقلاب 1953 في إيران ودعم اطلاق سراح الدكتور محمد مصدق الوزير الأول الإيراني في عهد الشاه، وكذا وساطة المرحوم هواري بومدين بين إيران والعراق لحل نزاع الحدود وامضاء اتفاقية 1975 قبل الثورة الإسلامية، لهي أمثلة واضحة على التزام الجزائر بمبادئ التحرر والحل السلمي للنزاعات. ومن الحقب المهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين الاجتياح العراقي للأراضي الإيرانية عام 1980 والذي لم تكتف الجزائر فيه بمعارضتها للاجتياح وعدم دعمها للعراق بل لعبت دورا وسيطا مهما في حل هذه الأزمة مثالا بارزا للنوايا الجزائرية العادلة والسعي وراء احلال السلام في كل الأمصار. قبول الوساطة الجزائرية من قبل الامام الخميني لتحرير اثنين وخمسين رهينة أمريكية احتجزت بطهران لمدة ناهزت 444 يوم بتاريخ 21 جانفي 1981 طبقا لبيان الجزائر والذين تم نقلهم بواسطة طائرة الخطوط الجوية الجزائرية من طهران إلى الجزائر ومن ثم إلى بلدهم تعتبر كذلك مثال على الثقة والاحترام الكبير الذي يكنه قادة وشعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية للحكومة والشعب الجزائري. ويتمتع البلدان حاليا بعلاقات ممتازة وارتباط على كافة الأصعدة والمستويات، كما يعرف تبادل وجهات النظر السياسية ازاء القضايا المتعلقة بالعالم الإسلامي واستتباب الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي على ضوء التدبير والتسيير الحكيم لفخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة، استمرارا واسعا. كما أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي الخامنائي اثنى على الثورة الجزائرية واستقلالها وكذا على الحكم الراشد التي يتمتع به هذا البلد تحت قيادة رشيدة خلال لقائه بكل من فخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية ومعالي السيد عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة الجزائري. حيث كان لهذه الإرادة السياسية القوية لقادة البلدين الأثر الكبير في إبرامك عدة اتفاقيات تعاون بين البلدين في كافة المجالات، وعقد اللجنة العليا المشتركة تحت إشراف الوزير الأول الجزائري والنائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ومع انتخاب الدكتور حسن روحاني في الدورة الحادية عشر للانتخابات الرئاسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومشاركة معالي السيد عبد القادر بن صالح في مراسيم أداء اليمين الدستوري لرئيس الجمهورية بإيران وفوز فخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية المنعقدة بتاريخ 17 أفريل 2014 ولقاء معالي السيد محمد جواد ظريف وزير الشؤون الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية مع فخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة على حاشية انعقاد اجتماع وزراء الخارجية لدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز المنعقد بالجزائر، عرف البلدان قفزة متميزة في رقي العلاقات الثنائية والعزم على توطيدها ودعم القضايا العادلة في العالم الاسلامي خاصة منها قضية فلسطين والعمل ثنائيا على احلال السلام واستتباب الأمن والاستقرار في العالم. تعد الجزائر الواقعة في غرب العالم الإسلامي، من الدول التي تعرف استقرارا وأمنا داخليا ومن الدول الناشطة والفاعلة في المشهد السياسي الدولي والجمهورية الإسلامية الإيرانية من الجهة الشرقية للعالم الإسلامي تعرف كذلك تطورا اقتصاديا كبيرا وتلعب دورا سياسيا إقليميا ودوليا كبيرا في سبيل احلال السلام واستتباب الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. والتوقعات المستقبلية للعلاقات الثنائية بين البلدين أصبحت واضحة وتصب في تأمين المصالح المشتركة للبلدين والشعبين المسلمين ودفع روح التضامن بين كل دول العالم الإسلامي من جهة وكل دول العالم المحترمة للإسلام والاستقلال والحرية من جهة أخرى. الجزائر في: 20 / 08 / 2014