يكبر الوطن في الذاكرة ... كما تكبر أحلام الشهداء في عليين .. تتعالى أرواحهم في الأفئدة ..كما في علياءها النجوم .. وهي تضيء الكون من مجرات بعيدة .. تحرس الجزائر وترفع شأنها، ملتهبة كالفوانيس .. يشع نورها من مشكاة .. أصلها الشعب وعنوانها الشهادة . يكبر الوطن كلما خط الشعب حروفه من ذهب .. يحافظ على استقراره وأمنه.. يمجد تاريخ أسلافه الخيرين الطيبين .. جاعلا من تضحياتهم القدوة المرجوة..مستمدا من شجاعتهم قوة لا تلين ولا تقهر أمام المصائب..والمحن. والجزائر تشعل شمعتها ال53 لاسترجاع سيادتها واستعادة حريتها المسلوبة ..هي شمعة نوقدها في أوجه التحرر من الطغيان والاستبداد .. شمعة الرفض لكل القوانين الجائرة .. شمعة تحرق كل أساليب القهر والجور... تكسر قيود الشر وتحطم كل المؤامرات الدنيئة... التي حاول فيها المستعمر طمس هويتنا ومرجعيتنا التاريخية ... لكن، هيهات هيهات، أمام صمود الصناديد من أبناء الشعب الجزائري ..الذين خرجوا عن بكرة أبيهم في تاريخ الخامس من جويلية رافعين الأعلام والرايات الوطنية .. ينادون باستقلال الجزائر يمجدون حياتها الأبدية ... حرة مستقلة... أعناقهم مشرئبة إلى السماء يرددون « تحيا الجزائر تحيا الجزائر»، في الشوارع والمدن والقرى وفي الأرياف.. كان الموعد نفسه يتجدد من بقعة إلى أخرى.. التراب الذي سقته دماء الشهداء الأخيار .. أولئك الذين وهبوا أنفسهم الشهادة.. مطلقين الدنيا وما فيها من الأحبة والأهل والخلان...مسربلين بألوان الشهادة والتضحية.. غير مبدلين.. ولا مخيرين، تسوقهم ملائكة الرحمة إلى جنان الخلد تاركين أرواحهم تحرس الوطن والأمكنة. جرح الجزائر ظل ينزف طيلة سبع و نصف شداد.. عانى فيها الجزائري كل ويلات الإساءة والتعذيب، لكنه في الأخير استطاع أن يلتف حول ثورته .. على كلمة سواء .. وكان الاستقلال خاتمة التضحيات، ما يجب أن يدركه جيل الشباب اليوم، أمام كل المحاولات التي تحاول التشكيك في ماضينا و في ثورتنا وتاريخنا وشهدائنا، بأنها أساليب استعمارية بليدة أكل عليها الدهر.. لا نقبلها ونرفضها جملة وتفصيلا ..لأن الجزائر كانت أعظم ثورة في العصر الحديث لا تشوبها شائبة، فهي ثورة بين الحق والباطل، ثورة من أجل أن نحيا أحرارا وأسيادا، ولا ننسلخ لدعاة الفتنة الذين ينمقون أحاديثهم فهي كالنقيع يصدع وحيدا، سرعان ما يختفي.