لم يخف المجاهد محمد شريف عباس قلقه حول كتابة تاريخ الثورة للأجيال القادمة وذلك أثاء نزوله ضيفا على منبر الشعب ، خاصة والجزائر تستعد لإحياء الذكرى 53 لاستقلالها واسترجاع سيادتها ، والخروج من براثن الاستعمار الذي عمر أكثر من 130سنة ، مستغلا احتلاله للأرض في نهب الثروات، جاعلا من أراضيها حقول تجارب لمشاريعه الاستعمارية، معتمدا على سواعد الجزائريين من أبناء الوطن، لزجهم في الأعمال الشاقة وإقحامهم في حروب لا ناقة لهم فيها و لا جمل، كل هذه المتناقضات التي اجتمعت في فرنسا الاستعمارية، كان لزاما على جيل الثورة نقلها إلى الشباب الجزائري ليقرءوا تاريخ وطنهم و ليقفوا على حجم المعاناة التي تكبدها الإنسان والحيوان . ثم إنه من الواجب على جيل الاستقلال وعلى الأجيال التي تليه والأجيال القادمة أن يعرفوا قدسية التضحيات الجسام التي دفع أبناؤنا وإخوتنا ورفاق السلاح ثمنها الغالي وهي الشهادة أو النصر، فهي أعظم ثورة في تاريخ الإنسانية، مما يستوجب علينا تعظيمها لأنها كانت ثورة بين الحق والباطل ثورة بين الاستعباد والحرية، ثورة العرض والشرف، كانت حصيلتها قافلة من الشهداء مليون ونصف مليون شهيد. هي ثورة جلبت إليها المؤيدين والمحبين والمناصرين لأنها ببساطة جاءت من رحم الشعب ، الشعب الذي قرر أن ينهض عن بكرة أبيه وينسلخ من جلده ضد غطرسة قوى الحلف الأطلسي واللفيف الأجنبي. وفي رده عن سؤالنا حول كتابة التاريخ للأجيال التي من حقها أن تقرأ تاريخ الجزائر، وهل يمكن القول أن الرعيل الأول للثورة التحريرية قد بلغ رسالته وهو راض عنها ؟ أوضح المجاهد محمد شريف عباس بأنهم لم يوفقوا في تبليغ رسالة أول نوفمبر 1954 - 1962 للأجيال لأن هذا التبليغ لا يمر إلا عن طريق التربية الوطنية يبدأ من المدرسة ، متأسفا في السياق ذاته ، معتبرا أن ما يقف عليه اليوم في المنظومة التربوية ، لم يبلغ المستوى في نقل الرسالة إلى الأجيال الصاعدة ، مبررا ذلك من خلال ما لاحظه في اجتماعات سابقة لمجلس الوزراء ، مما جعل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة و أثناء تعديل الدستور يقرر إضافة مادة تستوجب تلقين تاريخ الثورة التحريرية للأجيال في المدرسة وهي جاءت بعد تدخلي في هذا الاجتماع . أما في رده عن سؤالنا المتعلق بتدوين كتابة تاريخ الثورة وهل وصلنا الغاية المنشودة قال المجاهد شريف عباس، بأننا لم نصل بعد إلى ذلك وحتى الشيء الذي كتب لم يكن في المستوى الذي نأمل ، مضيفا بأنه متألم كما يتألم الكثير من الإخوان عندما يقفون على حذف فقرة من فقرات النشيد الوطني وهي تلك المتعلقة بالمقطع الذي يدين فيه شاعر الثورة التحريرية مفدى زكريا فرنسا واصفا إياها “ يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوى الكتاب “، في هذه المسألة يقول المجاهد شريف عباس بأن تبريرات اللجنة البيداغوجية المتكونة من أساتذة وخبراء ومفتشين في التربية الوطنية ردت على هذا التصرف على أساس أن الفقرة سقطت سهوا، ليتساءل هنا وزير المجاهدين السابق ، هل يعقل هذا ؟ معتبرا بأن هذا النشيد جاء في الثورة التحريرية، بناء على طلب تقدم به قادة جبهة التحرير إلى الشاعر مفدى زكريا الذي نظمه وهو بالسجن ، فمن باب الأمانة التاريخية ، أن يبقى نشيد السلام كما هو ، دون تحريف ولا تزييف، أما إذا الدولة ارتأت أنه ملائم أهلا وسهلا وبإمكانها أن تختار نشيدا ثانيا ، أما أن نحرفه بهذه الطريقة فهذا غير مقبول، هذا على مستوى النشيد فقط أنتم لاحظتم ماذا حدث ، فمن حيث الفكرة هذا شيء غير مقبول أساسا، حتى لا نفتح بابا للتأويلات. أرجع المجاهد محمد شريف عباس كتابة تاريخ الثورة يجب أن يبدأ من المدرسة الجزائرية في المستوى الابتدائي ، بتخصيص مادة التاريخ ، معتقدا أنها أهم مرحلة للتلميذ وهي الفترة الخصبة لنقل المعلومات وحفظها وترسيخها في فكر الطفل الناشئة، أما دون هذه المرحلة يعتقد ضيف الشعب أنها صعبة بالنسبة لقدرة استيعاب التاريخ الذي يعتمد أساسا على التسلسل الزمني والشخصيات والوقائع والقرارات والمعارك ...الخ